اختتمت قمة قادة مجموعة العشرين أعمال الدورة الخامسة عشرة، تحت شعار ” اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”، في إطار الجهود الدؤوبة التي ترأسها المملكة العربية السعودية هذا العام، في حماية الاقتصاد العالمي، وخاصة في ضوء الأوضاع العالمية المرتبطة بجائحة كورونا، علي ان تنقل رئاسة مجموعة العشرين إلي إيطاليا.
ومجموعة العشرين، تعد المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، وتضم قادة من جميع القارات يمثلون دولاً متقدمة ونامية،وتضم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي.
وشدد القادة، علي بذل قصارى الجهود الممكنة للعمل علي إعادة الاقتصادات إلي مسارها نحو النمو، والحفاظ علي الوظائف وتوفير فرص العمل، وحماية الأرواح وتقديم الدعم مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر تأثراً بأزمة جائحة فيروس “كوفيد-19”.
وأعلن قادة المجموعة،حشد الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات التمويلية العاجلة في مجال الصحة العالمية، لدعم الأبحاث والتطوير والتصنيع والتوزيع لأدوات التشخيص والعلاجات واللقاحات الآمنة والفاعلة لفيروس كورونا المستجد، مؤكدة أنها لن تدخر جهداً لضمان وصولها العادل للجميع بتكلفة ميسورة بما يتفق مع التزامات الأعضاء لتحفيز الابتكار.
وقال القادة، إن جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي أثرت بصورة غير مسبوقة من حيث خسائر الأرواح وسبل العيش والاقتصادات، شكلت صدمة لا نظير لها، وكشفت أوجه الضعف في إجراءات التأهب والاستجابة وأبرزت تحديات العالم المشتركة.
(دعم الدول النامية)
ولفت القادة، إلى أنهم لا يزالوا مصممين على دعم جميع الدول النامية والدول الأقل نمواً في مواجهة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية المتداخلة لفيروس كورونا المستجد، مع الأخذ بالاعتبار التحديات التي تواجهها أفريقيا والدول الصغيرة النامية على وجه الخصوص.
والتأكيد على الدعم الكامل لجميع الجهود التعاونية لا سيما مبادرة تسريع الوصول إلى إتاحة اللقاحات المضادة لكوفيد-19 الخاص بها والترخيص للملكية الفكرية، والالتزام بتلبية الاحتياجات التمويلية العالمية المتبقية، والترحيب بالجهود التي تبذلها بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعزيز الدعم المالي من أجل وصول الدول إلى أدوات مكافحة فيروس كورونا المستجد، بما يتماشى مع الجهود متعددة الأطراف الحالية، وتشجعها على بذل المزيد من الإجراءات.
(أشادات القادة)
وعلى مستوى الاقتصاد العالمي، أشار قادة مجموعة العشرين، بمعاودة النشاط الاقتصادي العالمي جزئيآ، علي خلفية معاودة فتح الاقتصادات تدريجيآ على الرغم من الانكماش الحاد الذي شهده الاقتصاد العالمي في 2020 نتيجة آثار الجائحة، وبالرغم من ذلك التعافي مازال غير متكافئ، وتواجهه مخاطر سلبية مرتفعة، منها المخاطر الناجمة عن عودة تفشي الفيروس في بعض الاقتصادات، مع عودة بعض الدول إلى تطبيق تدابير صحية مشددة.
واعربوا عن عزمهم الاستمرار في استخدام جميع أدوات السياسات المتاحة لحماية الأرواح والوظائف ومصادر الدخل، ودعم التعافي الاقتصادي العالمي، وتحسين متانة النظام المالي، مع الوقاية من المخاطر.
وأشارت التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مبادرة بتعليق مدفوعات خدمة الدين مصحوبةً بعمليات التمويل الاستثنائية، ورفع مستوى الإنفاق على الجوانب المتعلقة بمكافحة جائحة كورونا، والتأكيد على ضمان مواصلة المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الدولية تقديم الدعم الضروري للدول الناشئة والنامية ومنخفضة الدخل، وساهمت جهودها المتعلقة بتوسيع تدابير الحماية الاجتماعية بشكل مؤقت في دعم سبل العيش لما يقارب 645 مليون شخص.
( البنك الدولي “يحذر” )
وحذر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، زعماء دول مجموعة العشرين من الإهمال في تخفيف أعباء الديون للدول الفقيرة.
وقال،إن الإخفاق في تخفيف أعباء الديون عن بعض الدول قد يؤدي إلى مزيد من زيادة الفقر.
مضيفآ أن تحديات الديون باتت متكررة بدرجة أكبر، كما في تشاد وأنجولا وإثيوبيا وزامبيا، حيث تظل النظرة المستقبلية لمستويات الفقر قاتمة في غياب تخفيف أعباء الديون بشكل دائم”.
وشدد قادة العشرين، عن قمة الرياض 2020، التزام المجموعة بتطبيق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين، ويشمل تمديدها إلى شهر يونيو2021.
( ” إجراءات غير مسبوقة”)
أشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، بالإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها دول مجموعة العشرين للتخفيف من تأثير ( كوفيد -١٩ )، بما في ذلك الإجراءات المالية والنقدية، مشيرةً إلى أن تلك الإجراءات ساعدت في منع حالات الإفلاس الهائلة وأزمة أعمق.
وأعربت،عن تهنئتها للمملكة العربية السعودية على رئاستها الناجحة لمجموعة العشرين خلال عام مليء بالتحديات،مبدية تطلع الصندوق إلى قمة مجموعة العشرين العام المقبل برئاسة إيطاليا.
وأوضحت،أن مبادرة تعليق خدمة الديون على وجه الخصوص أعطت العديد من البلدان الفقيرة “مساحة تنفس” مؤقتة تشتد الحاجة إليها، مشيرة إلى أن الإطار المشترك لمعالجات الديون ا الذي أقره قادة مجموعة العشرين في هذا الاجتماع، سيسمح للبلدان منخفضة الدخل التي لديها ديون لا يمكن تحملها بالتقدم بطلب للحصول على إعفاء دائم من الديون على أساس كل حالة على حدة، مع تكافؤ الفرص للدائنين، حتي تصبح اقتصاداتها أكثر متانة مع تمكن الصندوق من تقديم أكثر من 100 مليار دولار أمريكي في شكل تمويل جديد إلى 82 دولة وتخفيف خدمة الديون لأفقر أعضائه.
وأكدت جورجيفا، لأهمية التعاون للمضي قدماً،أولها إنهاء الأزمة الصحية، حيث إنه مع ظهور اللقاحات، يجب أن نضمن وصولها إلى الجميع في كل مكان.
مع تعزيز الجسر الاقتصادي للانتعاش، ومن الضروري الحفاظ على دعم الشركات والعاملين حتى نخرج من الأزمة الصحية، وبناء أسس “اقتصاد عالمي “أفضل للقرن الحادي والعشرين.
( الصين تفي بالتزاماتها )
قال الرئيس الصيني شي جين بينج، إن بلاده ستفي بالتزاماتها فيما يتعلق بمساعدة ودعم الدول النامية من خلال جعل لقاحات فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) منفعة عامة متاحة وميسورة التكلفة،وستسعى جاهدة لجعل اللقاحات منتجا عاما يمكن للناس في جميع أنحاء العالم استخدامه كما يمكنهم تحمل تكلفته، مشددا على أن الصين تدعم بفعالية التعاون الدولي للقاح فيروس كورونا (كوفيد19) وأنها مستعدة لتعزيز التعاون مع الدول الأخرى من أجل تطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات.
وأشار إلى استعداد الصين للعمل مع جميع الأطراف على استكشاف قواعد للحوكمة الرقمية وصياغتها على أساس المبادرة العالمية التي اقترحتها بلاده بشأن أمن البيانات.
من خلال الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي.
واعتبر بينج، أن وباء (كوفيد19) أظهر أوجه القصور في الحوكمة العالمية، ما يعكس ضرورة أن نتبع مبدأ التشاور المكثف، والمساهمة والمنافع المشتركة، والالتزام بالتعددية، والانفتاح والتسامح، والتعاون متبادل المنفعة، مع ضرورة أن تؤدي مجموعة العشرين دورا قياديا أكبر في هذا الصدد.
وشدد بينج، على ضرورة حماية النظام التجاري متعدد الأطراف بقوة ودعم إصلاح منظمة التجارة العالمية، وتعزيز فعاليتها، وتعزيز التجارة الحرة،وحماية حقوق وفضاء البلدان النامية.
( خادم الحرمين ورسالة طمأنة )
قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، استطعنا أن نؤكد مجدداً على روح التعاون التي لطالما كانت حجر الأساس لنجاحات مجموعة العشرين.
وأكد خادم الحرمين،الأهم من ذلك أننا قد نجحنا في تقديم رسالة تبعث بالاطمئنان والأمل لمواطنينا وجميع الشعوب حول العالم من خلال بيان القادة الختامي لهذه القمة والذي أتشرف بإعلان تبني دول مجموعة العشرين له.
وأشار خادم الحرمين إلى أنه “سوف يكون لجهودنا الجماعية والفردية دور حاسم في التغلب على التحدي العالمي القائم أمامنا حالياً.. بالنظر نحو المستقبل، فإننا سنعمل من خلال تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض
وقال الملك سلمان: “يسرني الآن أن أنقل شرف ومسؤولية استضافة رئاسة مجموعة العشرين في عام 2021م إلى إيطاليا، متمنياً لها النجاح في ذلك.
( تعاون مهم وتوسيع الحماية الاجتماعية )
ألقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الكلمة الختامية لقمة مجموعة العشرين قائلا،في ظل تفشي فيروس كورونا وتبعاته المؤثرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً، كان تعاوننا أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتعاملنا معاً مع هذا التحدي بجدية.
وأشار ولي العهد،بضخ دول مجموعة العشرين،ما يزيد عن 11 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد العالمي لدعم الشركات وحماية سبل العيش للأفراد، ويعد ذلك إسهامًا غير مسبوق من قبل مجموعة العشرين، وقمنا بتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية لحماية أولئك المعرضين لفقدان وظائفهم ومصادر دخلهم.
وعن مبادرة تعليق خدمة الديون، قال ولي العهد السعودي، “وفرنا ما يزيد عن 14 مليار دولار لتخفيف أعباء الديون على البلدان الأكثر عرضة للخطر.
وأضاف: تم توفير أكثر من 300 مليار دولار من خلال بنوك التنمية، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تعمل مع مجموعةالعشرين لمساعدة البلدان الناشئة والمنخفضة الدخل.
وألمح ولي العهد السعودي، إلي إرساء مجموعة العشرين أسس للتعافي العالمي، والتي تستمر أثرها لعقود قادمة، مؤكداأن المملكة ستواصل دعم الجهود الدولية المتعلقة بتوفير لقاحات وعلاجات فيروس كورونا المستجد للجميع بشكل عادل وبتكلفة ميسورة، بمجرد توفرها، وسنعمل مع شركائنا الدوليين والرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين في العام المقبل لتحقيق ذلك،متمنيا التوفيق لإيطاليا في العام المقبل.