بما إني الأخت الوحيدة اللي ماهاجرتش، احتفظت بطقم صيني قَيِّم قوي كان بتاع أمي قبل رحيلها للسماء، الصراحة هو مميز جداً في بساطته ولونه لكن كمان في شياكته ورِقِّتُه. طبعاً قِطَّع كتيرة منه اتكسرت واترمت على مر الزمان بس من حلاوته، كل ما يكون عندي عزومة بأحب أطلعه. من ضمن الأطباق بتاعته، في واحد غالباً اتكسر بس علشان قيمته، حد لزقه وخلاه مع الباقيين. لكن أنا بروح حاطاه تاني في البوفيه مش بس علشان باين إنه مشروخ وملزوق، لكن كمان لأني أخاف يتكسر في إيد حد من السخونة. بس الغريبة ولا مرة كان عندي الشجاعة ولا الرغبة إني أرميه.
ناس كتير قوي عاملين زي الطبق المشروخ الملزوق ده وعايشين ومكملين بحالة التلصيم في روحهم دي. يمكن علشان لما تيجي على بني آدم، ماينفعش ترميه أو حتى هو يرمي نفسه وهو بيبص على نفسه المهلهلة المتشرخة بسبب قطار الظروف الصعبة اللي مر عليه ودهسه. (ولو إن ناس كتير بتختار تضع حد لحياتها علشان تخلص من الوجع، مهما كان نوعه، انها تنتحر). ولما الأمر ييجي للشروخ الجسدية بسبب عملية أو حادثة، مش بتبقى مشكلة قوي لأن كده كده الجسد هيفنى بكل علاماته. بس إيه أخبار الروح اللي مكملة معانا؟ وأيه رأي “الخالق”، أبونا السماوي وهو باصص علينا وشايفنا متشرَّخين ومُشَوَّهين في أرواحنا ومكملين؟ ليه بيفرق معانا قوي لما نتصاب جسديًا إننا نعمل البدع علشان نتعالج ونِخِف، بس لما تيجي على شروخنا اللي مش متشافة، نختار نعيش مِتلَّصمين؟
كتير قوي بننسى إننا مخلوقين على صورته، صورة الله، وعلى شبهه بجماله وكماله. وإنه مهما اتشوهنا سواء بإرادتنا وبسبب غلطاتنا، أو بغير إرادتنا وإحنا ضحايا لناس أذيتنا وسابتنا أو حتى لسه مكملة تؤذينا، من حقنا نتعالج ونشفى ونرجع تاني “إلى تلك الصورة عينها”. نرجع تاني كاملين، شبهه. ليه مش بنروح له بحتة الطينة اللي نشفت واتشرَّخِت وفسدت علشان بيد الفخاري الأعظم يعود ويصنعها وعاءً أفضل “مثلما يحسن في عينيه؟” هو الوحيد اللي من حقه يرمي البايظ المشروخ، ما بيعملش كده. من نفس الروح المتحطمة دي يقدر يخرَّج روح تانية مشفية سليمة كاملة لأنها أصلاً غالية عليه وحتة من روحه.
بس احنا ندرك ..
بس احنا نختار الزيارة دي ..
بس إحنا نقرر نفوت في السكة اللي في إيده واللي ممكن تكون بتوجع قوي، لكن علشان تستاهل نقرر نِعَدِّي فيها..
أنا على فكرة مش بتكلم من وسع. أنا في وقت من حياتي أدركت ده واخترت أطلع على “الدولاب” ده ودخلت غرفة عمليات أعظم طبيب برجليَّا وبإختياري، واستسلمت لكل تفعيصة كان بيخرج منها بقليل وجع وبيسيح منها دم غزير. غرفة العمليات اللي قبل ما تدخلها، بيخلعوا من عليك كل هدوم إنت فاكرها ساتراك. ساعات دموع طويلة في محضره. شهور معاناة ويمكن سنين. بس النتيجة كانت مُبهرة. حوِّل المشروخ لصحيح، كامل، ينفع يرجع ينضم لباقي الطقم السليم الجميل الكامل. يرجع يستخدم في إطعام الضيوف اللي جاية تاكل. يرجع يكون “نافع للسيد”، “مُستعد” (مُستَعِد ومُعَّد) لكل عمل صالح. خفيف في الروح ومنطلق في الأداء، مشفي وبيشع نور وفرح زي سيده.
شايفة حواليَّا ناس كتير ، خصوصاً ستات، مقهورين ومكملين مشروخين متلصمين وكأن ماعندهمش اختيارات أخرى. يمكن باينين حلوين منطلقين من بره، بس من جوه متهلهلين. آه لو يعرفوا إنه ينفع مايكملوش كده. آه لو يعرفوا أد أيه أبوهم موجوع وهو شايفهم كده وهو دفع تمن سلامتهم وحمل أوجاعهم وجبر كل كُسورهم على الصليب علشان همَّ يعيشوا أحرار، مشفيِّين منطلقين ومجبورين. آه لو يعرفوا إن ده ممكن يحصل وdoable.
“فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.” (متى ٤٨:٥).
“لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ ٱللهِ وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لِأَجْلِ مَعَاصِينَا ، مَسْحُوقٌ لِأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا.” (إشعياء ٥٣: ٥،٤).