أدركنا من قراءات أمس الأحد الأول من الصوم أننا نصوم بهدف إدراك ملكوت السموات قبل كل شئ، كما أوصانا الرب يسوع: “اطلبوا أولا ملكوت الله وبره …” والمفتاح هنا هو كلمة “اطلبوا”.
النبوة الأولى اليوم من (سفر الخروج ٣: ٦-١٤ ) عندما كلم الرب موسى من العليقة المشتعلة فقال: “أَنَا إِلهُ أَبِيكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ.. إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ.. فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ”. ها شعب الله يطلبه فيستجيب.
فى المقابل، تأتى النبؤة الثانية من (أشعياء ٤، ٥ ) حيث يذكر الرب أنه “يغسل دنس بنى إسرائيل.. ويمحو الدماء” لكنه أيضا يعاقب الشرير. “لأُنْشِدَنَّ لحَبِيبِي نَشِيدَ الِكَرْمِه: كَانَ لِحَبِيبِي كَرْمٌ عَلَى أَكَمَةٍ خَصِبَةٍ، فَنَقَبَهُ وَنَقَّى حِجَارَتَهُ وَغَرَسَهُ كَرْمَ سَوْرَقَ، وَبَنَى بُرْجًا فِي وَسَطِهِ، وَنَقَرَ فِيهِ أَيْضًا مِعْصَرَةً، فَانْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَبًا فَصَنَعَ عِنَبًا رَدِيئًا.. وَالآنَ.. مَاذَا يُصْنَعُ أَيْضًا لِكَرْمِي وَأَنَا لَمْ أَصْنَعْهُ لَهُ؟ .. فَالآنَ أُعَرِّفُكُمْ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَرْمِي: أَنْزِعُ سِيَاجَهُ فَيَصِيرُ لِلرَّعْيِ. أَهْدِمُ جُدْرَانَهُ فَيَصِيرُ لِلدَّوْسِ. وَأَجْعَلُهُ خَرَابًا لاَ يُقْضَبُ ولا ينقل”. فمن يرفض ملكوت الله يمكث فى ظلمة الخطية.
وتؤكد قراءة الكاثوليكون هذا الفكر من (رسالة القديس يهوذا ١: ١-٨ ) حين يقول: “فَأُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ.. أَنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا خَلَّصَ الشَّعْبَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، أَهْلَكَ أَيْضًا الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا.”
إنجيل باكر من (مرقس ٩: ٢٥-٢٩ ) يحكى واقعة إخراج المسيح للروح النجس الأبكم الأصم. وعندما سأله التلاميذ لماذا لم يقدروا هم أن يخرجوه، كان رده “هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ”.
بينما إنجيل القداس من (لوقا ١٨: ١-٨) يعود فيذكرنا أيضا أننا يجب أن نصلى كل حين ولا نمل. ويعطينا الرب مثل الأرملة التى كانت تلح على قاضى الظلم أن ينصفها، حتى أنه قال فِي نَفْسِهِ: “وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا، فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا … وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا!”
فلنا اذا هذا الوعد: اننا متى طلبنا ملكوت الله فان الرب يستجيب سريعا، أما ان لم نطلبه فليس لنا سوى ظلمة الخطية.