بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وقع قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على ثلاث وثائق لدعم تنظيم الأسرة ومكافحة ختان الإناث وجميع أشكال العنف ضد المرأة، وذلك في إطار مشروع تعزيز استراتيجية مصر القومية للسكان، بدعم من الاتحاد الأوروبي.
ويهدف مشروع تعزيز استراتيجية مصر القومية للسكان إلى زيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة بشكل طوعي وعلى أساس حقوق الانسان، وذلك بدعم ٢٧ مليون يورو في شكل منحة مقدمة من الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
أقيمت فعالية التوقيع في المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بحضور قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والأنبا يوليوس، أسقف الخدمات العامة والاجتماعية والمسكونية.
وشارك بالحضور أيضا سفير الاتحاد الأوروبي بمصر السيد كريستيان برجر، ومستشار ومدير إدارة التنمية والتعاون في الأعمال التجارية بسفارة النرويج بمصر أريلدأوكسنيفاد، كل من رئيسة المجلس القومي للمرأة د. مايا مرسي، وأمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة د. سحر السنباطي، وممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان بمصر السيدة فريدريكا ميير.
وقال البابا تواضروس الثاني: “العنف ضد المرأة هو امر مرفوض تماما بكل صورة من الصور … وختان الإناث جريمة ويعاقب عليها من قام بها ومن اشترك فيها ومن ساعد عليها وهكذا. أخيرًا، يعد تنظيم الأسرة تنظيم للمجتمع بأكمله.”
وفي الوثيقة، تؤكد الكنيسة القبطية على أهمية تنظيم الأسرة وضرورته لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية التي تهدد الاقتصاد المصري، وموارد ومستقبل البلاد. ونوهت الكنيسة على أن وسائل تنظيم الأسرة لا ينبغي أن تضر بصحة الأم أو المولود.
وفي الوثيقة الثانية، اعتبرت الكنيسة ختان الإناث أنه “انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان” والذي يشكل تهديد خطير لصحة الفتيات والنساء. كما أنه قد يتسبب في مشاكل صحية ونفسية واجتماعية طويلة الأمد.
كما تؤكد الوثيقة الثالثة موقف الكنيسة من مبادئ المساواة بين الجنسين كما ورد في الكتاب المقدس، وترفض جميع أشكال العنف، سواء كان هذا العنف جسدياً أو لفظياً أو معنوياً، ضد النساء والفتيات. كما تنص الكنيسة على أن لكل امرأة الحق في حياة صحية وآمنة خالية من جميع أشكال العنف سواء في المنزل أو في العمل أو في الأماكن العامة.
وقالت د. مايا مرسي: “السؤال الأول الذي يُطرح علينا دائمًا هو حول وجهة نظر الدين … نحتفل اليوم بست سنوات من الشراكة المثالية مع الكنيسة، والعمل مع المكرسات والعمل مع مدرسات مدارس الأحد في مختلف المحافظات وعملهم مع الواعظات التابعات لوزارة الأوقاف. ذلك مثال عظيم لرؤية مصر للحماية ورؤية العمل الوطني المشترك على الأرض.”
وأكدت السيدة فريدريكا ميير على أن “الدين جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للعديد من المجتمعات، مما يمكن الزعماء الدينيين من تبديد المفاهيم الثقافية الخاطئة المنسوبة خطأً إلى الدين، ويمكنهم إلقاء الضوء على فوائد تحسين نوعية الحياة، ورفاه العائلات والمجتمعات، وتحسين صحة الأم والمواليد الجدد، والحد من الفقر وتعليم الفتيات.”
هذا، وسيتم نشر الوثائق في ١٢٠ كنيسة. ويشرك مشروع تعزيز استراتيجية مصر القومية للسكان بدعم من الاتحاد الأوروبي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان المؤسسات الدينية مثل أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والمسكونية والمركز الإسلامي الدولي للدراسات والبحوث الاسلامية بجامعة الأزهر لتشجيع القيادات الدينية لنشر رسائل المشروع عن تنظيم الأسرة بين مجتمعاتهم.
وقد أشاد السفير كريستيان بيرجر، رئيس الاتحاد الأوروبي بمصر، بالتزام البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، وبالجهود الحثيثة التي تبذلها أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والمسكونية من أجل الرسائل القوية والإجراءات لدعم تنظيم الأسرة وكذلك لمكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة بشكل عام وختان الإناث بشكل خاص.
وقال: “إن الاتحاد الأوروبي ملتزم بدعم تنفيذ الاستراتيجية القومية للسكان في مصر من خلال زيادة الوعي بقضايا تنظيم الأسرة والسكان دعماً لاستراتيجية التنمية المستدامة في مصر.” وأكد السفير بيرجر أن الاتحاد الأوروبي هو أحد الداعمين الرئيسيين في جميع أنحاء العالم لمكافحة ختان الإناث والعنف ضد المرأة. وقال السفير: “أثني على كل جهد كبير يُبذل لمكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة ولاسيما تلك التي يقودها المجلس القومي للمرأة والوزارات التنفيذية والمؤسسات الدينية في مصر مثل الكنيسة القبطية والأزهر ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني لالتزامهم الشديد نحو بيئة خالية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.”
يذكر أنه خلال أول ثلاثة أعوام من المشروع، شارك أكثر من ٤٠٠٠ من القادة الدينية المسلمين والأقباط في أنشطة مختلفة في اطار المشروع، منهم حوالي ١٠٠٠ تم الوصول اليهم من خلال حملات، و٨٠٠ شاركوا في تدريب المدربين، مما أدى إلى تدريب أكثر من ٢٠٠٠ من القادة الدينية الآخرين، الذين وصلوا في النهاية إلى ما يقرب من ١٦،٠٠٠ عضو في مجتمعاتهم. كما شارك حوالي ٢٠٠ من القادة الدينية من المسلمين والأقباط في ورشات عمل مشتركة للدعوة إلى تنظيم الأسرة.