“لا يزال الكثير من رجال الدين والقانونيين لا يؤكدون أهمية إجراء فحص الحمض النووي DNA لإثبات النسب، ولا نزال نحتاج إلى حوار شجاع وجراءة حتى لا يهدر حق طفل أو سيدة”.. هكذا تحدثت عزة سليمان المحامية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة، في بداية مؤتمر صحفي عقد اليوم الاثنين 29 مارس الجاري بعنوان “إثبات النسب متاهة قانونية” حول قضية النسب لابنه أمل عبد الحميد – ضحية الاغتصاب بالدقهلية – وهي القضية التي تنظرها المحكمة بالمنصورة فى أولى جلسات قضية إثبات النسب يوم الخميس 8 أبريل المقبل.
الدكتورة شيرين غالب أستاذة الطب الشرعى والسموم بقصر العيني، قالت: اختبار الحامض النووي بدأ استخدامه بالمحاكم منذ عام ١٩٨٥ وفي مصر يتم الأخذ به مع أدلة أخرى و لكن يمكنني القول بأن تحليل DNA يعد ملك الأدلة حتى انه فى الحوادث يتم التعرف على الضحايا من خلاله. فهو أكثر دقة من اختبارات الدم لان DNA مختلف بين الأشخاص، ولا يوجد احد فى العالم يشكك فى نتائجه، بل حاليا أصبح من الممكن إجراء هذا التحليل لإثبات النسب للأجنة داخل الرحم.
عبد الفتاح يحيى المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية قال: هناك عدة إشكاليات فى إثبات النسب، ولقد فتحت لنا الدكتورة شيرين مجالًا جديدًا لإجراء هذا الفحص للأجنة لإثبات و تحديد إثبات النسب فى قضايا الاغتصاب.
وأضاف: هناك إشكالية تتعلق بمادة في قانون الأحوال الشخصية وهى صعوبة إثبات النسب فى غير علاقة زوجية، مشكلة أخرى تتمثل فى صعوبة تسجيل المواليد وإثباتها فى الأوراق الثبوتية وتم رفع قضايا من قبل الأم لمدة قد تصل الى ٤ أو ٥ سنوات وقد يأتي الحكم بعد ذلك ليس فى صالحها، بالرغم من انه فى قانون الطفل رقم ١٢٦ وتعديلاته التى صدرت فى عام ٢٠٠٨ والذى ينص على أنه يثبت نسب الطفل لأبويه بالوسائل العلمية المشروعة الحديثة، ومن ضمن هذه الأساليب المعترف بها و بنتائجها تحليل DNA .
وأشار عبد الفتاح إلى أن إحصائية عام ٢٠٠٦ للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء رصدت أن هناك ٦ آلاف دعوة إثبات نسب. و١٢ ألف قضية إلغاء نسب.
واستطرد عبد الفتاح قائلا: المحاكم مع قضايا إثبات النسب تقوم بإحالة القضايا إلى لجنة الأحوال المدنية لتقييم إثبات النسب من عدمه في حين ان المادة القانونية واضحة بإلزام المحكمة بالقيام بإجراء تحليل DNA ضمن الآليات الأساسية لقضايا إثبات النسب.
محمد يونس – محامي أمل عبد الحميد قال: بالنسبة لقضية أمل عبد الحميد المجنى عليها و طفلتها تعرضت أمل لمعاناة شديدة بداية من الخطف والاغتصاب ثم المعاملة السيئة التى تعرضت لها بعد ذلك، والمتهم لم يكن محبوسا لكننا الحمد لله قدرنا نصل الى ان النائب العام أصدر أمرا بالقبض عليه.
وأضاف يونس: الأحداث الدامية المتكررة من خطف وهتك عرض و اغتصاب وتحرش تجعلنا نتكاتف لوقف هذا الاعتداء الذي يتم على المرأة وضرورة وجود تشريع سريع و رادع لمثل هذه الجرائم.و لابد أن تتم معالجة القصور فى القانون الموجود حاليا.
سيد بدرة المحامى، قال: قمنا برفع دعوى إثبات نسب لابنة أمل عبد الحميد وأول جلسة ٨ ابريل القادم، وللاسف ما يحدث حاليا هو عقاب للطفل ليس غيره حيث يظل الطفل بدون نسب او أوراق ثبوتية.
وأضاف بدرة: منذ ١٣ يوليو الماضي النيابة العامة تدخلت٣ مرات في القضية وهذا أمر جيد يحسب لها.
أوضحت عزة سليمان، أن قانون الأحوال الشخصية يمس كل الأسرة المصرية و يحتاج لحوار مجتمعى و منظومة تشريعية متكاملة. خاصة أننا في مصر وقعنا و صدقنا على الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بحقوق الإنسان وعدم التمييز.
ونحن في مؤسسة قضايا المرأة المصرية طوال سنوات عملنا وجدنا أن ما يحدث فى كثير من الأحيان للأسف يكون ضد الطفل و السيدات لذلك نحن نحتاج الى تغيير فى التشريعات بما يتناسب مع الدستور والمصلحة الفضلى للطفل.
تجدر الإشارة، إلى جريمة الإغتصاب التى تعرضت لها أمل عبد الحميد تعود إلى شهر مارس 2018 بقرية بمركز أجا التابع لمحافظة الدقهلية، حيث تعرضت أمل – 18 سنه آنذاك – إلى واقعة اعتداء واغتصاب قبل زواجها بفترة وجيزة وبعد تعرضها للاغتصاب أصبحت حامل وأنجبت طفلة، عانت كثيرا أمل ولا تزال منذ تعرضها لهذه الجريمة و بعد إنجابها فى محاولات لإثبات وقوع الاعتداء عليها وكذلك إثبات نسب الطفلة.
كان قد أصدر النائب العام بعد وقوع الجريمة في يونيو 2018 بيانا بأن وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام رصدت خلال تداول عدة مطالبات لفتاة تدعى أمل عبدالحميد، بإعادة التحقيق مع شخص أبلغت سلفًا خلال عام 2018 عن تعديه عليها واغتصابها، بعد أن توصلت إلى أدلة جديدة على الواقعة، مطالبة بتمكينها من إثبات نَسَب طفلة أنجبتها إلى المشكو في حقه بتحليل البصمة الوراثية، وذلك بعد أن تم حفظ الدعوى التي شكته فيها، وأوضح البيان أنه في غضون شهر يونيو 2018، حررت الشاكية محضرا آخر- بعد تداول عدة مقاطع لها بمواقع التواصل الاجتماعي- أبلغت فيه عن توصلها لشاهد على الحادث الذي تعرضت له، وطلبت سماع شهادته، وضبط المتهم المتعدي عليها، وإجراء مضاهاة البصمة الوراثية المأخوذة من نجلتها ببصمته الوراثية لإثبات نسبها إليها كدليل على الواقعة، خاصة بعد أن تم رفض دعوى رفعتها لإثبات نسبها إليه.
كما قامت النيابة العامة بإصدار بيان فى 13 يوليو 2020 وأمرت بضبط وإحضار المتهم، وطلبت من النائب العام تحليل البصمة الوراثية لإثبات نسب الطفلة بعد سنة ونصف من ولادتها.