مناقشة مخاطر الجنس قبل الزواج مع الأبناء قد تبدو للبعض مثل شر لابد منه، مع أنها -عن تجربة عملية- تخلق جوًا أسريًا دافئًا ومنفتحًا،كما تُتيح الفرصة للتعبير الأبوي عن الحب غير المشروط.. الذي إذا افتقدته الابنة سيسهل إغراؤها بأن تجده في حضن غريب، وإذا لم يكبر معه الابن سيبحث عنه في علاقة قد تدمره! ومع أن الحوار قد يكون في بدايته مُحرجًا أو شائكًا، إلا أن استمراره سيطور علاقة صداقة رائعة بين الأبوين والأبناء، ويدعم ثقة الأبناء بأنفسهم؛ مما يجعل اختيارهم الصحيح توجهًا طبيعيًا في حياتهم اليومية. فلنبادر بالحوار، ونستمر فيه؛ لأن النتيجة التي نسعى إليها أثمن بكثير جدًا من تكلفة الوقت والجهد وطول البال.
هل صحيح أن الحمل لا يحدث مع أول ممارسة للجنس؟بغض النظر عن الكيفية التي يُجيب صُناع الميديا بها على هذا السؤال، وعلى النقيض مما قد يسمعه أبناؤنا من أقرانهم أصحاب التجارب، أو مَنْ يدَّعون بأنهم جربوا ولم يحدث معهم شيء.. فإن الإجابة الأمينة والمباشرة هي “غير صحيح”؛ فالحمل يمكن أن يحدث في أي مرة من لقاء جنسي بين ذكر وأنثى بالغين، وحتى مع استخدام وسائل منع الحمل لا يوجد شيء يضمن عدم حدوثه سوى الامتناع عن تجربة الجنس -ولو لمرة واحدة- خارج الزواج!
إن انزلاق الأبناء في علاقة عاطفية قد ينتج عنه كارثة حمل خارج الزواج، والخطر الأعظم أن يظن الوالدان أن هذا لا يمكن أن يحدث مع ابنهما، أو لابنتهما! فبينما يكون الأبناء غافلين عن تبعات مثل هذا الأمر، نجد الكثير من الآباء والأمهات يعيشون في وهم أن العلاقات التي تُنتج حملاً غير شرعي هي من سمات بيئات اجتماعية بذاتها! في الواقع، هذا الأمر غير مرتبط بطبقة اجتماعية معينة، بل بوقوع الأبناء تحت تأثير فوران المشاعر، أو الضغوط النفسية الناتجة عن الظروف الأسرية أو الاجتماعية، أو تأثير المخدرات والكحوليات. تُرى ما هو التأثير المباشر والفوري للحمل غير الشرعي على الابن أو الابنة: على الحالة النفسية؟ الشخصية؟ الدراسة؟ المستقبل؟ ومع أن العلاقات الجنسية في غير موعدها أو مكانها الصحيحين تكون سرية،إلا أنه عندما يحدث الحمل ستتبدل الأمور، وتصبح النتائج معلنة.. تُرى هل يستطيع الابن أو الابنة الزواج وتحمُّل كل مسؤولياته؟ وما هي التبعات المادية؟ ما هو موقف الجنين؟ ما هي الاختيارات الأخلاقية والقانونية للتعامل مع المشكلة؟ هل سيتخلى الطرفان عن بعضهما، أم ستستمر العلاقة بينهما؟ وعلى أي أساس؟ كيف يتعامل المجتمع مع مثل هذه الحالات؟ هذه بعض نماذج الأسئلة التي نحتاج أن نناقشها مع أبنائنا لنوقظ داخلهم الإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسهم، وتجاه الآخرين أيضًا. لا يوجد مَنْ هو مُحصَّن ضد هذا الخطر.. فالمعروف أن ضحايا الجنس هم من الأقوياء! والأب الحكيم هو الذي يقود ابنه لاختيار الامتناع من خلال نموذج حياته الشخصية، والأم الحكيمة هي التي تحمي ابنتها من الهلاك بالمعرفة.
قد يركز الآباء والأمهات حوارهم مع أبنائهم عن مخاطر تجربة الجنس على إمكانية إصابتهم بالأمراض التي تنتقل بالممارسات الجنسية، بالإضافة إلى النتائج التي تترتب على حدوث حمل من علاقة غير شرعية.. لكن هل هناك تأثيرات أبعد من هذين الخطرين؟ الأمراض والحمل قد يأتيان على قمة قائمة المخاطر التي لابد من مناقشتها مع أبنائنا لنحميهم منها بالمعرفة، إلا أن تجارب الآخرين تؤكد أن للجنس خارج الزواج تأثيرات تذهب لأبعد من ذلك. الجنس له تأثير ممتد على شخصية وتطور مشاعر الإنسان، وهذا التأثير يرتبط بطبيعة العلاقة نفسها.. فهو إيجابي وبنَّاء في الزواج، لكن سلبي ومدمر خارجه. وأولادنا يحتاجون لمعرفة أن التأثير السلبي لا يمكن تجنبه أبدًا، بل إنه يبقى مع الشخص لبقية عمره، بالرغم من أنه لا يبدو بمثل هذا الامتداد أثناء الإحساس بالمتعة الوقتية لتجربته خارج الزواج. ولأن العلاقات الجنسية خارج الزواج عادة ما تكون إباحية، ولا تعتمد على أساس أخلاقي؛ فإنها تكون متساهلة فيما يتعلق بقدرة الشخص على تمييز إنسانية، وطبيعة، واحتياجات الطرف الآخر للعلاقة؛ وهذا يُسبب أذى يتجاوز حدود الإيذاء البدني- وبعض ما يترتب عليه:
تحطُّم العلاقات: الانخراط في علاقة جنسية غير سوية قد تُحول أقرب الأصدقاء إلى عدو بين يوم وليلة.. فالغيرة وحب التملُّك تملأ الشخص بالكراهية تجاه شريكه في العلاقة، خاصة إذا تحوَّل عنه وتركه لعلاقة أخرى. وكثيرًا ما تتحول هذه الكراهية إلى عنف قد يقود للقتل أحيانًا.
الانسحاب والحذر العاطفي: “الذي يحترق مرةً، يفكر مرتين قبل أن يحاول من جديد!” إحدى النتائج الممتدة للجنس قبل الزواج هو التردد في إقامة علاقة جديدة نقية. فالتجربة السرية بكل ما تحمل من إيذاء جسدي أو نفسي تقف عائقًا في طريق إعطاء الشخص لنفسه من جديد لآخر، وتمنعه من أن يتواصل بثقة وحرية مع الجنس الآخر، وتحد اندماجه في كل الأنشطة الصحية العامة التي تجمع بين الجنسين في المجتمعات المختلفة. ولأن الشخص يكون أسيرًا لطلب متعة الجنس فقط، فإنه لا يستطيع أن يقيم علاقة صداقة يمكن أن تقوده لزواج ناجح.
التأثير السلبي على زواج المستقبل: نادرًا ما يستطيع الشخصأن ينسى تمامًا تجاربه الجنسية؛ فصور الماضي تلاحقه حتى بعد زواجه. والمقارنة بين أسلوب التعبير والتجاوب الجنسي في العلاقة القديمة، وما يقدمه شريك الحياة في الزواج لابد أن يؤثر على محبة واحترام الزوجين لبعضهما، خاصة عندما يتوقع الواحد الحصول على نفس ما حصل عليه في العلاقة السابقة ولا يجده. وعندما يتولد الشعور بعدم كفاءة الآخر يفقد الجنس قوته في تطوير الحميمية بين الزوجين، ويُعمق فجوة الخلاف بينهما عندما تمر علاقتهما بضغوط من أي نوع.
“كيف يمكنك أن تُسعد زوجتك في المستقبل ما لم تتعلم ممارسة الجنس مسبقًا؟” سؤال قاومت إغواء خبثه مطيعًا نصيحة أمي: “احذر من أول مرة!” وفيما بعد عرفت أن أثمن ما يقدمه الشخص لشريك حياته هو بدء زواجهما بدون سابق خبرة جنسية! وللحديث بقية.