يعاني العديد من المرضى من إرتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ويطرح الكثير منهم العديد من الأسئلة حول خطورة هذا الإرتفاع على صحة الشرايين ، ويتسائلون عن الوجبات الغذائية الضرورية لضبط نسبة الكوليسترول في الدم ، اعتقاداً منهم أنه الخطر الأكبر علي صحة قلوبهم و هو السبب الرئيسي لأسباب حدوث الجلطات ، دون أن يكونوا على دراية كاملة عن الحقائق الطبية لهذا الموضوع الخطير !! ولكن هناك العديد من الأسئلة الهامة تتمثل في : هل الكوليسترول مضر حقا بالشرايين ؟؟ و أي نوع من الكوليسترول هو المضر ؟؟ و إذا كان مضرا ، لماذا جعل الله الكبد يصنعه بشكل يومي و يرسله لجميع خلايا الجسم بصورة منتظمة حتي تعمل بكفاءة جيدة !؟ و ما الفرق بينه و بين الدهون الثلاثية ؟؟ و ما هو تأثير الطعام علي الكوليسترول و الدهون الثلاثية ؟
و للإجابة على هذه الأسئلة وأكثر يقدم لنا أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية – جامعة ستانفورد تصحيح لكثير من المفاهيم المغلوطة عند أغلب المرضى ، قائلا : يوجد خطر اسمة Metabolic Syndrome اي متلازمة الأيض ، و هو المنبع الأساسي لأمراض الكوليسترول الغير منتظم ، أمراض القلب، وأمراض المخ ، و في دراسات حديثة وجد أنه يزيد إيضا من خطر الإصابة بالسرطان، ويتم تشخيص ال Metabolic Syndrome في وجود خمس عناصر رئيسية – يكفي أن يكون لديك ثلاثة فقط منهم ، حتي يصنف ان لديك مشكلة متلازمة الأيض- وهي :
١- زيادة الوزن و زيادة محيط الرجل عن ١٠٢ سم ، وزيادة محيط السيدات عن ٩٢ سم .
٢- زيادة إرتفاع ضغط الدم عن ١٣٠/٨٥
٣- إرتفاع مستوي السكر في الدم أكثر من ١٠٠ صائم
٤- إرتفاع الدهون الثلاثية Triglycerides أكثر من ١٥٠
٥- نسب ال HDL (High Density Lipoprotein) أقل من ٤٠ .
و نلاحظ هنا ، أن ال ٥ عوامل لا يوجد بهم مؤشر ال LDL !!! الذي يعتبرة البعض هو الخطر الأكبر دون النظر عن باقي قراءات التحاليل .
ويؤكد أبانوب ألبرت أن للدهون الثلاثية عامل كبير و رئيسي في حدوث متلازمة الأيض التي بدورها تؤثر علي كفاءة القلب و تزيد من خطورة حدوث الجلطات الدماغية و الذبحة الصدرية ، ولكن يبقى السؤال ، كيف يتم تصنيع ال Triglycerides
و ما السبب الذي يجعل نسبته ترتفع أو تنخفض ؟؟ والحقيقة أن هناك نوعين من الدهون و هما الدهون الثلاثية و الكوليسترول ، و هما مادتين غير متشابهين تماما في التركيب أو الوظيفة ، و يتكون الكوليسترول من نوعين وهما ال HDL و LDL
High density lipoprotein and low density lipoprotein
ولهما وظيفة رئيسية في تكوين الهرمونات المختلفة و حماية أنسجة الجسم و بناء الخلايا و هي ضرورية جدا لحياة الإنسان .
أما الدهون الثلاثية وظيفتها الرئيسية إمداد الجسم و دعمة بالطاقة و هي مادة تحترق مثل الجلوكوز في الدم لينتج عنها طاقة، وفي حالة تناول الكثير من السعرات الحرارية الزائدة عن اللزوم ، يتحول الجزء الفائض من السعرات الحرارية إلى دهون ثلاثية ، أي أن الدهون الموجودة تحت الجلد من الكرش و الأرداف و غيرها من المناطق الممتلئة من الدهون هي عبارة عن خلايا دهنية متشبعة بالدهون الثلاثية .
وعن كيفية تكوين الدهون الثلاثية يجيب أبانوب ألبرت قائلا: الدهون الثلاثية تتكون في الكبد و لكن لا تستطيع المرور إلى الخلايا الدهنية من خلال الدم – لأن الدم مادة سائلة مشابهة للمياه – لذلك يتم تصنيع مركب وهو ال Lipoprotein ، و هي عبارة عن بروتينات بها فراغ ، يتم ملئها ب ال Triglycerides و الكوليسترول في صورة VLDL
Very low density lipoprotein
و تنتقل الدهون الثلاثية من خلال هذا المركب من الكبد لكل خلايا الجسم المختلفة لامدادها بالطاقة اللازمة ،ولكن في حالة تناول الكثير من الطعام يحدث إمتلاء الخلايا بالطاقة، وهنا ليس أمام أجسادنا إلا تخزين تلك الدهون الثلاثية في الخلايا الدهنية. ويستخدم هذا المخزون من الدهون عند ممارسة الرياضة، أو عند الصيام لفترات طويلة، أو الانتظام علي حمية غذائية وعمل عجز في السعرات الحرارية ، اما الكوليسترول في صورة VLDL بعد تفريغ الكثير من حمولتة في الخلايا الدهنية ، يتم انخفاض حجمه ، و في هذة الصورة يتحول المركب الموجود من صورة VLDL الي LDL ، و هذا يعني أن ال LDL في الأصل كان VLDL مصنع من قبل الكبد ، و عند نقص حمولتة نتيجة الدوران الدموي يتحول الي LDL .
و عن الأسباب التي تؤدي أن يقوم الكبد بتصنيع ال VLDL بنسب مرتفعة يقول أبانوب ألبرت : كنا نعتقد في الماضي أن هذا الإرتفاع يحدث بسبب الدهون فقط و أنه في حال الإبتعاد عنها يتم حل المشكلة من جذورها ، لكن أكتشف حديثا أن النشويات أيضا عامل رئيسي في إرتفاع نسبة الدهون الثلاثية و إرتفاع VLDL أيضا ، وفي بعض الحالات يكون نسب الكوليسترول مرتفعة بشكل كبير بالرغم من إتباع المريض نظام غذائي صحي و ممارسة الرياضة ، و تلك الحالة ناتجة عن طبيعة تكوين الكوليسترول بشكل زائد في خلايا الكبد لا شأن للمريض به ، و عادة ما تنتظم تلك الحالة علي أدوية الكوليسترول لفترات طويلة تحت إشراف الطبيب المباشر ، و هي حالات قليلة ، وللكبد قدرة صغيرة علي تخزين النشويات التي تم تناولها في صورة Glycogen (سكر العضلات) داخل الكبد و يستخدمها الجسم في حالة الصيام و ممارسة النشاط البدني ، و بعد إمتلاء الكبد يتم تخزين الباقي داخل العضلات ، و النشويات الزائدة يتم تحويلها و إرسالها في صورة دهون ثلاثية للخلايا الدهنية ، ولكن في حال إمتلاء الخلايا الدهنية بالدهون الثلاثية ، يتم دوران الدهون مرة أخري في الدم لحين استلام اي خلية دهنية لها ، و هنا تسقط بعض الدهون علي الشرايين و تسبب في ضيقها و مع الوقت يمكن أن تسبب في حدوث الجلطات المختلفة .
وعن كيفية التخلص من النسب الزائدة من الدهون الثلاثية و رفع مستوي HDL الكوليسترول المفيد يوضح أبانوب ألبرت قائلا : إن ذلك يحدث من خلال عدة عوامل وهي :
١- عمل عجز في السعرات الحرارية ، اي إذا كان جسمك يستهلك يوميا ٣٠٠٠ سعر حراري ، يفضل اعطاءه ٢٠٠٠ سعر حراري .
٢- ممارسة أي نوع من الرياضة ٣٠ دقيقة يومياً .
٣- تناول الحبوب الكاملة و الدقيق الأسمر بدل من الدقيق الأبيض و السكريات البسيطة
٤- تناول الخضروات بأستمرار مع الاكل .
٥- عدم تناول أكثر من ٢-٣ ثمرة فاكهة في اليوم ، لأن الفاكهة بها الكثير من النشويات.
٦- تناول الأسماك الزيتية الغنية بالاوميجا ٣ مثل سمك الماكريل و السردين و السالمون لأنها غنية ب الأوميجا ٣ التي تزيد من نسب ال HDL و تحمي من الجلطات و تقلل من خطر حدوث أمراض المخ .
الجدير بالذكر أن أبانوب ألبرت اخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية – جامعة ستانفورد،
و حاصل علي البورد الامريكي للتغذية الرياضية ومحاضر التغذية الإكلينيكية بالأكاديمية الدولية للإدارة العربية ومحاضر التغذية العلاجية والرياضية بشركة روتابيوچين الدوائية و شركة ايجي فارما و مسؤول التغذية الرياضية بالعديد من أندية كرة القدم المصرية .