دراسة أثرية سياحية جديدة للدكتور ياسر الليثي الباحث الأنثروبولوجي عن سياحة الكهوف بأسبانيا ورؤية لتطبيقها فى مصر كنوع جديد من السياحة يستهوى الكثير من رواد السياحة فى العالم.
ويؤكد الدكتور ياسر الليثى أن أسبانيا قامت بتدشين نسخة طبق الأصل مطابقة للكهف الاصلي الذي يوجد في “سانتيانا ديل مار” بالقرب من الكهف الأصلي على بعد نحو 30 كيلو مترا غربي سانتاندر , و بدأت السلطات في استخدامها كمتحف لفن ما قبل التاريخ مقابل تذكرة يبلغ ثمنها 20 يورو للفرد الواحد و قد بلغ عدد الأشخاص الّذين زاروا النسخة المطابقة للكهف 240 ألف شخص في ذلك العام ما كان له مردود إيجابي للدخل الوطني الإسباني ومن هذا المنطلق كانت دراستى لتطبيق سياحة الكهوف فى مصر وعمل قاعة بالمتحف المصرى الكبير لرسومات كهوف ما قبل التاريخ.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثارجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن مصر تمتلك العديد من الكهوف الأثرية أحدثها الكهوف المكتشفة بسيناء علاوة على كهوف هضبة الجلف الكبير التي تقع فى جنوب غرب مصر وتضم العديد من الكهوف التي تعود لعصور ما قبل التاريخ وبها العديد من المخربشات المحفورة في الصخر و الرسوم الصخرية الملونة مثل التي توجد في كهف ( وادي صورة ) و هو أحد أجمل وأهم كهوف هضبة الجلف الكبير ويحتوي علي رسومات صخرية ترجع الى ما قبل التاريخ اكتشفت عام 2002 منها رسوم لأشكال بشرية راقصة وحيوانات غريبة بلا رأس وهي تعتبر المفاتيح الجديدة لمعرفة أسباب ظهور وازدهار الحضارة المصرية القديمة لاحقًا.
ويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن كهف وادي صورا يحوى 5000 صورة مرسومة بالألوان او محفورة على الصخر في الصحراء الشاسعة غير المأهولة القريبة من الحدود الجنوبية الغربية لمصر مع كل من ليبيا والسودان وكل تفاصيلة المرسومة تشير إلى أن تاريخ الموقع يرجع الى 12000عام على الأقل وأنها قد تكون من أعمال مجموعات الصيادين ( أبناء الحضارة الخورسامية المصرية) الذين ربما كان نسلهم من أوائل من استوطنوا وادي النيل بعد ذلك الذي كان في ذلك الوقت مليئًا بالمستنقعات ولا يسهل العيش فيه.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الدراسة رصدت نشأة وتطور الحضارة بداية من هذه الكهوف ففي عام 10000 قبل الميلاد تقريبًا كانت الأمطار الموسمية تسقط على منطقة الجلف الكبير و كل الصحراء الغربية مفسحة المجال لظهور مناطق السافانا التي تجذب مجموعات الصيادين, وبحلول عام 5300 قبل الميلاد توقف سقوط المطر وتراجعت المستوطنات البشرية إلى المناطق المرتفعة مما جعلهم يتمركزون في هضبة الجلف المرتفعة وبحلول عام 3500 قبل الميلاد اختفت تلك المستوطنات بالكامل أي أنه بسبب تغير مناخ حياة السافانا طيلة ثلاثة أو أربعة آلاف عام في منطقة الصحراء زحفت البيئة الصحراوية واضطر الناس الى التحرك شرقًا صوب وادي النيل مما أسهم في قيام الحضارة المصرية وجنوبا صوب القارة الأفريقية مما يدحض كل الخرافات من علماء أو كتاب ادّعوا بوجود كائنات فضائية قامت ببناء معالم الحضارة المصرية القديمة.
وينوه الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى إغلاق هذه الكهوف حاليًا لظروف أمنية بالإضافة إلي مشقة الوصول إلي منطقة الجلف الكبير علي السائحين حتى عندما كانت المنطقة مفتوحة ومن هنا نشأت فكرة ورؤية الدكتور ياسر الليثى لتطبيق التجربة الاسبانية بمصر حيث قام الرسامون و الفنانون المتخصصون في رسوم ما قبل التاريخ بأسبانيا بعمل رسوم هذه الكهوف نسخة طبق الأصل ومنها رسوم كهف التاميرا المعروضة بالمتحف الوطني بمدريد,ومن هؤلاء الفنانون الفنان الباليوليتيكي خوسيه خو والذي يعيش فى إقليم الباسك موطن الرسوم الصخرية وقد قام بعمل 750 نسخة متماثلة من العصر الحجري القديم , و أقام العديد من المعارض و لديه متحف لفن العصر الحجري صنعه هو بالفعل و يسمي متحف (هيزور موسيوا).
ويضيف الدكتور ريحان أن الباحث الدكتور ياسر الليثى يعرف هؤلاء الفنانون شخصيًا وعرض عليهم المساهمة فى تطبيق هذه الفكرة فى مصر وأبدوا استعدادهم لذلك ويقترح أن أن تكون البداية عمل نسخة طبق الأصل من كهف وادي صورا وتخصص لها قاعة في المتحف المصري الكبير وستكون قاعة هامة جدًا تؤصل للحضارة المصرية القديمة وتؤكد بنائها وازدهارها بأيدى المصريين لكي يعلم العالم أجمع أن الحضارة المصرية القديمة لم تهبط من السماء ولكنها نشأت من حضارة مصرية عظيمة سابقة تسمي الحضارة الخومارسية.