” سيّدي، إِذا كُنتَ أَنتَ قد أخذت جسد الربّ يسوع، فقُلْ لي أَينَ وَضَعتَه، وأَنا آخُذُه “. فقال لها يسوع : ” مريـم ” فالتفتت وقالت له بالعبرية :”رابوني” اي : يا معلّم .(ىيوحنا٢٠: ١٥-١٦)
وكأنّ مريم قالَتْ له منذ البدء ما هو السبب الذي جعلَها تبكي ! لقد تكلّمَتْ عنه بدون أن تَلفظَ اسمه .
هذا هو الحبّ.. حين نكون ممتلئين بالذي نُحبُّه، نعتقدُ أنّ الآخرين أيضاً مهتمّين به ويسألون عنه. لذا، لم تتصوَّرْ مريم أنّ أحدًا يستطيع تجاهلَ موضوع حزنها العميق وسبب بكائها.. لقد سألت عَن سيدها دون أن تلفظ إسمَهُ.
على الفور ، قال لها يسوع : ” مَريَم ! “. وكان قبل قليل ، ناداها باسمٍ مشتركٍ لجميع بنات جنسها ، قال : “ياامرأة”، ولم يدَعْها تتعرّف إليه . أمّا الآن، فقد ناداها باسمها الشخصيّ، وكأنّه كان يقول لها مباشرةً: ” تَعرّفي إلى الذي يَعرِفُكِ”.
وهذا ما قالَ الله لموسى، الإنسان البارّ : ” إنّي عَرَفتُكَ باسمِكَ ” ( خروج ٣٣ : ١٢ ). إنّ كلمة ” إنسان” هي الاسم المشترك للجميع ، أمّا “موسى”، فهو اسمه الشخصيّ . لقد أكّد له الربّ أنّه يَعرفُه باسمه وكأنّه كان يُعلنُ له : “أنا لا أعرفُكَ كسائر البشر، بل أعرفُكَ شخصيًّا”.
هكذا، وبعد أن نادى الرّب يسوع مريم باسمها ، تعرّفَتْ إلى خالِقِها، وأجابَته فوراً ” رابّوني “، أي ” يا معلِّم ” . فهي كانَتْ تبحثُ عنه في الخارج، بينما يسوع كانَ يطلبُ منها أن تبحثَ عنه في داخلها، في أعماقِ قلبِها .
” فجاءَتْ مريم المجدليّة وأخبَرَتْ التلاميذَ بأن “قد رأيْتُ الربّ ” ، و بأنه قالَ لها ذاكَ الكلام ( يوحنا ٢٠ : ١٨ ) . هنا، تركَتْ مريـم المجدلية خطيئةُ البشر، القلبَ الذي خرجَتْ منه، ودخلت الحياة الجديدة بالمسيح القائم من بين الأموات .
فكما قامَتْ إمرأة في الفردوس بإعطاء ثمرة الموت للرجل، قامَتْ إمرأة أخرى عند مدخل القبر بإعلان بشارة الحياة للبشر وبنقل كلام ذاكَ الذي يهبُ الحياة للعالم بأسره .