تبدأ نبؤات هذا اليوم بكلام موسى لبنى اسرائيل فى (تثنية ١١: ٢٩ الخ و ١٢: ١-٢٧ ) “لأَنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ لِتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُكُمْ يُعْطِيكُمْ. تَمْتَلِكُونَهَا وَتَسْكُنُونَهَا. فَاحْفَظُوا جَمِيعَ الْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ الَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ الْيَوْمَ لِتَعْمَلُوهَا”.
فلنتذكر اننا ايضا عابرون الصوم المقدس لندخل ونمتلك الأرض المعطاة لنا من الرب: ملكوت الله. “تُخْرِبُونَ جَمِيعَ الأَمَاكِنِ حَيْثُ عَبَدَتِ الأُمَمُ الَّتِي تَرِثُونَهَا آلِهَتَهَا … وَتَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ”.
يجب علينا قبل بلوغ الأرض الجديدة، ملكوت الله، ان نهدم انسان الخطية بالتوبة الحقيقية لنستحق ان نوجد فى حضرة الرب ونفرح معه فى الملكوت، كما يقول السفر “فَمَتَى عَبَرْتُمُ الأُرْدُنَّ وَسَكَنْتُمُ الأَرْضَ الَّتِي يَقْسِمُهَا لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ، وَأَرَاحَكُمْ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكُمُ الَّذِينَ حَوَالَيْكُمْ وَسَكَنْتُمْ آمِنِينَ، فَالْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ، تَحْمِلُونَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا أَنَا أوصيكم به … وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ أَنْتُمْ وَبَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ”.
النبؤة الثانية من (ملوك الأول ١٧ ) وتحكى عن إيليا الذى اختبأ عند نهر كريت وكان الرب يرسل إليه الغربان لتعوده بالخبز واللحم صباحا ومساء. ولما جف النهر إذ لم يكن مطر وكانت مجاعة شديدة، أمره الرب أن يذهب إلى صرفة صيدا حيث الأرملة التى أمرها الرب أن تعوله. وبالفعل ذهب إيليا الى الأرملة وطلب منها ماء الشرب وكعكة ليأكل. “فَقَالَتْ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُكَ، إِنَّهُ لَيْسَتْ عِنْدِي كَعْكَةٌ، وَلكِنْ مِلْءُ كَفّ مِنَ الدَّقِيقِ فِي الْكُوَّارِ، وَقَلِيلٌ مِنَ الزَّيْتِ فِي الْكُوزِ، وَهأَنَذَا أَقُشُّ عُودَيْنِ لآتِيَ وَأَعْمَلَهُ لِي وَلابْنِي لِنَأْكُلَهُ ثُمَّ نَمُوتُ”. لكن إيليا قال لها “لا تخافى … لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ كُوَّارَ الدَّقِيقِ لاَ يَفْرُغُ، وَكُوزَ الزَّيْتِ لاَ يَنْقُصُ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُعْطِي الرَّبُّ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ الأَرْض”. وقد تحقق ذلك فعلا. لكن تمضى الأيام ويمرض الابن الوحيد الذى للأرملة ويموت. “وَصَرَخَ إليا إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: يَا رَبُّ إِلهِي، لِتَرْجعْ نَفْسُ هذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ. فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ”.
المرأة الغريبة دعاها الرب لخدمته ولخدمة نبيه إيليا، وهى استجابت فنالت البركات من الرب. ألا يذكرنا هذا بالمرأة السامرية الغريبة التى دعاها المسيح فلبت النداء؟ الجميع مدعوون للملكوت، والغرباء قد يسبقون المختارين فى الوصول إليه.
يتحقق فى النبؤتين السابقتين قول الرب فى النبؤة الثالثة “لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي. إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، مُخَلِّصُكَ”.
ثم نسمع معاناة أيوب الشديدة بتفاصيلها المؤلمة كما يصفها فى (أيوب ٣٠، ٣١، ٣٢ ) وهو غير فاهم لها ولا لما كان الداعى إليها. فقد كان الفكر السائد حينذاك ان التجارب ما هى إلا عقاب من الله على الخطية. استخدم أصدقاء أيوب هذا المنطق فاتهموه بأنه بالتأكيد أخطأ ضد الله فناله هذا العقاب الشديد، لكن يعقوب يدافع عن نفسه بشدة ضد هذا الاتهام الذى زاد من ألمه، ويعاتب الرب لأنه “عاقبه” رغم انه كان يسلك بالبر. “قَدْ طَرَحَنِي فِي الْوَحْلِ، فَأَشْبَهْتُ التُّرَابَ وَالرَّمَادَ. إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ … لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ، فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي … فَكَفَّ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ عَنْ مُجَاوَبَةِ أَيُّوبَ لِكَوْنِهِ بَارًّا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ. فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيهُوَ بْنِ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيِّ مِنْ عَشِيرَةِ رَامٍ. عَلَى أَيُّوبَ حَمِيَ غَضَبُهُ لأنَّهُ حَسَبَ نَفْسَهُ أَبَرَّ مِنَ اللهِ. وَعَلَى أَصْحَابِهِ الثَّلاَثَةِ حَمِيَ غَضَبُهُ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا جَوَابًا وَاسْتَذْنَبُوا أَيُّوبَ”. وسنسمع فى الأيام القادمة رد أليهو وسوف نرى كيف نجى الرب أيوب من تجربة الشيطان له ورد إليه فرحه الأول.
انجيل باكر من (مرقس ١٢: ٢٨-٣٤ ) يحكى عن واحد من الكتبة جاء يسأل يسوع “أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْن”.
يوصينا بولس الرسول فى (رسالته للعبرانيين ١٢: ٥-١٦) “ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ … وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ”. وقد رأينا التأديب فى قصة أيوب البار وأما عاقبتها فكانت بر وسلام وبركة لامتناهية.
ويقول (بطرس الرسول أيضا فى رسالته الأولى ٤: ١٥ الخ) “فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.”
فى انجيل القداس من (يوحنا ٨: ٢١-٢٧ ) يتحدث يسوع عن نفسه كمخلص العالم ومانح الحياة لأنه هو والآب واحد، لكن اليهود لا يفهمون أنه كان يكلمهم عن الآبُ. “أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ … إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ … الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ. وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ”.