قال الأستاذ الدكتور جوزيف رامز أمين , أستاذ بمعهد الدراسات الأفريقية: لعل المتابع لسيل التصريحات والاستفزازات الإثيوبية نحو مصر كدولة وكيان حضاري هام يستنفره على الفور مايدعيه الاثيوبيين أننا لا نريد التنمية لهم أو أننا تستأثر بالنصيب الأكبر من مياه نهر النيل والثابتة عند 55.5 مليار متر مكعب منذ عام 1959 رغم تضاعف عدد سكان مصر عدة مرات منذ ذلك التاريخ
وأضاف: ينكرون علينا جملة وتفصيلا حقوقنا التاريخية فى مياه نهر النيل,وكل الاتفاقيات والمعاهدات المقننة لاستخدام النهر الخالد والغالبية منها موقعة “زمن الاستعمار”تماما “اتفاقيات الحدود التي أقرتها “منظمة الوحدة الإفريقية :سابقا”,ناهيك طبعا عن الاستخفاف بمطالبنا العادلة في مياه النهر والتي يدافع عنها الرئيس السيسى وكل أجهزة الدولة وكافة مفاوضى مصر بكل استبسال واخلاص للوطن العظيم ونيله الخالد.ورغم أنه يستفزنى التسلط والغرور الاثيوبى وحرصهم الشديد على إفشال المفاوضات الثلاثية المتجددة …وآخرها “مفاوضات كينشاسا “والتى سبقها مفاوضات شاقة طيلة 10 سنوات كان أهمها “مفاوضات واشنطن فى أواخر 2019 وأوائل 2020 والتى تغيبت عنها اثيوبيا يوم التوقيع على نتائجها…ناهيك عن رفض كل المبادرات والحلول والاقتراحات والوساطات التي يتقدم بها أي طرف كان.والأدهى أنهم يدعون ملكيتهم للنهر وأن مسألة الملأ الثانى لخزان سد النهضة فى يوليو القادم هي أمر محسوم ليس محل تفاوض أو نقاش مهما كانت أضراره أو نتائجه السلبية لدولتي المصب:”مصر والسودان”.
وأضاف: لعل الأخطر فى وجهة نظرى هو الإيمان بوجهة نظرهم الخاطئة المليئة بالمغالطات وتزوجيهم لها فى الميديا الاثيوبية ولدى رجل الشارع أو المواطن العادى,وكأن مشاكلهم المتراكمة هذه الأيام سواء “الحرب العرقية “الواضحة للعيان وآثارها فى إقليم تيجراي وكافة أقاليم إثيوبيا التسعة وتعثر إجراء الانتخابات البرلمانية وكل المشاكل والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأوضاع الحالية قد انتهت…ولم يتبقى سوى العداء لمصر والحقد الدفين عليها ودفعها مضطرة الى حافة الهاوية…كما نلمس فى التقرير التالى , والذى اكتشفه الكاتب من متابعة أجهزة الإعلام والصحافة الاثيوبية مؤخرا,وما يردده الإثيوبيون في جلساتهم وأحاديثهم. مصر ليست وحدها “هبة النيل”، بل كل دول حوض النيل هي كذلك (عنوان استشفه الكاتب من متابعته للميديا الإثيوبية مؤخرا).
وأوضح أستاذ الدراسات الأفريقية: تدرس هذه المقالة الأفكار والآراء العامة المشتركة فيما يتعلق بسد (النهضة) على نهر النيل بناءً على أبحاث ومتابعات تمت مؤخرا، من مجلات وصحف محلية اثيوبية وتتضمن استطلاع آراء عبر مقابلات مباشرة مع السكان المحليين وخبراء في الهندسة من خلال الميديا.
مضيفا: مضمون التغطية الصحفية والإعلامية الاثيوبية لقضية “سد النهضة”: إذا كانت هناك نقطة لا ينبغي نسيانها في أي ظرف من الظروف، فهي عدم تجاهل كلام الله أبداً، والذي لا ينبغي التلاعب به من أجل المصالح الشخصية لأي كان. كل شيء خُلق ومُنح لجميع البشر ولذلك نستخدم كل شيء بالتساوي. لا شيء يُمنح لأحد بعينه، لأننا جميعاً متساوون في نظر الله القدير. يجب أن تكون المحادثة المتعلقة بسد نهر النيل منفتحة وإيجابية اجتماعياً. لا ينبغي للمرء أن يفكر في ملكية النهر لأنه يَعْبُر ثلاث دول من أرض المصدر وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط.
مشيرا الى أن معظم الأبحاث والمقابلات إلى أن القضية أثارت جدلاً لفظياً على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظيت بتغطية في معظم وسائل الإعلام الدولية المعروفة لدرجة أن إحداها تنذر باندلاع حرب، على الرغم من معرفة نتائج الحرب , ومعظم وكالات الأنباء المحلية (وكالات الأنباء الإثيوبية، بشكل عام)تنشر تقارير ومقابلات، وكذلك تتناول القضايا المتعلقة بالاجتماعات التي أجريت بشأن نهر النيل بين البلدين (إثيوبيا ومصر). ويبدو أن البلدين يواجهان صعوبات في إيجاد أرضية مشتركة لحل سوء التفاهم بطريقة هادئة, ولم ترد أي تقارير حديثة عن تطوير السد أو حتى كيفية أو موعد المرحلة الثانية ملء خزان سد النهضة , ولكن معظم التقارير الصحفية أشارت إلى أن الخلاف يتصاعد لأن مصر لا يمكن أن تقبل فكرة أن السد لن يسبب ضرراً لكمية المياه التي ستحصل عليها مثل الأيام العادية الأخرى.
ومستطردا: إن جميع التقارير القادمة من وسائل الإعلام الإثيوبية وكذلك الخبراء العاملين في السد تشير إلى الفهم الكامل بأن النيل كان ولا يزال ضرورياً لحضارة وتنمية البلدين، مصر والسودان. ومعظم التقارير اقتبست بشكل إيجابي عن (المؤرخ اليوناني) هيرودوت في 425 قبل الميلاد قوله (العبارة الشهيرة) “مصر هبة النيل”، ولكن بأسلوب يوظفها لدعم حق إثيوبيا في استخدام مياه النيل داخل أراضيها السيادية.
وتشير أحدث التقارير التي تغطي مقابلات مع خبراء مختلفين ومهندسين يعملون على تطوير السد، إلى أن السد يتم بناؤه مع مراعاة ضمان السلامة وأيضاً عدم تأثر حصة البلدين من مياه النيل. وعرضت وسائل الإعلام الإثيوبية أيضا الفوائد التي سيجنيها البلاد من السد، وهو توليد 6450 ميجاوات من الطاقة الكهرومائية، التي سوف تساهم في تعزيز مشاريع المنبع المستقبلية.
ورصد في تاريخ 5 يونيو 2020، قال الدكتور المهندس تلهون أردونو، رئيس اتحادات المهنيين المساحين الإثيوبية (ESPA)، والمدير العام لجمعية جوكا للأعمال العامة، وعضو مجلس إدارة رينيسانس دام أديس أبابا لتصميم وبناء المنتزهات، وفي مقابلة مع صحيفة هيرالد الاثيوبية (Ethiopian Herald)إن “مصر ليست وحدها هبة النيل، بل كل دول حوض النيل بما فيها مصر هبة من الله، بحيث يجب استخدام مياه النيل على أساس التفاهم المشترك والمنفعة المتبادلة وأن يعيش الواحد لأجل الآخر في وئام وفي أسرة نيلية واحدة وليس في شك أبدي وعدم الثقة الذي خلقه عقل السياسيين السيئين.
وأضاف: يُظهِرُ هذا التقصى أن مياه نهر النيل من حق جميع دول حوض النيل ولا طائل من الخلاف طالما بقيت مصالح الدول مضمونة. انتهت المتابعة للميديا الاثيوبية.ولعل المقصد من كتابتهم لمثل هذه الأراء يكون خيرا لأن ما يهم مصر الآن هو الحفاظ على حقوقها المائية وعدم الإضرار ولو بنقطة مياه واحدة كما ذكر الرئيس السيسى وحذرهم مرارا وتكرارا من المساس بحقوقنا المائية وعدم تفريط مصر فى تلك الحقوق على الدوام.
وأوضح, إن التقرير يظهر عكس ما يبطن أشقائنا الإثيوبيين فما يقال فى الميديا هو بالفعل عكس ما يصرح به المسؤولون الاثيوبيون وعكس النهج المتبع في التفاوض وأدى الى مرور عشر سنوات كاملة من التفاوض بدون الوصول لأدنى اتفاق أو تسوية الأمر…مع رفض أى مقترح بتوسيع نطاق المفاوضات تضم أطرافا دولية,أو عقد لقاء لرؤساء الدول الثلاث”مصر,إثيوبيا,السودان” قد يكون كفيلا بتحريك المياه الراكدة عبر المفاوضات الثلاثية الحالية.
مختتما: فإن ما تريده مصر هو ضمان حقوقها المائية وعدم الإضرار ومكتسباتها الثابتة على مدار السنوات والعقود الماضية ,مع الاعتراف أيضا بحقوق الأشقاء فى التنمية والاستقرار والتقدم.