أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن حفائر البعثة الألمانية موسم فبراير – مارس 1995 برئاسة الدكتور بيتر جروثمان، تحت إشراف منطقة آثار جنوب سيناء كشفت عن أقدم مستشفى بسيناء بوادى فيران تعود إلى النصف الثانى من القرن الخامس الميلادى.
ويوضح الدكتور ريحان أن هذه المستشفى تقع بكنيسة المدينة داخل تل محرض الأثرى بوادى فيران الذى يضم مدينة بيزنطية متكاملة من القرن الخامس والسادس الميلاديين، وقد أسس هذه الكنيسة الراهب موسى وخصصت للراهبان الأطباء كوزماس ودميان، وذلك من خلال نقش العتب العلوى للباب الجنوبى للكنيسة وهو نقش باللغة اليونانية.
ويضيف الدكتور ريحان بأنه علاوة على استخدام الكنيسة فى الخدمات الدينية أيام الأحد والأعياد فقد استخدمت أيضا لعلاج المرضى ويتضح ذلك من عمارتها حيث يوجد مقاعد للجلوس على طول الجانب الداخلى للجدار الجنوبى، وعلى طول جدران الحجرة جنوب شرقية الكنيسة والتى استخدمت فى هذه الكنيسة لجلوس المرضى، كما يوجد حجرة بالنهاية الغربية من الرواق الجنوبى استخدمت لتسخين المياه وتجهيز الطعام للمرضى كما ساعد الجو الروحانى وجمال وادى فيران على اعتبار الموقع كمكان استجمام للمرضى بعد الشفاء.
وينوه الدكتور ريحان بأن تل محرض الأثرى الذى يضم المستشفى يقع بجوار دير شهير بوادى فيران وهو دير البنات الذى يمثل واحة للجمال وتحفة معمارية وأثرية، حيث تكسوه الخضرة من كل جانب ومزارع من الزيتون والفاكهة تعتمد على مياه المطار والآبار ويحيط بالدير سلاسل جبلية رائعة ويجمع الوادى بين الحجر الذى تمثله الآثار والبشر الطيبيون حول هذا الموقع والشجر الذى يميز وادى فيران الذى يقع على بعد 60 كيلو شمال غرب دير سانت كاترين طوله 5 كيلو وعرضه ما بين 250 إلى 375 مترا وقد أخذ الوادي شهرته من وجوده في سفح جبل سربال العظيم الذي يبلغ ارتفاعه 2070 مترا فوق مستوى سطح البحر واسم سربال ارتبط بشجر النخيل عند سفح الجبل وكان الجبل محل تقديس قبل رحلة خروج بنى إسرائيل إلى سيناء.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن وادى فيران يحتضن مدينة مسيحية متكاملة مكتشفة بسيناء تحوي آثارًا عمرها أكثر من 1500 عام من القرن الرابع إلى السادس الميلادي شهدت قدوم المسيحيين إليها من أوروبا آمنين مطمئنين على أرض الفيروز في رحلتهم إلى القدس عبر سيناء، ومنهم الراهب كوزماس عام 535م، والراهب أنطونيوس عام 565م، وكان الوادي ملجأً للمتوحدين الأوائل بسيناء الذين لجئوا إليه هربًا من اضطهاد الرومان في القرن الرابع الميلادي وبنوا قلايا “مكان تعبد الراهب”، من أحجار الوادى، ما زالت باقية حتى الآن، كما يضم الوادي الجبل التاريخي الشهير وهو جبل البنات الذي يحتضن دير البنات الذي يعود إلى القرن الخامس الميلادي.
وأكد أن الدور الحضاري لهذا الوادي مازال مستمرًا حتى الآن، فلقد حصل دير سانت كاترين على حديقة كبيرة عام 1898م، يسقيها خزان كبير بجوار تل محرض الأثري وقام راهبان من دير سانت كاترين ببناء كنيسة بهذه الحديقة عام 1970م، تسمى كنيسة سيدنا موسى وتم بناء دير حول هذه الكنيسة عام 1979م يتميز بأشجار السرو الباسقة رمزًا للخلود وخصص للراهبات التابعين لدير سانت كاترين ويسمى دير البنات الحديث.
ويطالب الدكتور ريحان بالاستفادة من وادى فيران الكنز الأثري والطبيعي بتحويله إلى متحف حضاري طبيعي مكشوف يضم الكنوز الأثرية، التي تؤكد التعايش الحضاري والتسامح على أرض مصر لتنشيط السياحة الثقافية والدينية بالوادي واستغلال مجاري السيول بالوادي بعمل سدود وخزانات لتوفير المياه وإعادة اللون الأخضر لأشجار الوادي التاريخية واستغلال الطبيعة المتفردة التى تحتضن التاريخ وهذا الجمال الساحر