أفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى المجمع المتكامل لإصدار الوثائق المؤمنة والذكية، وتفقد منشآت المجمع وخطوط الإنتاج المختلفة، والتي ستتضمن إصدار مختلف الوثائق الحكومية من خلال منظومة مركزية موحدة على المستوى القومي تضمن حوكمة إصدار وثائق الدولة بأحدث مواصفات التأمين العالمية مثل الشهادات للمراحل التعليمية، وجوازات السفر المؤمنة، ووثائق معاملات الأحوال المدنية بأنواعها، وكافة وثائق الشهر العقاري، والعقود الحكومية النموذجية، والبطاقات الذكية وغيرها من الوثائق .. ويعد المجمع صرح تكنولوجي عملاق فائق القدرات الفنية المتطورة في مجال تصنيع وإصدار الوثائق الثبوتية المؤمنة، وهو الأكبر والأحدث من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كما يمثل قيمة مضافة كبيرة لدعم استراتيجية الدولة للتحول الرقمي والميكنة خاصة ما يتعلق بالوثائق والبيانات والمحررات لجميع الجهات الحكومية .. يعد المجمع أحدث المشروعات التكنولوجية التي تنفذها الدولة، كما يعد أحد أدوات الدولة لدعم التحول الرقمي بشكل مميكن ومؤمن، يجعل المواطن يشعر بتغيير في شكل الخدمات بشكل عام وميسر، يعمل المشروع على تنفيذ ” الحوكمة “، ويوفر لكل قطاعات الدولة إحصاءات وتطبيقات، وتقارير مناسبة لمتخذي القرار ..
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن أراضي الدولة والأوقاف يجب أن يكون لها وثائق خاصة بها، من خلال تحقيق الدقة ويكون لدينا مستندات لملكية الدولة .. لذلك صرفنا ما يقرب من مليار دولار لتنفيذ مجمع الوثائق المؤمنة، للاستفادة من هذا المجال الكبير”، وأضاف : إن البيانات والمعلومات المؤمنة “كنز” وفى نفس الوقت “عورة”، وأن المجمع الجديد لديه القدرة على هذا الأمر .. وقال الرئيس : ” لما يكون لدينا معلومات كاملة عن أى مواطن .. كل جهة تطلع على الجزء الخاص به فقط من خلال البطاقة الخاصة.. ادخل على المستشفى، تشوف التاريخ الطبي للمواطن فقط، ولا يتم الاطلاع على باقى المعلومات الأخرى” .. وقال الرئيس السيسى : ” علينا توثيق كل البيانات الحكومية بشكل كامل، بداية من الأراضي والمنشآت الخاصة بالدولة، بمعنى أنها تكون وثيقة تدل على أنها مملوكة للدولة .. وبالتالي علينا إحياء كل البيانات والوثائق وتحقيق هذا التوثيق خلال 6 شهور إلى عام “.
قاعدة بيانات متكاملة
من جانبه قال الدكتور محمد معيط وزير المالية : إن هناك تعاونًا كبيرًا بين مجمع الوثائق المؤمنة والذكية والوزارة، من خلال بناء قاعدة بيانات متكاملة والتكامل بين كافة الجهات المعنية مثل مصلحة الجمارك والضرائب والتأمين الصحى الشامل وغيرها فضلاً عن تقليل الفاقد من إيرادات الخزانة العامة للدولة، والحفاظ على حقوق الدولة وتيسر عملية تتبع المنتجات فيما يتعلق بالضرائب والجمارك ، وأضاف “معيط” : إن الدولة كانت تستورد ما بين 5.5 إلى 6 مليار من الطابع الضريبي ” البندرول للحد من التهرب الضريبي بتكلفة 430 مليون جنيه يتم تحويلهم إلى عملة صعبة ، وذلك فى إطار وضع آليات محكمة لحصر حجم الإنتاج وصولاً إلى تحقيق منظومة متكاملة للتتبع .
وأوضح “معيط ” أن الدولة كانت تستورد هذا الطابع الضريبي من أوروبا، وبالتالي تم إنتاج هذا الطابع من قبل المجمع بالعملة المحلية فى إطار التعاون بين الضرائب والمجمع الجديد، وجار توفير 6 مليارات طابع ضريبى لمصلحة الضرائب، وبالتالي توفر العملة الصعبة لأن التعاقد بالعملة المحلية ، مشيراً إلى أن عمليات البيع والشراء بعقود تصل إلى 500 مليار جنيه وعند تزوير هذه العقود وإحداث تلاعب بها، فإن هذا يضيع إيرادات على الدولة / منوهاً أن هناك 15 نوعًا من العقود في الدولة، مثل الشراء والبيع والإيجار والرهن، وجرى الاتفاق على نماذج محددة منها، لتكون مميكنة ولا يتلاعب بها أحد بشكل معين يستحيل تزويره، إضافة إلى وضعها على قواعد بيانات وبذلك تكون في أمان .
وأشار الدكتور ” معيط ” إلى أن هذا سيفيد في قطاع الجمارك لأن هناك بضائع تدخل البلاد دون مخالصات، وتؤذي الصناعة الوطنية ولا يتم تحصيل مستحقات الدولة فيها، ما يضيع على الدولة حصيلة من الضرائب ، موضحاً أن الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تصدر من خلالها فواتير وغيرها من المستندات، وإذا حدث تزوير فيها فإن هذا سوف يؤدي إلى العديد من المشاكل، ولكن كل هذا سوف يتم تأمينه جيدًا، مشدداً على أن بعض المنتجات كانت تضطر الدولة إلى استيرادها والتعامل معها يدويا مثل الطابع البريدي الخاص بالبضائع، مما يعرض الدولة للتزوير والتهريب .
أكبر مصانع العالم لـ ” الورق المؤمن ”
من جانبه قال السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب إن المجمع الجديد الذي يعد أول مجمع متكامل في المنطقة والشرق الأوسط يضم أكبر مصنع في العالم لـ ” الورق المؤمن ” ومصانع لإصدار بطاقات الهوية وجوازات السفر والبنكنوت بداية من تصنيع المواد الخام وتصنيع البطاقات الذكية وكروت الخدمات الموحدة لتوفير الوقت والجهد على المواطنين للحصول على الخدمات الحكومية بشكل عام، وأشار ” بيومي ” إلى أن المجمع يجذب المستثمرين من خلال تدشين مشروعاتهم في مصر لما يحققه النظام الرقمي من سهولة في الإجراءات والمعاملات وبالتالي يرفع مستوى التنافسية في الاقتصاد.
وأكد بيومي على أن التحول الرقمي الذي تسعى الحكومة المصرية للتوسع في تنفيذه على مدار السنوات الماضية يعني أن تصبح كل الخدمات التي توفرها الحكومة والمعاملات التي تتم بالمصالح المختلفة بشكل إلكتروني فقط، بدلاً من الإجراءات الكثيرة والروتين، الذي يستغرق وقتًا وجهدًا طويلاً، بما يمثل إهدارًا للطاقات المنتجة وتشجع المستثمرين على تدشين مشروعاتهم في مصر ، موضحاً أن التحول الرقمي للحكومة هو توجه عالمي، وبدأت مصر تتحرك إليه منذ فترة في خطوات تدريجية من خلال رفع وعي المواطنين بالفكرة وبكيفية التعامل مع الوسائل الإلكترونية، إلى جانب جهود وزارة الإتصالات في رفع كفاءة البنية التحتية لشبكات الإتصالات والإنترنت لتقديم الخدمة بكفاءة للمواطنين .
ضرورة وليس رفاهية
وأشارت الدكتورة فائقة الرفاعي نائب محافظ البنك المركزي الأسبق إلى أن التحول الرقمي أصبح ضرورة وليس رفاهية، لتفعيل إجراءات الحكومة الاحترازية لمواجهة أزمة فيروس كورونا ، مؤكدة على أن أهمية التحول الرقمي لم تنعكس فقط على المواطن بل ساعد أجهزة الدولة وسرعة التدخل والتحرك لعلاج أي تقصير في أي خدمة مقدمة للمواطن ، منوهة أن التحول الرقمي لأجهزة الدولة يلعب دورًا في القضاء على الفساد ومواجهة أي تقصير في حق المواطن.
تحسين كفاءة النظام الاقتصادي
وأضوح الدكتور أمير فؤاد سوريال الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة والخبير فى مجالات الذكاء الإصطناعى ، قائلاً : إننا نعمل على شقين فى التعامل بيانات ومعلومات الدولة والشركات والأفراد أولاً الحفاظ عليها بأستخدام الذكاء الإصطناعى ، والتى بدورها تحقق المزيد من الفوائد للدولة بعد تحليلها ، والثانى أن الدولة تعمل على تأمينها ضد محاولات ” الهاكينج ” سواء بالإطلاع عليها أو القيام بالتعديل عليها أو إتلافها دون وجه حق ، وأضاف الدكتور أمير سوريال : إن مجمع البيانات هو مكان واحد يجمع مجموعة من الحاسبات التى تحتفظ بالبيانات و المعلومات الهامة بشكل مؤمن يُساعد الباحثين ومتخذى القرار على دراسة أو توقع أرقام أو مؤشرات مستقبلية خاصة بمشروع ما أو بإستهلاك مواد معنية أو بالاقتصاد ككل ، كما تساعد هذه البيانات والمعلومات صانع القرار على دراسة مدى تحقق الإكتفاء من موارد معينة بشكل عملى بعيد عن التقديرات العشوائية والنتائج الغير قابلة للقياس ، وبالتالى فإن كل ذلك له الفوائد اقتصادية كتلافى حدوث نقص فى سلعة ما أو اكتشاف حدوث تغييرات سلبية أو إيجابية والعمل على حل المشاكل من جذورها ، فمثلاً تجميع بياتات حول مشروع تبطين الترع الذى تم إنجاز جانب كبير فيه ، يساعد على التأكد من مدى تحقيق المشروع لأهدافه ، والوقوف على الكم المستخدم من المياه ومدى الحفاظ على هذه المياه من التسرب وبالتالى فالفاقد أقل .. وذلك باستخدام تكنولوجيا متقدمة لتحليل واستنباط المعلومات الجديدة والمفيدة ، مما يساعد على تحديد مكاسب المشروع ومن ثم العمل على تعميمه بكافة محافظات الجمهورية ، وهذا مثال على قوة البيانات وفائدتها ، وذلك بعكس ما كان يحدث من 20 أو 30 سنة ماضية حيث كان يتم اتخاذ القرارات بشكل تقديرى غير دقيق .
وأشار الدكتور أمير فؤاد سوريال إلى واستخدام التكنولوجيا الحديثة مبنى على استخدام البيانات من خلال الذكاء الإصطناعى ، وأن الكيان الجديد سيعمل على إيجاد بيئة جيدة للشركات ومنها شركات تكنولوجيا المعلومات ، منوهاً أن الدولة تعمل على ميكنة الإجراءات الحكومية وتسهيل الخطوات المختلفة أمام المواطنين ، مشيراً إلى هذا المشروع يُعد جزئية صغيرة من خطة كبرى للتنمية التكنولوجية خاصة على مستوى الذكاء الإصطناعى وعلوم الحاسب والبيانات ، كما أن الدولة تعمل على بناء استراتيجية للذكاء الاصطناعي ، منوهاً أن هذا هو طريق المستقبل وأن الدولة المصرية تتخذ خطوات جادة للمضى فيه ، وأن لكل ذلك العديد من التطبيقات الحديثة سواء على مستوى قطاع تكنولوجيا المعلومات أو بالعديد من القطاعات الأخرى ، سواء فى الزراعة أو الصناعة والطاقة والتعدين أو الاقتصاد ككل .. فكل قطاع له البيانات والمعلومات الخاصة به وبالتالى يُمكن استنباط معلومات مفيدة منها ، ونتيجة هذه المعلومات المفيدة نستطيع تحسين كفاءة أنظمة اقتصادية .