د. صفوت العالم : أين وزارتي الصحة و التموين من الاعلانات المضللة
طوني نبيه : لدينا ردة ثقافية بسبب انهيار التعليم فكيف يرتقي الفن ؟
جميل تقوي : حملات اعلانية قوية ينتج عنها نجاح سلع ليست جيدة
الاعلان واحد من الفنون الاعلامية المهمة التي تخدم الاقتصاد ، فهوأداة رئيسية للتسويق ، وهناك أساليب ومجالات عديدة للاعلان ، و ألوان كثيرة من الفنون يتم تطويعها لابتكار الاعلان ، فالاعلان الاذاعي يركز علي المؤثرات الصوتية و الموسيقي و الالقاء ، و الاعلان الصحفي يعتمد علي الصور و الألوان و الصياغة المحكمة الجذابة ، و اعلانات التليفزيون تحتاج لوجوه جميلة و أصوات مؤثرة و تمثيل و ديكور و مخرجين متخصصين ، أما اعلانات الطرق فهي تحتاج الي فهم دقيق للمساحات و اعتبارات مرورية و التأثير علي رؤية و تركيزقائدي السيارات
و قد تطور فن الاعلان التليفزيوني في مصر حتي أصبح كبار الفنانين و الفنانات يشاركون في تقديم الاعلانات بكل فخر و حماس ، و لعل الفنانة يسرا من أوائل الفنانات اللائي بادرن بهذا الاتجاه عندما كانت بطلة اعلان عن أحد مصانع السيراميك في مصر ، و يذكر أنها سئلت في لقاء تليفزيوني ذات مرة كيف تقبل أن تكون نجمة اعلان وهي نجمة سينما معروفة ؟ فقالت : ” أنا أشجع الصناعة المصرية ، و أنا ممكن أقول نعم لاعلان صغير عن منتج مصري و أقول لا لفيلم كبير ” ، هكذا أصبح للاعلان مكانة رفيعة بين جميع الفنون المرئية و المسموعة في وسائل الاعلام المختلفة .
ولكن في بعض الأحيان نجد مبالغة في مدة الاعلانات التليفزيونية و تكرارها بشكل مستفز ، علي سبيل المثال وليس الحصر ينطبق ذلك علي اعلانات شركات الاتصالات ، الأمر الذي جعل شخصية معينة تطالب المشاهدين بالتعبير عن عدم رضاهم عن هذا الأسلوب من خلال التوقف عن استخدام المحمول لمدة نصف ساعة .
في هذا التحقيق نتعرف علي الآليات و القوانين التي تنظم الاعلانات و بعض المظاهر السلبية للاعلانات .
قانون اعلانات الطرق :
المعروف أن اعلانات الصحف تخضع لقانون الصحافة ، واعلانات الراديو و التليفزيون والسينما تخضع للرقابة علي المصنفات الفنية ، أما اعلانات الطرق فقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون رقم 208 لسنة 2020 قانون تنظيم الاعلانات علي الطرق العامة و الذي وافق عليه مجلس النواب و نشر في الجريدة الرسمية يوم 3 ديسمبر و أصبح ساريا و أصبح ساريا منذ 4 ديسمبر 2020 .
تنص المادة 2 من القانون علي انشاء الجهاز القومي لتنظيم الاعلانات علي الطرق العامة ، تكون له الشخصية الاعتبارية ، و تتبع رئيس مجلس الوزراء ، و يختص دون غيره بتنظيم الأسس و المعايير و القواعد المنظمة للأعلانات و اللافتات علي الطرق العامة بما فيها استخدام الطاقة المتجددة و كاميرات المراقبة ، مع مراعاة النظام العام و الآداب ، و يكون للجهاز مجلس ادارة برئاسة رئيس مجلس الوزراء أو من ينيبه و عضوية الوزراء المختصين بشئون الاسكان و التنمية المحلية و الدفاع و الداخلية و النقل و الكهرباء و الطاقة المتجددة و المالية و الثقافة و البيئة .
بموجب القانون لا يتم وضع اعلان بدون ترخيص و دفع الرسوم ، و يكون للجهازصفة الضبطية القضائية ، اذ يتم ازالة اللافتات المخالفة و دفع غرامات مالية .
لافتات مزعجة و اعلانات مضللة :
وقد التقت وطني بالدكتور صفوت العالم الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة لنعرف رأيه عن حال الاعلانات و الظواهر السلبية التي يجب أن نتوقف عندها ، فقال :
بالنسبة لاعلانات الطرق يوجد عدد كبير من اللافتات التي تقتحم المجال البصري للمواطن و تفقده الرؤية الصحيحة ، في الطريق الزراعي مثلا توجد علامات ارشادية و علامات مرورية ملزمة ، هذه العلامات يصعب رؤيتها وسط لوحات الاعلانات الضخمة ، و توجد اعلانات كثيرة في شوارع رئيسية و في مخارج الشوارع تعيق الرؤية و يمكن لقائد السيارة أن يضل طريقه اذا لم يكن قد اعتاد علي المرور بتلك المنطقة .
أضاف د. صفوت العالم ، أما القنوات الفضائية فينتشر بها اعلانات عن منتجات طبية لا أحد يعرف هويتها أو مدي تأثيرها علي صحة الانسان ، و من الخطأ تماما الاعلان عن منتجات طبية للمشاهد العادي فليس من المنطقي أن يقرر مواطن عادي من تلقاء نفسه أن يتناول دواء للتخسيس مثلا دون استشارة الطبيب ، و كيف يتم توصيل الدواء هكذا دون روشتة مكتوبة من طبيب متخصص ؟ من يضمن الآثار الجانبية لهذا الدواء ؟ حتي المقويات لا يصح يناولها دون استشارة طبيب .
وان بعض السلع الغذائية التي يعلن عنها بواسطة أشخاص يدعون أنهم خبراء تغذية .. ليست صحية ، يقولون مثلا علي بعض أنواع السمن أنها ليست مهدرجة ، و هذا ليس صحيحا ، و يعلن عن بعض الحلوي و العصائر بها مواد اضافية و نكهات اصطناعية مضرة للأطفال . اين وزارة الصحة ووزارة التموين ؟
وهناك نوعية أخري من الاعلانات تعتمد علي اللعب علي التابوهات الاجتماعية .. العلاقة بين الرجل و المرأة و القدرة الجنسية ، فيتم الاعلان عن أنواع كثيرة من الأدوية قد تكون مؤذية سواء للشباب أو لكبار السن ، لأن أي شيء يخرج عن نطاق الطبيعة التي خلقها الله في الانسان لا ينفع بل يضر .
ناهيكي عن اعلانات بول الابل و بعض أنواع الدجل الاخري التي يلجا اليها ضحايا الفقر و الجهل .
بعض الاعلانات الهدف منها منافسة سلعة أخري بأسلوب ابتزازي ، و رفع الأسعارلسلعة لا تستحق ، و الضحية هو الشعب المطحون .
البديل القنوات المشفرة :
و بسؤال المخرج طوني نبيه عن نظرته للاعلان في الوقت الحالي ، فقال : الاعلانات مهمة جدا للتمويل ، واذا تقاضي ممثل معين أجرا قيمته 30 مليون جنيه علي مسلسل فان هذا لأن شركات الاعلان تقول أنه حقق نسبة مشاهدة عالية . و لو تواجدت اعلانات مضللة فالمسؤول عنها جهاز حماية المستهلك أو الرقابة علي المصنفات الفنية . أما كثرة الاعلانات فحتي الاعلام الوطني متورط فيها
أيضا لتعويض ثمن المسلسل ، ان لسان حال صاحب أية قناة فضائية سيقول لأي مواطن مستاء من الاعلانات : اشترك في قنوات مشفرة ليس بها اعلانات .
الأمر الذي يزيد اقبال المعلنين هو زيادة عدد المشاهدين بغض النظر عن قيمة المادة المقدمة حتي لو كانت برامج مستفزة أو اعترض عليها المثقفون الواعون ، نعم هناك برامج سيئة و اعلانات سيئة اعترض عليها الكثيرون ، لكن نحن لدينا ردة ثقافية نتيجة لانهيار التعليم ، فكيف يرتقي الفن ؟ ، لدينا ازدواجية و أمراض اجتماعية من الطبيعي أن تؤدي الي خلل في الفن . فعندما نجد سائق التاكسي يشغل تسجيلات دينية ولا يشغل العداد أليست هذه ازدواجية ؟ و عندما يتظاهر موظف بالبر والتقوي بينما درج مكتبه مفتوح في انتظار الرشوة أليست هذه ازدواجية ؟
تأثير ساحر :
و نستكمل تساؤلاتنا عن هذا السيل من الاعلانات و هل سيستمر بنفس الأسلوب ؟ يجيب عن هذا السؤال المخرج جميل تقوي بقوله : أسعار المسلسلات مرتفعة جدا و الوسيلة الوحيدة لجلب التمويل هي الاعلانات ، و الاعلانات لها تأثير ساحر علي المشاهدين ، فهناك حملات اعلانية قوية تسببت في نجاح منتجات ليست جيدة ، و هناك منتجات جيدة جدا لم تجد طريقها للمستهلك بسبب ضعف الحملات الاعلانية .
الاعلان فن يحتاج دراسة و تخطيط ، أحيانا توجد اعلانات تشويقية كمقدمة فبل الاعلان الحقيقي عن السلعة ، وان مصمم الاعلان يجب أن يختار أسلوب يناسب المتلقي الذي يوجه له هذا الاعلان ، فيراعي المرحلة العمرية و المستوي الثقافي . و الاعلان عن سلعة غذائية غير الاعلان السياسي ، و أهم شيء هو السلوجان أو الشعار الذي يردده الجميع بسهولة و بساطة .
ما رأيك في تأليف كلمات للاعلانات علي لحن أغنية مشهورة أو مقطوعة موسيقية عالمية ؟
عن هذا السؤال يجيب المخرج جميل تقوي قائلا : توجد ” جمعية حقوق الكتاب و الملحنين ” حيث يتم دفع حق استغلال لحن معروف ، أو أي عمل معروف من قبل ، و لو لم يتم الدفع يتم ايقاف الاعلان .