مظلات خفيفة الوزن بأشرطة داعمة.. وحلقات معدنية موصلة بأطراف حمالات مشدودة تتحمل الوزن.. تنتفخ معداتها تباعا وتبطئ الجسم.. فى مشهد الأرض الذى يبتعد.. نفس عميق أخذته أعلى الطائرة قبل القفز.. لتهبط اول امراة بورسعيدية من السماء للأرض.
أبطال أضافوا للتاريخ سطور، ولكنهم سقطوا سهوا من صفحاته المطوية، ولم يحظوا بأى شهرة، ولم يبحثوا عنها، ولكن فى ذاكرتهم بطولة ولقاء وتكريمات من زعماء راحلين، أبطال وجهوا للجميع خطوات كيف تصبح بطلا، فهى أول بورسعيدية تنضم لفرقة المظلات في الستينات، ومنحها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر نوط التعبئة من الدرجة الثانية، وكونت فريق رماية من فتيات الثانوي، ودربتهن على حمل السلاح.
فاطمة السيد محسن عمر، من مواليد عام 1936 من محافظة بورسعيد ، فهى أول بورسعيدية تخضع لتدريبات عسكرية في الستينات ، وتم تأهيليها على القفز بالمظلات مع 7 سيدات فقط ، وتفوقت في التدريبات لتصبح أول واحدة تقفز من طائرة بالمظلة وتصل للأرض.
تسكن ” فاطمة السيد” فى منزل قديم ، تمتلك كنز لا يقدر بثمن، وهو وابل من الصور القديمة الابيض والاسود التى تحكى ذكريات بطولتها ولقائها بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر والرئيس الراحل أنور السادات، صور وهى تدرب الفتيات على إطلاق النيران، وأخرى وهى ترتدى الزي العسكري.
قالت المناضلة البورسعيدية “فاطمة” في عام 1959 كونت أول مجموعة من الفدائيات لقبت بفتيات ” الفتوة” لتدريبهن علي الفنون القتالية ” الصاعقة والمظلات ” ليكونوا كوادر عامة في المدن لمواجهة العدوان الصهيوني علي مصر في ذلك الوقت، و كنت أول بورسعيدية أتطوع في تلك المجموعة ، وقمت بالتقديم ، وبعد مده جاء لي خطاب الاستدعاء ، وسافرت للقاهرة وذهبت لمدرسة المظلات حيث كان متقدم 200 امرأة وخضعنا جميعا لاختبار، ولكن لم يتم قبول مننا سوى 7 سيدات، حيث تم تدريبنا على فرقة المظلات والصاعقة وكان التدريب عسكري شاق ، وفي نهاية التدريب قمنا جميعا بالقفز من طائرة ” اليوشن” وكنت أول امرأة تقفز من الطائرة وتهبط للأرض .
واستكملت حديثها قائلة، في عام 1960 في عيد النصر لبورسعيد ، كنت قائدة طابور العرض في الفتيات، و كرمنى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ، وكان بجواره كلا من المشير عبد الحكيم عامر، والرئيس الراحل محمد انور السادات ، منحني “عبد الناصر” نوط التعبئة من الدرجة الثانية، وشهادة تقدير، وبعد ذلك عدت لبورسعيد وكان هناك مادة عسكرية يتم تدريسها للفتيات في مدارس الثانوية في تلك الفترة وليس للأولاد فقط مثلما يحدث الان، وكنت أنا أدرب الفتيات في مدرسة المعلمات والثانوية بنات على تلك المادة ، وأعلمهن فنون استخدام البندقية وإطلاق النيران والرماية وقد كونت فريق للرماية منهم للدفاع عن الوطن”.
واضافت “فاطمة” أن المادة العسكرية دى مهمه أوى للبنات عشان تزود احساسهم بالوطنية ، وكانت البنات الى بتدرب قادرين يدافعوا عن مصر في الفترة الصعبة دي ، وطالبت بعودة تلك المادة العسكرية في مدارس الثانوية للبنات وتكون مادة إجبارية لأن الغاء تلك المادة تقصير من الدولة”.
تلك المناضلة البورسعيدية لم يتذكرها أحد من بعد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، و لم تبحث يوما عن الظهور.
واختتمت حديثها قائلة هدفى كان الدفاع عن الوطن واثبات أن المرأة المصرية قادرة على تحدى المستحيل ومواجهة الصعاب حبا في الوطن ، ولم أبحث يوما عن الشهرة أو التكريم واختارت ان تسدل الستار على بطولاتها المعلقة على حائط قديم ، فى صور ابيض وأسود بالية.