·
غريب وجنوده .. إصرار وعناد أذهل الأعداء
·
شنودة .. واجه دبابات العدو حتى الموت لينقذ قائده المصاب
اروع صور الوحدة الوطنية تجلت خلال حرب أكتوبر 73 ، شهداء وأبطال جمعهم حب الوطن والفداء من أجله ، فقدموا نموذج للوطني التى لا تعرف التفرقة ، ومن يبحث جيدا فى ملحمة أكتوبر يجد الكثير من المواقف والبطولات والأحداث المعبرة عن روح الوحدة الوطنية ، نحاول أن نلقى الضوء على بعضا منها ، غريب وشنودة أبطال الصاعقة فى حرب اكتوبر امتزجت دمائهم معا ليعلنوا أن الدين لله والوطن للجميع ….
غريب .. بطل الصاعقة
النقيب غريب عبد التو احمد من محافظة بنى سويف ، تخرج فى الكلية الحربية عام 1968 و منحته الكلية نوط الواجب العسكرى نظرا لتفوقه ونبوغه ، فى يناير 1973 تمت ترقيته الى رتبة النقيب وعين قائدا لسرية فى كتيبة 163 صاعقة
ارتبط اسمه بواحدة من معارك المدرعات البارزة فى الحرب ، ولذا كان طبيعا ان تكرمه مصر وتمنح اسمه أعلى وسام عسكرى نجمة سيناء كما كرمته محافظة سوهاج باطلاق اسمه على المدرسة الثانوية المشتركة بقريته، وبخلاف تفوقه العسكرى كان متعدد المواهب ، حيث احب الموسيقى وتفوق فيها كما نبغ فى الرياضة وأحرز عدة بطولات فى الرماية ، وحسب تصريح لشقيقه اللواء أحمد عبد التواب لروزل يوسف ، أن الرائد غريب طلب الانضمام لمجموعات الصاعقة المقاتلة أثناء حرب الاستنزاف وكان دائم الإصرار فى مطالبة قيادته بالثأر لشهداء حرب 67 ومسح عار الهزيمة ، حتى تولى قيادة سرية صاعقة ضمن كتائب الجيش الثالث وقبل المعركة بأسابيع قليلة صدرت أوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة بأنه حال تواجد أخوين فى الجيش فلابد من نزول أحدهما واستبعاد الآخر، رفض غريب النزول وأصر على البقاء مما جعل شقيقه يصر على البقاء أيضا ، وللمصادفة كانت سرية غريب أول سراى الجيش الثالث التى صدرت لها التعليمات بالعبور، وكان غريب قائد السرية المكلفة بتدمير قوات العدو المواجهة للواء الخامس مشاة ومعاونته فى العبور، وفى الثانية والنصف ظهر السادس من أكتوبر عبر غريب وقواته القناة وبدأ التعامل الفورى مع لواء مدرع إسرائيلى وكانت المواجهة صادمة وعنيفة وقاتل غريب وجنوده باصرار وعناد أذهل الأعداء بعد أن تمكنوا من تحطيم 10 دبابات.
شنودة .. بطل الشط
العريف شنودة راغب من جنود الصاعقة ابطال حرب اكتوبر عرف ببطل الشط إذ كان في طليعة الأبطال الذين اقتحموا قناة السويس مع قائده الرائد غريب عبد التواب وطأت أقدامهم الشاطئ الشرقى للقناة و تسلقوا الساتر الترابى ليشاركوا في رفع العلم المصري على الضفة الشرقية للقناة ، قدم بسالة وشجاعة فى تدمير دبابات العدو مع قائده حتى النفس الآخير .
انتظار واشتياق
كان غريب ينتظر إشارة البدء على أحر من الجمر وعندما استدعاه قائد الكتيبة قبيل ساعة الصفر ، باعتباره قائد سرية أخبره بأن مهمة سريته تأمين عبور اللواء الخامس مشاة الى الشرق وسلمه علم مصر وصاريا خشبيا متمنيا له التوفيق ، وعاد الشهيد غريب عبد التواب الى وحدته وأعطى التلقين النهائى لرجاله بالمهمة المكلفين بها وحثهم على الترابط والانضباط العسكرى ، ثم أقسم بالله وباسم مصر أن يكون للوطن الفداء وأن يأخذ بثأر الشهداء الذين سبقوهم الى الشهادة فى الحروب السابقة ، وفى بدء العبور العظيم فى الساعة الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973 “ساعة الصفر” انتشرت قوارب أبطال الصاعقة على سطح القناة وكان الشهيد البطل غريب عبد التواب ورجاله فى طليعة أبطالنا الذين وطأت أقدامهم الشاطىء الشرقى للقناة وكان قارب النقيب غريب عبد التواب يتقدم الجميع علي الضفة الشرقية فوجد هو ورجاله أنفسهم امام ساتر ترابى كالجبل مرتفع الى خمسة عشر متر وبسرعة نصبوا سلالم الحبال علي الساتر ، وبدأو عملية التسلق الشاقة فى سرعة البرق ، ليشاركوا فى رفع علم مصر ، أجتاز النقيب مع جنوده خط بارليف متجهاً إلي مصاطب الدبابات وفى الوقت نفسه بدأت مجموعة من الدبابات الإسرائيلية هجومها المضاد باتجاه الشط شرق القناة لتشتبك مع مجموعة من مقاتلى الصاعقة المصرية البواسل بقيادة النقيب غريب عبد التواب وعندما انفجر لغم مصرى تحت إحدى الدبابات الإسرائيلية ودمرها بدأت بقية الدبابات فى المناورة بحيث تندفع دبابة الى الأمام فى حماية ثلاث أخريات ، لكن أبطالنا الشجعان يفسدون المناورة ويدمرون دبابة أخرى ، ليفقدوا العدو صوابه ، ويبدأ التقهقر للخلف وسط وابل كثيف من نيران أبطالنا
وفجأة اندفعت ثلاث دبابات إسرائيلية فى اتجاه المصطبة المتواجد عليها الرائد غريب قائد السرية وتنفتح شهية البطل غريب فى اصطياد المزيد من الدبابات المعادية بعد أن دمر ثلاثة منها خلال الهجوم المضاد فيندفع في إتجاه الدبابة الأولى بجسده ليلقي عليها القنابل المضادة للدبابات ، فقد أقترب حتى أصبح على مقربة من جسم الدبابة ، فأوشك أن يلتصق بها ولم يرهب من الموقف وهدير الدبابة يعلو صوته ، قفز المقاتل الجريء تحت وابل من الرصاص فوقها فى لمح البصر ويفتح غطاءها ليلقي قنبلة بها فيحولها إلى كتلة من اللهب فى الحال ….، وعندما تتبلور مشاعر عديدة في روح المقاتل غريب أبرز تلك المشاعر هي الأخذ بالثأر من العدو الذي احتل الأرض وقتل النفس البريئة ، وهو من أبناء الصعيد الذين لا يتركون الثأر من الظالم ولو بعد حين.
وهنا تتجلى اروع صور الروح الوطنية بين الرائد غريب و أحد جنوده وهو العريف شنودة راغب ، ففى نفس الوقت الذى قام فيه الرائد غريب بتفجير دبابة العدو ، قامت دبابة أخرى بإطلاق النار عليه ، ليسقط شهيدا ، فقام شنودة بفتح رشاشه على جنود العدو فى محاولة لحمل قائده الرائد غريب بعيدا عن الموقع ، غير أن طلقات العدو تمكنت منهما فاستشهدا وكل منهما يحتضن الآخر وامتزجت دماؤهم معاً..