نحن نتكلم عن ملك متوج ترك عرشه وتجرد من ملكه ولد على الأرض فقير لا يملك شئ سوى قوته وسلطان الأعالي الذي ظل يلاحق البشرية على شكل معجزات وآيات لا يدركها العقل البشرى واذا تكلمنا عن تلك المعجزات سوف نكتب العديد من الصفحات، لكن سأكتفي بقول زرع فى الأرض سلام ومحبة نشر الحكمة حتى يرجع الإنسان عن أعماله الرديئة، كان يجول دون تعب يتكلم دون توقف يصنع المعجزات يترأف على الجميع ويفرح القلوب الحزينة، احب الجميع الخطاة قبل الأبرار وحين دقت الساعات الحزينة استقبلها بفرح لخلاص البشرية، ومن هنا بدأت رحلة الآلام الرحلة المريرة التي تذوق فيها الرب يسوع
جميع الألم الجسدي والنفسية.
– الآلام الجسدية للرب يسوع:
بدأت ألآم السيد المسيح منذ اللحظة الأولى من تسليمه حين قيد بالسلاسل دون جرم، ثم أخذوه إلى قيافا رئيس الكهنة وهنا تعرض يسوع المسيح لأول الألم وهو البصق على وجه ولطمه على خده دون وجه حق، وتستمر الأحداث الأليمة بوقوف يسوع أمام بيلاطس واعترافه أمامه بدون خوف بأنه يسوع المسيح أبن الله الوحيد وهنا أمر بيلاطس بجلد يسوع وتعرض الرب لأشد الألم أثناء الجلد حيث كان يخترق السيط جسده مما أدى إلى جروح عميقة فى أغلب الجسد نتج عنها نزيف شديد وتهتك فى الجسم، وتحمل يسوع فى تلك الوقت ألآم لا يحتملها الجسد البشرى الطبيعى ولكنه صمد دون استسلام ليستكمل طريق الألم الذى بدء.
وبعد الجلد أخذوه الجنود ليرجع مرة أخرى إلى بيلاطس وأثناء السير ضفر الجنود إكليلا من الشوك ووضعوه على جبين الرب يسوع وضرب أحد الجنود بقسوة على إكليل الشوك فاخترق الشوك جبينه نتج عن ذلك إصابات بالغة فى الجمجمة، ولم يرحموا الجنود بعد بل أحاطوا به ولطموه على وجهه وهو فى عز آلامه الجسدية ونتج عن ذلك انتفاخ في الخد الأيسر والأيمن.
وقف يسوع أمام بيلاطس مرة أخرى وتتوالى الأحداث وأمر بيلاطس بصلب يسوع دون ارتكاب ذنب، تحمل المسيح كافة الألم بصبر وإيمان وقوة ولكن جسده الضعيف ما عاده يحتمل أثناء طريقه إلى الجلجثة عانق يسوع صليبه باشتياق لأنه النجاة من الألم وحمله يسوع بكل حب ولكن جسده الضعيف لا يستطيع التحمل فسقط يسوع على الأرض وسقط الصليب فوقه وكان للصليب وزن هائل فنتج عن سقوطه على يسوع إنتفاخات فى حاجب العين وتمزق جفن العين اليمنى وكسر فى الأنف ولم تنتهى الألم بعد.
حان وقت الصليب وتجرد الرب عن ملابسه ووضع أعلى صليب وفتح يسوع يده لخلاص العالم واخترق المسمار شريانه دون جرم بل كان فداء من أجل البشر حمل عنهم صليب الخطايا حتى يتطهروا من ذنوبهم.
وحين عطش رب المجد سقوه مر وحين أتت ساعة الخلاص وسلم الروح طعنوه بالحربة فى جنبه ليتأكدوا أنه مات، كم من ألالم تحملها يسوع من أجل البشر.
_الألم النفسية للرب يسوع أثناء رحلة الآلام :
بدأت الآلام النفسية عند الرب يسوع وقت دخول يهوذا عليه ليقبله قبلة الخيانة والخداع، قبلة تحمل كل معاني القسوة وتعكس صورة لوجه أخر، قبلة ترسم طريق العذاب والآلام، ورغم الألم النفسى الذى كان يشعر به يسوع إلا أنه استقبل تلك القبلة بمحبة وسلام بنظرة عطف وبصدر رحم، ما أعظمك يا إلهي قبلة الخيانة أمامها أخرى بمحبة.
هكذا كان بداية الألم النفسي وتتوالى الأحداث ويهان الملك المتوج الذي ترك عرشه من أجل الإنسان فيرفضه ويهينه، وقف يسوع فى المجلس وقال انه هو يسوع المسيح ابن الله الوحيد فتلقى لطمه على خده واخرى وغيرها العديد وبصقوا عليه وكان ذلك من أشد الآلام النفسية التى لا يتحمله أى انسان طبيعى فى تلك الوقت لا يشعر يسوع بالألم الجسدي لأن الألم النفسى كان أقوى بكثير.
تألم يسوع حين وجد نفسه وحيد ليس له معين حين هرب تلميذه وتركوه دون سند رغم انه يعلم كل تلك الأحداث ولكنه كان ينزف داخليا كما ينزف خارجيا.
نظر الرب يسوع نظرة عتاب ولوم للحبيب بطرس الذى كان لا يتركه أبدا نظر له حين نكرة ثلاث مرات قبل صياح الديك، كما قال له من قبل، تلك النظر كانت تحمل كل معانى الآلام النفسية التي لا ترى، لذلك أرتبك بطرس بعد نظرة الرب له وبكى بشدة ولكن بعد فوات الأوان.
أحب يسوع البشر وصنع لهم العديد من المعجزات وكان يجول ليعلمهم ولكنهم كانوا يهتفون “يصلب..يصلب..يصلب”وكان تلك جرح عميق فى قلب يسوع وكان الأصعب حين أختار الشعب المجرم والقاتل حتى يصلب يسوع.
وهكذا تكتمل الرؤية بأن ليس يهوذا وحده الذى خان يسوع بل الجميع خانوه تلاميذه الذين هربوا وتركوه واحده خانوه، بطرس الذي نكره خانه، شعبه الذي كان يلتف حوله ليصنع لهم المعجزات ويشفي أمراضهم خانوه، تحمل يسوع هذه الآلام النفسية بصمت حتى يخلص النفوس وأول كلمة قالها على الصليب “ياأبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”.
هنا ندرك أن الآلام النفسية والآلام الجسدية للرب يسوع كانوا أقسى من بعض لا يتحملها إلا يسوع المسيح الإله العظيم الذى هلك من أجل البشر حتى يعطيهم حياة جديدة وحتى يكتمل الفداء.