نقل وتوزيع اللقاح بالطيران والسفن يحتاج لاشتراطات طبية معينة
تقرير / فادي لبيب – أسامة فايز
عادةً ما يستغرق تصنيع لقاحًا جديدًا وقتًا ، لكن العلماء علي مستوى العالم هذه المرة يضعون وقتًا قياسيًا لسرعة إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا .. وبينما ينتظر ملايين الأشخاص حول العالم إنتاج لقاح مضاد لـ “كوفيد 19” تخشى كبري شركات الشحن حول العالم من عجزها عن إيصال اللقاح المنتظر ونقله سواء عبر البحر أو البر في ظل الصعوبات الكبيرة التي فرضتها تداعيات الفيروس على كافة الصناعات بما فيها الشحن ، ورغم صفقات تصنيع اللقاح التي يتم إبرامها ، يتوقع كبار العاملين بمجال الصيدلة أن التوزيع سيشكل التحدي الأكبر للجميع، وليس التصنيع،حيث أعلنت شركات شحن البضائع المختلفة ، أنها “غير مهيئة ” لشحن لقاح “كورونا”، حال وصوله من صانعي الأدوية، إلى مليارات البشر حول العالم ، إذ تواجه شركات الشحن، مشكلات تتراوح من محدودية سعة سفن وطائرات الشحن، إلى عدم وضوح الرؤية حول موعد وصول اللقاح.
ووفقا لـمنظمة الصحة العالمية، فإن هناك أكثر من 160 لقاحا لفيروس كورونا قيد التطوير حاليا، 25 منهم فقط وصل لمرحلة التجارب على البشر ، ورغم صفقات تصنيع اللقاح التي يتم إبرامها ، يتوقع كبار العاملين بمجال الصيدلة أن التوزيع سيشكل التحدي الأكبر للجميع، وليس التصنيع .. فهناك مشكلة أخرى تتعلق بالسعة وتتمثل في التبريد ، ولقد قال مسؤولو الصحة إن اللقاح الذي سينتهي به الحال إلى السوق يحتاج على الأرجح إلى الحفظ عند 2 إلى 8 درجات طوال عملية الشحن ، وقد تتطلب بعض التقنيات الحديثة من اللقاحات مجمدات أكثر تقدماً يمكنها حفظ اللقاح عند درجة حرارة منخفضة تصل إلى 80 درجة مئوية ، وأي انحراف في هذا الأمر يمكن أن يتسبب في تلف جرعات اللقاح.
حيث تواجه جهود التوصل إلى لقاح لوباء “كوفيد-19” الكثير من العراقيل، فمهمة التوصل إلى لقاح آمن في وقت ضيق يُعد أمرًا صعبًا، كما أن مهمة توزيعه في جميع أنحاء العالم ليست سهلة، إذ أن البنية التحتية التي تدعم الاقتصاد العالمي تتقلص من أجل انكماش طويل الأمد، بينما تحتاج شركات الأدوية إلى التوسع لإطلاق “المنتج الأكثر أهمية في التاريخ الحديث”.
سلاسل توريد اللقاح أكثر تعقيدًا
وقال المدير بإحدى شركات الشحن الجوي الأميركية، نيل جونز، خلال ندوة عبر الإنترنت هذا الأسبوع مع مديرين تنفيذيين آخرين: “لسنا مستعدين”، وفق ما ذكرت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء ، وأضاف “جونز” : ” لنكن صادقين هنا، فإن سلاسل توريد اللقاح أكثر تعقيدًا من سلسلة توريد معدات الوقاية الشخصية (مثل الكمامات والقفازات).. لا تُدمر معدات الوقاية الشخصية إذا تم تركها على مدرج المطار لبضعة أيام، أما اللقاح فسوف يُدمر”.
وذكرت “وكالة بلومبرج الأمريكية”، في تقرير لها أن شركات الشحن التي تأثرت بشكل كبير من فيروس كورونا وآثاره على سلاسل الإمداد العالمية تواجه مشكلات كبيرة ابتداء من تقلص قدرات عملها على متن سفن الحاويات، وطائرات الشحن وعدم وجود موعد أو آفاق واضحة حول موعد إنتاج لقاح مضاد للفيروس ، وفي ظل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي نتجت عن فيروس كورونا .. فإن مسألة إنتاج لقاح مضاد بسرعة ليس سهلاً ، وكذلك مسالة توزيع هذا اللقاح، تواجها متغيرات كثيرة والتي قد تحول دون توزيع اللقاح على عشرات الدول حول العالم. ومن هذه المتغيرات” البنية التحتية” التي تعمل على تشغيل الاقتصاد العالمي وتشهد تقلصًا على نحو متسارع بسبب الفيروس إضافة إلى شركات الأدوية التي تحتاج إلى التوسع بشكل كبير لتكون قادرة على إطلاق اللقاح المنتظر عالمياً.
ولفتت الوكالة الإخبارية إلى أن السؤال الأهم هو: كيف يمكن أن يتم نقل شحنات اللقاح التي تتطلب هذا القدر من الحذر والدقة والتكلفة الباهظة إلى المناطق النائية والفقيرة حول العالم؟.
وعلق ” نيل جونزشاة ” المسؤول في شركة فليكسبورت العالمية للشحن، قائلًا : إن شركات الشحن الدولية “غير مستعدة” مشيرًا إلى أن “ سلاسل إمداد اللقاح معقدة للغاية وتتجاوز في تعقيدها وصعوبتها عمليات شحن أدوات الوقاية الطبية، بما فيها الأقنعة الواقية، والقفازات الجراحية، فمن المستحيل أن تترك اللقاح مخزنا عدة أيام في مدرج المطارات بدون احتياطيات طبية واجبة ، وأضاف قائلاً: هناك مشكلة أخرى ستواجه شركات الشحن عند نقل اللقاح المنتظر لفيروس كورونا وهي عمليات التبريد فقد حذر مسؤولون في مجال الصحة من أن اللقاح سيحتاج عند طرحه في الأسواق إلى التخزين بدرجة حرارة تتراوح بين 2 إلى 8 درجات مئوية طيلة عملية الشحن، ولذلك قد يتطلب الشحن بعض تقنيات التبريد الأكثر تقدما وقد تحتاج تكنولوجيات أحدث إلى ثلاجات أكثر تطورا للحفاظ على درجات حرارة مماثلة، حتي لا يتعرض اللقاح لأي عوامل قد تؤدي لإفساده.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “ميرك” لإنتاج وتصنيع الأدوية، كينيث فرايزر: “كثيرًا ما يتحدث الناس عن اللغز العلمي المتمثل في التقدم بلقاح ناجح .. في بعض النواحي، ربما تكون المشكلة الأصعب هي التوزيع” ، وتابع: ” لا أحد منا في أمان حتى يصبح جميعنا بأمان، لذلك يجب أن يُعطى اللقاح للبشرية على نطاق واسع ، نحن بحاجة إلى لقاح يمكننا صنعه وتوزيعه في أنحاء العالم” .. بينما قدر جوليان ساتش رئيس قسم الأدوية في شركة شحن جوي : إن طائرة شحن واحدة من طراز “بوينغ 777″ يُمكنها حمل مليون جرعةفردية من اللقاح، مما يعني أن شحن جرعة مزدوجة من اللقاح لنصف سكان العالم يتطلب حوالي 8 آلاف طائرة شحن ، فضلاً عن وجود مشكلات تتعلق توزيع اللقاح في حال إنتاجه مثل ” العدل ” في توزيعه وإمكانية إيصاله لمناطق نائية وفقيرة ورغم أن مثل هذه المسائل لم تحل بعد إلا أن شركات الشحن تأخذها بعين الإعتبار وتدرس خيارات مختلفة لنقل وشحن اللقاح مثل استخدام طائرات دون طيار.
وقال أمير بينيدا، مدير تجارة الطيران واللوجستيات في مطار ميامي الدولي، وهو من بين عدد محدود من المطارات حول العالم الذي لديه شركات طيران معتمدة للتعامل مع الأدوية: “لا أعتقد أننا جاهزون لأنني لا أعتقد أننا نعرف ما يمكن توقعه” .. وقد يكون هناك عامل معقد آخر هو سلوك بعض الحكومات الحمائية العازمة على عرقلة التعاون الدولي من خلال ممارسة السيادة على سلاسل التوريد ، ووسط هذا الضجيج هناك مهمة ثابتة من الاقتصادات التي تحاول التعافي، والوقت المزدحم من العام للشركات لتقوم بالتخزين قبل عطلات نهاية العام يكون عادة في أغسطس وسبتمبر ، وبصرف النظر عن توزيع اللقاح، فقد تظل أسعار الشحن المرتفعة بالفعل على هذا النحو وتبقى أكثر تقلباً من أي وقت مضى .
تكلفة النقل المرتفعة
لقد تحملت صناعة الأدوية ذات العلامات التجارية والعامة بالفعل تكلفة النقل المرتفعة حيث أدى الوباء إلى إدخال صناعة الطيران في حالة من الفوضى ن حتى في بداية شهر فبراير2020، كافحت المجموعات التجارية الصناعية والمنظمات غير الربحية لمساعدة شركات الأدوية في التغلب على ندرة الرحلات التجارية وشحن البضائع .. وفي حين يعمل الخبراء على أكثر من 160 مشروع لقاح ضد لفيروس إلا أن 25 فقط من هذه اللقاحات قيد الإختبارات البشرية الأولية وفيما يأمل المتفائلون بأن يكون هناك لقاح صالح للاستخدام في السوق بحلول نهاية العام يتحدث آخرون عن العام المقبل لكن موعد إطلاق اللقاح غير واضح حتى الآن وسيحمل معه تحديات كثيرة سواء لشركات الشحن أو لشركات الأدوية.
وفي مصر تكثف وزارة الصحة والسكان جهودها للتأكد من خطوط الإنتاج والإمكانات المتاحة وما تحتاج إليه شركة فاكسيرا لإنتاج لقاح كورونا الصينى المنتظر، على أن يتم عقد عدة لقاءات خلال الفترة المقبلة بين الجانبين المصرى والصينى لبحث الإستعدادات اللازمة، قبل توقيع عقد الشراكة بين البلدين لتكون مصر المركز الإقليمى لصناعة اللقاح فى إفريقيا.
من ناحية أخرى بدأ الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة ومجموعة شركات “خيم رار”، في تصدير دواء “أفيفافير” المخصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا المستجد ، وفي يونيو الماضي، تم تصدير هذا الدواء إلى بيلاروس، ومن المتوقع توريده إلى كازاخستان في المستقبل القريب ، وقال الصندوق الروسي في بيان، أنه قد أعلن صندوقنا ومجموعة خيم رار، عن إنتاج أول 100 ألف دورة دوائية روسية من نوع أفيفافير في يونيو، وهو ما يتجاوز بشكل كبير خطة الإنتاج الأولية عند مستوى 60 ألف دورة ، وأضاف تم تسليم الدواء إلى 35 منطقة في جميع أنحاء روسيا، وكذلك إلى جمهورية بيلاروس” ، وهناك مفاوضات لتوريد “أفيفافير” إلى عدد من دول أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط فى ظل إهتمام عالمى بهذا الدواء
توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن تؤدي أزمة فيروس كورونا إلى تكبد شركات الطيران خسائر قدرها 84 مليار دولار وتقليص الإيرادات إلى النصف، وهو ما سيكون أسوأ عام في تاريخ القطاع ، وحذر الاتحاد من أن الخسائر قد تصل إلى 100 مليار دولار في عام 2021 مع مواجهة حركة السفر الجوي صعوبة في التعافي وتخفيض شركات الطيران أسعارها لتستأنف أنشطتها .. منهوهاً أنه من المرجح أن تنخفض الإيرادات لـ 419 مليار دولار من 838 مليار دولار في العام الماضي، مع توقف معظم الرحلات حول العالم في الوقت الحالي ، وقال المدير العام للاتحاد ألكسندر دو جونياك “كل يوم يمر هذا العام يضيف للصناعة خسائر تصل إلى 230 مليون دولار” .. بينما يرى تيم كلارك رئيس طيران الإمارات أن الرحلات القصيرة، أو الرحلات الطويلة، سوف تشهد تحسناً طفيفاً في حال وجود لقاح محتمل، موضحاً أن طيران الإمارات في موقع جيد للاستفادة من هذا الأمر.