شاركت سفارة اليونان بمصر في ندوة عن العلاقات الثقافية بين مصر واليونان والتي أقيمت بدار الأوبرا المصرية.
وقد أشار هشام عزمي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن تلك الندوة هي السابعة في سلسلة ندوات العلاقات الخارجية الثقافية حيث سبقتها ندوات عن العلاقات الثقافية مع دول عدة من بينها روسيا والاكوادور.
قال نيكلاوس جاريليديس Nicolaus Garilidesسفير اليونان بمصر: “ولدت في قرية بورسعيد وعشت بها 6 سنوات. لقد تأسست تلك المدينة مابين 1860 و1865، وقبل ذلك كانت هناك قرية في نفس المكان تقريبًا تسمى بولسيون والتي تعني الطينية (من بيلوس أي الطين)، وذلك لكون النيل كان يصل حتى تلك المنطقة، من خلال القناة التي تربط مابين النيل والبحر الحمر والتي أمر بحفرها الملك نيكاو الملك المصري واستكمل حفرها الملك دارا الفارسي. وقد سُميت باسم يوناني (بولسيون) لأن الجنود اليونانيون الذين استعان بهم بسماتك الثالث في حربه ضد اللأشوريين ثم الفرس عندما دخلوا تلك المنطقة وجدوا أن طول الطين بها حوالي 40سم. وقد ذُكرت تلك المنطقة بهذا الاسم في أقدم خريطة معروفة لنا في العام وهي الموجودة في كنسية بالقرب من عمان.” مشيرًا إلى أن عمان كان تسمى قديمًا فلاديلفيا نسبة إلى الملك بطليموس فلاديلفيوس.
وأوضح جاريليديس أن عند تأسيس قناة السويس جاء العديد من اليونانيين للعمل بها، ملمحًا إلى أن عائلته هي أحد العائلات التي جاءت للعمل في القناة.
وتطرق إلى المرشدين اليونانيين العشرين الذين رفضوا الرحيل وعملوا في القناة بعد تأميمها، مؤكدًا أن أكثر من ثمانمئة موظف يوناني آخرين كانوا يعملون في القناة في إدارات مختلفة رفضوا الرحيل. مؤكدًا إن ماحدث من هؤلاء الموظفين كان من دافع حبهم لبلدهم مصر.
واستطرد السفير اليوناني حديثه قائلًا: “العلاقات الثنائية متميزة ونحن نواجه مشاكل مشابهة لما تواجهه مصر مثل التنمية. ولهذا يجب على الدولتين التكاتف معًا وهذا ماحدث مرارًا عبر التاريخ.” مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين أمرًا طبيعي ضاربًا مثال إنه لو تُرِكَ قاربًا من جنوب كريت يسبح مع التيار دون أي ملاحة لوصل مرسى مطروح.
وأكد على أن مصر تشغل أهمية خاصة عند اليونانيين ودلل على ذلك بأغنية يونانية قديمة تقول: “إن في مصر عسل وسكر”.
وتابع: ” العلاقات السياسية بها ارتفاع وانخفاض لكن العلاقات الانسانية باقية وهي أقوى، ومن الممكن أن نتحدث لساعات وساعات عن تلك العلاقة الفريدة. إننا مجبرون وبالأحرى مقادون من الرب وهذا هو مصيرنا أن نكون معًا وأن نتقاسم الخير والشر واللحظات الجيدة والسيئة. أن نتقاسم هذه الأوضاع في محاولة مننا للمرور منها. دائما نعبر عن الانسانية حتى آخر وابسط مواطن (مصري أو يوناني) لان الاثنين يتمتعون بحب الحياة ونرى ذلك في روح الدعابة والحفلات، وهم أيضًا يقومون بالتضحية حتى يكون لأولادهم مصير أفضل وأنا خير مثال لهذا إذ جاء آبائي لاجئون إل مصر وها أنا الآن سفير اليونان في مصر.”
أما محمد فريد منيب، سفير مصر السابق في اليونان فتحدث عن تاريخ العلاقات المصرية اليونانية لافتًا إلى أن إيزيس عُبِدَت في جزيرة كريت، كما أشار إلى امتزاج الفلسفتين اليونانية والمصرية على أرض الإسكندرية.
ثم انتقل إلى العصر الحديث ملمحًا إلى تأسيس أول الجمعيات اليونانية في مصر سنة 1843 وذلك في مدينة الإسكندرية، موضحًا دور اليونانيين في الثقافة والاقتصاد وتنمية الاقتصاد الوطني من خلال بورصة القطن، وأيضًا الدور اليوناني في إنشاء المدارس والمحلات. وجريدة “اليوناني المتمصر” التي صدر أول عدد منها عام 1932
وألمح إلى أن دور اليونانيين في السينما المصرية كبيرًا، فعدد الممثلين اليونانيين يعد أكبر عدد وحضور لممثلين أجانب في السينما المصرية. ويُقال أن اليونانيين هم من أدخلوا فكرة “الأفيش” للسينما المصرية.
وأضاف منيب أن الجالية اليونانية في مصر جزء من النسيج المصري بخلاف الجاليات الأجنبية الأخرى. فالإنجليز كانوا من الطبقة العليا فقط. أما اليونانيين فكانوا متواجدين في كل الطبقات. ولا توجد قرية مصرية لم يكن بها تاجر (بقال) يوناني، موضحًا أنهم كانوا في كل ملامح الحياة المصرية.
وتحدث عن أول اتفاقية ثقافية بين البلدين والتي تم توقيعها عام 1956 وهي التي لاتزال تحكم العلاقات الثقافية بين البلدين حتى الآن ويتم تجديدها.
كما تطرق إلى جائزة ومهرجان كفافيس الذي تم تدشينهم في عهد ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق. وفاز بها عدد من الأدباء المصريين أبرزهم طه حسين.
كما تحدث عن دور الكنيسة في العلاقات بين البلدين، وقال: “كان لي شرف استقبال البابا تواضروس في أول زيارة رسمية لبطريرك مصري لليونان منذ ٣٠٠ عام. وظهر خلال تلك الزيارة عمق العلاقات بين الكنيستين القبطية والروم الأرثوذكس.”
وألمح إلى مؤتمر viva Egypt وهو مؤتمر استضافته مكتبة الإسكندرية عام 2018 لجمع توقيعات من الجاليات الأجنبية بمصر لدعم الحكومة المصرية في دعم الإرهاب، مشددًا على أن الجالية اليونانية كانت حاضرة بقوة وكانت هي الأكثر عددًا بين بقية الجاليات.
وتحدث عن تأسيس مؤتمر منتدى الحضارات القديمة وهي مبادرة تضم 10 دول تمثل أقدم وأعرق حضارات العالم بينها مصر واليونان وبيرو. وقال: “حينما استدعاني وزير الخارجية اليوناني لتأسيس تلك المبادرة لم أفهم من المغزى منها لكن عندما أقيم أول اجتماع لوزراء خارجية الدول المشاركة في المبادرة، فهمت وعرفت قيمة الحضارة والثقافة في العلاقات بين الدول.”