وجه الرئيس السيسى بتطوير شامل لمنطقة سانت كاترين لأهميتها الروحية وفى ضوء ذلك يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن مصر كانت واستمرت وجهة الحجاج المسيحيون منذ القرن الرابع الميلادى حين إنشاء القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين لكنيسة العذراء مريم بجوار شجرة العليقة المقدسة بالوادى المقدس، وحجت إلى سيناء بعد زيارتها إلى القدس ومن وقتها أصبح الطريق التى اتخذته من أوروبا إلى سيناء ومنها إلى القدس طريقًا معروفًا للحجاج المسيحيون مستمر حتى الآن والغرض منه اكتساب الفضائل الروحانية ومن هذا المنطلق نوجه الدعوة للمصريين والأجانب مسيحيين ومسلمين لزيارة الوادى المقدس بكل معالمه جبل موسى ودير سانت كاترين وشجرة العليقة المقدسة داخله
وأضاف الدكتور ريحان أن مباركة بابا روما عام 2017 لمسار العائلة المقدسة كطريق للحج بمصر مختص بمسار العائلة المقدسة من رفح إلى الدير المحرق، وقد جاءت وفود الحج إلى مصر منذ القرن الرابع الميلادى فى مسار غربى من أبو مينا إلى سانت كاترين ومسار شرقى من القدس إلى سانت كاترين ويعد مسار العائلة المقدسة بسيناء من رفح إلى الفرما جزء من طريق الحج القديم، وبهذا تكون مصر وجهة حجاج مسيحى العالم من كل الطوائف فى طريقين مباركين طريق الحج القديم ومباركة مسار العائلة المقدسة.
ويوضح الدكتور ريحان أن أغلب المسيحيين الذين يذهبون إلى القدس يضعون مصر وسيناء فى برنامجهم، وقد وصلتنا كتابات عديدة للحجاج المسيحيين عبر العصور فبين أعوام (381 384م) جاءت الراهبة إجيريا أو إثيرى (كما ذكرت بعض المراجع ) قادمة من أوروبا إلى منطقة الجبل المقدس بسيناء عازمة على اتخاذ نفس الطريق الذى سلكه بنو إسرائيل فى رحلة الخروج من مصر إلى فلسطين عبر سيناء وتطلق إثيرى تسمية سيناء على مجموعة من الجبال من بينها جبل الشريعة أو جبل سيناء وهو جبل موسى الحالى 2242م فوق مستوى سطح البحر.
و وصفت صعودها إلى جبل موسى فقالت أنها وجدت على قمته كنيسة صغيرة حيث أقيم قداس تلاه توزيع خيرات الله على شكل فواكه من إنتاج منطقة الجبل المقدس ويستدل من كتابات إثيرى على أن هذه الرحلة كانت شاقة وكثيرة التكاليف لا يقدم عليها إلا الشخصيات الكبيرة ذو النفوذ الواسع والمال الوفير
ويتابع الدكتور ريحان أن من بين هؤلاء الحجاج المشهورين بوستوميان وهو من أهالى ناريون بجنوب فرنسا حيث حج إلى مصر عام 400م بعد أن عبر البحر المتوسط فى أربعين يومًا إلى الإسكندرية ثم توجه إلى القدس عن طريق سيناء وكان معه عدة مرافقين ووصف لنا رحلته وجاء القديس أنطونين من إيطاليا إلى الجبل المقدس وذكر أن عددًا هائلًا من النساك جاءوا لمقابلته ينشدون التراتيل وأنه كان لكل دير ثلاثة رؤساء أحدهم يجيد اللاتينية والثانى الإغريقية والثالث القبطية
وينوه الدكتور ريحان إلى أن هناك طريقان مشهوران للحج بسيناء، طريق شرقى وطريق غربى أما الطريق الشرقى فهو للمسيحيين القادمين من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حاليًا) إلى النقب ثم وادى الحسى إلى وادى وتير الذى تتوفر فيه المياه من بئر الحسى وبئر صويرا ويجاور وادى وتير أيضًا عين فرتاقة وبها جدول صغير يفيض بالماء طوال العام ثم يسير الطريق فى وادى غزالة إلى عين حضرة ثم وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها نقوش نبطية ويونانية وأرمينية ثم يسير إلى سفح جبل جونة إلى وادى مارة ثم يدخل سفح جبل سيناء وطول هذا الطريق حوالى 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس.
ويوضح الدكتور ريحان إلى أن العالم ميخائيل ستون قام بأعمال مسح أثرى ودراسة لنقوش وادى حجاج بهذا الطريق حين زيارته لسيناء عام 1979 وقد وجد بهذا الوادى نقوش أرمينية عددها 55 نقش أرّخها ما بين القرن (الأول إلى الرابع الهجرى / السابع إلى العاشر الميلادى) منها نقش لأحد المسيحيين يقول (أنا ذاهب حول موسى) يعنى جبل موسى وآخر يقول (أنا رأيت القدس)، وأن وجود مثل هذا العدد من النقوش الأرمينية فى الطريق الشرقى بسيناء وعدم وجودها فى الطريق الغربى يدل على كم المسيحيين الأرمن القادمين إلى جبل سيناء من القدس.
ويتابع بأن الطريق الغربى للحج يبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى عسقلان، غزة، رافيا (رفح)، رينوكورورا (العريش)، أوستراسينى (الفلوسيات) ،كاسيوم (القلس)، بيلوزيوم (الفرما)، سرابيوم (الإسماعيلية)، القلزم (السويس)، عيون موسى، وادى غرندل، وادى المغارة، وادى المكتّب، وادى فيران إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق من القدس إلى القلزم 390كم ، ومن القلزم حتى جبل سيناء 300كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 690كم .