استيقظ أبونا ميخائيل ابراهيم الساعة الخامسة صباحًا ليُصلي صلاة باكر، قبل نزوله القداس الإلهي، أثناء الصلاة سمع قرعات على الباب، وإذ فتح الباب، وجد شخصًا يسأله مساعدة لظرف طارئ حلّ به، تطلع أبونا فوجد على البوفية الذي بجواره ستة جنيهات ملفوفة، قدمها أبونا له دون أن ينظر فيها، وعاد ليصلي، وإذ كان في طريقه للنزول قالت له زوجته:
– هنا كانت توجد ست جنيهات. – ربنا أرسل إنسانًا يأخذهم.
– هذا كل ما عندنا لكي نكمل به مصاريف الشهر.
– ربنا ينزّل لنا طعامًا.
– هل سمعت قط إن ربنا ينزّل طعامًا؟
– نعم، هو أرسل لشعبه طعامًا من السماء.
تضايقت الزوجة قليلاً ثم قالت له: “أبونا! اذهب إلى الكنيسة لتصلي القداس!”، بعد الانتهاء من القداس الإلهي التقى به شخص ودار بينهما الحوار التالي:
– كنت أبحث عنك منذ أمس.
– لماذا يا ابني؟
– فلان أعطاني مبلغ قبل أن يموت وأوصاني أن أسلمه إليك لأنه استدانه منك، وهو عشرون جنيهًا.
– هل يمكن أن تأتي إلى المنزل؟
– آخذ بركة يا أبانا.
– وذهب الاثنان معًا إلى المنزل. وهناك بصوتٍ عالٍ سأل الرجل:
– ماذا تريد يا ابني؟
– فلان أوصاني أقدم لك 20 جنيهًا.
– كم جنيهًا يا ابني؟
– عشرون يا أبي!
– قل بصوتٍ عالٍ.
– عشرون جنيهًا يا أبي.
– نعم يا ابني ربنا بينزل طعامًا لنا من السماء!
أرسلت منًا لشعبك في البرية، هب لي أن أفتح فمي وأنت تملأه من خبز السماء.
أنت تشبع كل احتياجاتي، كيف لا أتكل عليك؟
كلمات البابا شنودة عن ابيه الروحي القديس العظيم ابونا ميخائيل ابراهيم:
إنه شخص من أهل السماء، انتدبته السماء زمنًا ليعيش بيننا، ليقدم للبشرية عينة صالحة وصورة مضيئة من الحياة الروحية السليمة. وقد أدى واجبه على خير وجه. عمل قدر ما يستطيع، في صحته وفى مرضه، في شبابه وفى شيخوخته، في قوته وفى ضعفه. ومازال يعمل.. كان يعمل كاهنًا ومرشدًا، الآن أصبح يعمل كشفيع عن الناس.
إنها خسارة كبيرة أن نحرم من هذا الإنسان.. نحن نؤمن أنه لم يمت، بل هو انتقال. ولكن لا شك أن هذا المرشد العميق، وهذا القلب المحب، وهذه الطاقة الجبارة، قد بعد عنا.. نطلب أن يكون قريبًا منا بصلواته وطلباته.
عندما طلبت منهم في الكنيسة،كنيسة مارمرقس بشبرا، أن يدفن هنا في الكاتدرائية، أسفل الهيكل الكبير، خلف ضريح مارمرقس.. فإن السبب الظاهري الذي قلته لهم هو الآتي: قلت إن القمص ميخائيل إبراهيم رجل عام، ليس ملكًا لكنيسة واحدة.
وأبناؤه في كل موضع، في كل حي، في كل بلد، لا يصح أن يقتصر على مكان معين. فالأفضل أن يدفن هنا، في مكان عام.
أما السبب الحقيقي الذي في أعماقي، فهو أنني كنت أريد أن يصير جسد هذا الرجل البار سندًا لنا في هذا الموضع، نستمد منه البركة.
تنيح أبونا ميخائيل في فجر الأربعاء 26 مارس سنة 1975 م….صلوته المقدسة مع جميع طالبيها.