قال رئيس حكومة أرمينيا، نيكول باشينيان، اليوم، إن هدف تركيا في منطقة قره باغ المتنازع عليه بين بلاده وأذربيجان لا يزال ثابتا منذ أكثر من قرن، وهو إبادة السكان الأرمن هناك. محذرًا من أن التصعيد الحالي في قره باغ أخطر مما كان في أبريل عام 2016، مرجحا أن تركيا، وليس أذربيجان، هي صاحبة القرار في الكثير من المسائل المهمة بشأن المنطقة المتنازع عليها.
ونقل موقع روسيا اليوم ماذكره رئيس الحكومة الأرمينية حوار مع صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية بأن أنقرة ترغب في تعزيز دورها في جنوب القوقاز وتغيير الوضع القائم منذ أكثر من قرن، بهدف “بناء امبراطورية تشبه سلطنة”، ما قد يؤدي إلى “إشعال حريق في المنطقة بأكملها”، داعيًا إلى إدراك ما يجري في المنطقة المتنازع عليها وخطورة النهج الذي تسلكه تركيا، محذرا من أنه إن لم يحدث ذلك فإن عواقب النزاع ستخرج عن حدود قره باغ.
وأعلن رئيس الوزراء الأرمني عن امتلاك بلاده أدلة تثبت تقديم تركيا دعما عسكريًا مباشرًا إلى أذربيجان في قره باغ، بما يشمل إمداد أنقرة لباكو بأسلحة ومعدات قتالية ومستشارين عسكريين.
ودعا المجتمع الأمريكي إلى إدراك أن مقاتلات من طراز “إف-16” مصنوعة في الولايات المتحدة وتابعة لسلاح الجو التركي تشارك في الهجمات الجوية على قره باغ.
وشدد “باشينيان” على ضرورة أن توقف أذربيجان وتركيا الأعمال القتالية، مضيفا أنه لا يمكن أن تنزع جمهورية أرتساخ (إقليم قره باغ)، لأن ذلك “سيؤدي إلى إبادة، وسيواجه سكانها خطرا وجوديا”.
وأكد رئيس الوزراء الأرمني أن المفاوضات ضمن إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي السبيل الوحيد لتسوية النزاع، مشيرا إلى أن تركيا لم تعد تستطيع الاضطلاع بدور الوسيط بسبب نهجها “المنحاز والعدائي”.
وكان رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، قد شدد الأربعاء الماضي، على أن بلاده لن تقبل أي حل يضر بمصالحها الأمنية للنزاع بينها وأذربيجان في منطقة قره باغ، منددا بنهج تركيا إزاء التصعيد الأخير هناك.
وصرح “باشينيان” أثناء مؤتمر صحفي عقده في يريفان: “كانت أرمينيا دائما مستعدة لتسوية قضية قره باغ بطرق سلمية، لكن ذلك لا يعني أنها مستعدة لحل المسألة على حساب أمنها القومي وأمن قره باغ”.
وأشار رئيس الحكومة الأرمنية إلى أن يريفان لا تنوي في المرحلة الراهنة تقديم طلب الدعم إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي على خلفية النزاع في قره باغ، على الرغم من وجود تنسيق وثيق مع المنظمة، مشددًا على أن القوات الأرمنية قادرة على الدفاع عن أمن بلادها بدعم المنظمة أو دونه.
ورفض رئيس الوزراء الأرمني إمكانية عقد لقاء قمة ثلاثية بشأن تسوية النزاع في قره باغ مع رئيسي أذربيجان وروسيا، إلهام علييف وفلاديمير بوتين، قائلا: “إن الحديث عن مثل هذه اللقاءات الثلاثية يعد أمرًا غير مناسب ما لم تتوقف الأعمال القتالية في المنطقة المتنازع عليها بين يريفان وباكو.”
وشدد “باشينيان” على أن القاعدة العسكرية الروسية رقم 102 المتواجدة في أرمينيا تمثل جزءًا لا يتجزأ من منظومة أمن البلاد، مشيرا إلى أن قدراتها قد تستخدم “في ظروف محددة”.
وقال رئيس الوزراء الأرمني إن الوضع في قره باغ لم يرق بعد إلى مستوى يستوجب اللجوء إلى قدرات القاعدة الروسية، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الوضع يتطور بسرعة وليس بإمكان أحد التنبؤ بما سيأتي.
وامتنع رئيس الحكومة الأرمنية عن الإجابة مباشرة عن سؤال حول إمكانية استخدام يريفان صواريخ “إسكندر” الروسية على خلفية النزاع في قره باغ، وذكر: “على سلم أولوياتنا ضمان أمن مواطنينا وبلدنا، لكننا نهدف في الوقت نفسه إلى منع استمرار تفاقم الوضع”.
ولوح “باشينيان” مجددا بإمكانية اعتراف أرمينيا باستقلال جمهورية قره باغ المعلنة من جانب واحد وتوقيع معاهدة معها بشأن الشراكة الاستراتيجية والتعاون في مجال الأمن والدفاع، مؤكدا أن هذه الخيارات قيد البحث لدى يريفان وسيتم تبني القرار النهائي بهذا الشأن “بناء على عدة عوامل”.
وذكّر باشينيان بكلام وزير الخارجية الأرمني زغراب مناتساكانيان الذي اتهم تركيا أمس بـ”تصدير عدم الاستقرار”، وقال: “نعم، تصدر تركيا في الواقع عدم الاستقرار إلى الشرق الأوسط والمتوسط وجنوب القوقاز”. مؤكدًا إنه أثار موضوع سلوك تركيا في اتصالات مع زملاء أجانب.