رقد في الرب بشيخوخة صالحة قارورة الطيب وأيقونة كنيسة مارجرجس سبورتنج، الأب المبارك القمص لوقا سيداروس أحد الكهنة التاريخيين مع القمص بيشوي كامل، و القمص تادرس يعقوب لكنيسة مارجرجس سبورتنج، وامتدت شهرتهم وسيرتهم العطرة ليس في الإسكندرية فقط، بل إلى كل أنحاء مصر وخارجها، خاصة أمريكا فقد تنيح في 26 أغسطس 2020 عن عمر يناهز الـ80 عامًا، قضى منها 53 سنة في خدمة المذبح ، فهو من مواليد 3 – 5 – 1940 باسم كمال خلف سيداروس حصل على بكالوريوس العلوم سنة 1964 سيم كاهنًا يوم الجمعة 17 مارس 1967 على كنيسة مارجرجس سبورتنج.
وكانت الرسامة في دير مارمينا بمريوط بيد المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس ونال درجة القمصية في 29 أكتوبر 1989 بيد المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث، كما التقى قداسة البابا تواضروس الثانى فى كنيسة مارجرجس سبورتنج ودار حديث الذكريات بينهما، بعد مارجرجس سبورتنج خدم بكنيسة مار مرقس في لوس انجلوس بأمريكا ، ثم خدم في كنيسة أبي سيفين والأنبا إبرام في تورانس كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ورغم معاناته من مرض عضال لكن كان يستمر حتى آخر نفس فى الوعظ والتعليم والرعاية حتى نياحته يوم الأربعاء 26 أغسطس 2020 .
_________________________________________________________________
يروي أبينا المحبوب القمص لوقا سيداروس لنا ذكريات أيام الاعتقال والسجن في سجن المرج، بناء على قرار الرئيس السادات فيما عرف بقرار التحفظ فى 5 سبتمبر 1981 ، قائلًا:
-أبلغتني تاسوني ماري زوجة أبونا تادرس في فجر الخميس 3 – 9 – 1981 ، أن المباحث حضروا إلى منزلهم وأخذوا أبونا تادرس معهم، فتعجبت وتساءلت هل المؤكد أنهم رجال من المباحث وهل تحققت من شخصياتهم، فأجابت بـ: لا.
ثم اتصلت بالمتنيح الأنبا تيموثاؤس وكيل البابا بالإسكندرية، وقد انزعج للخبر ولكنه ليس لديه فكرة عن الأمر، ثم اتصلت بالمرحوم الأستاذ ألبرت برسوم – كان يشغل منصب وزير – وقال أيضًا أنه لا يعلم أي شيء عن هذا الأمر.
_ وبعد دقائق دق باب بيتي، وأربعة أشخاص قالوا لي أن مفتش المباحث العامة يريدني، ففتحنا لهم حجرة الجلوس ودعوتهم ولكنهم اعتذروا بأدب ، فدخلت إلى غرفتي حتى أرتدي ملابسي ، فمد أحدهم يده إلى الكتب الموجودة على مكتبي، نظرت إليه وسألته عما يفعل فرد يده وقال لا شيء، ثم حدثني الضابط رئيسهم قائلًا: لا تخف يا أبونا دي كلها كام ساعة. فقلت له: ومن قال لك أني خائف ؟ لعلك أنت الخائف؟! رد على الفور إحنا في بيت أبونا لن نخاف. قلت له حسنا ، ثم أشار إلى صورة أبونا بيشوي كامل، متسائلًا : مين ده .. هو ده أبونا بيشوي؟ قلت له : نعم، فتساءل: هو مدفون فين؟ قلت له لماذا تسأل هذا السؤال الغريب وأنت تعلم؟ قال لا والله يا أبونا أنا لا أعلم لأنني ضابط في الجوازات وأنا منقول حديثًا للإسكندرية .. ثم ذهب معهم.
_ وجدت هناك أبونا تادرس وأبونا صموئيل ثابت ورجل مسيحي آخر جالسين في عربة البوليس محوطين بالمخبرين حولهم، وصلنا إلى مديرية الأمن ومن هناك ركبنا ميكروباص نحن الخمسة : أبونا تادرس وأبونا صموئيل والأستاذ عادل بسطوروس المحامي والأخ جورج وأنا … مع أربعة رجال مباحث وضابط والسائق وظلت عربات النجدة تسرع أمامنا وتسلمنا من بلد إلى بلد حتى وصلنا سجن المرج كل ذلك دون كلمة واحدة من أحد.
_ ثم أودعونا الزنزانة بعد التفتيش ودون كلمة واحدة الزنزانة 15 ، كان الأستاذ عادل بسطوروس وأنا نزلاء بها.. سجدنا للرب وصلينا صلاة الساعة السادسة وجلسنا نقرأ رسالة فيلبي رسالة الفرح الشديد التي كتبها القديس بولس في سجنه .
وكان أحد الآباء واقفًا يُصلي قبل قتل السادات بيوم واحد، وأثناء صلاته ودموعه سمعنا صوت يقول خرج الأمر، فالتفت إلى الكاهن زميله في الزنزانة وقال له ماذا تقول؟ فوجد زميله متثقلًا بنوم عميق فلم يكن الكاهن هو المتكلم، ولم يكن الصوت صوته.
_ فلما سمعنا خبر اغتيال السادات بكى بعض الآباء بصوت مسموع لم يكن قلبهم حب للنقمة ولا بغض حتى نجو من آلامهم وحكم عليهم هكذا وهكذا ظهرت نقاوة قلب بعض الآباء وانطباع وصية المسيح على قلوبهم وسلوكهم .
_ من أعجب الأمور الرؤى والأحلام التى رأها كثيرون، وكان للبابا كيرلس النصيب الأكبر منها فقبل ترحيلنا من الزنازين في سجن المرج بيوم رأى واحد أن الزنازين تنهار وتنكسر والبابا كيرلس واقف يقول لكل واحد يالله يا بني إلى أن خرج الجميع بسلام .
_ من الأمور التي تمجد الله فيها أن كثيرين منا كانوا مرضى بأمراض مختلفة، والبعض كانوا متقدمين في السن 76 سنة مثلا ولم يصب أحدهم بضرر بل كانت يد الرب معهم ومعونة إلهية سندت ضعفنا فخرج الجميع أفضل مما دخلوا رغم ظروف المعيشة في السجن وعدم وجود العناية الصحيحة الكافية ، بل كانت العناية الإلهية تشملهم.
_ خادم أسقفية الخدمات الأستاذ جرجس عبد المسيح هو أول من زار الآباء وقد حباه الله بنعمة جزيلة وروح وذهن متقد _ ففي الدقائق التي سمحوا له أن يرانا رغم كثرة عدد المسجونين وهو لا يعرف معظمنا ولكنه حمل رسالة لكل واحد على حده فتذكر الأسماء والاحتياجات والاحباب والاقارب … بقدرة خارقة ومهمة وظل يباشر عمله هذا إلى خروج الآباء جميعًا .
سألت أبونا هل جاءت فكرة لكتاب معين بعد هذه الأحداث أنا كتبت من 150 إلى 200 صفحة احتفظ بها في بيتي بالإسكندرية. وسألته.. لماذا اطلق على هذه الأيام أيام التحفظ .. قال: روحوا اسألوا السادات، قلت أيه يا أبونا نسأله إزاي أنت عايز تموتنا ولا أيه وتعالت ضحكاتنا .
صورة مضمنة