مستشفى “هوشينشان” اسم أصبح متداولاً على الساحة الدولية سواء في وسائل الإعلام العالمية أو مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي و رمزاً لتحدي فيروس “كورونا ” المستجد، خاصة بعد إعلان مدينة “ووهان”، ومن ثم دولة الصين خالية من تسجيل حالات جديدة للفيروس، بل وتساعد غيرها من الدول في محاصرة “كورونا” اللعين، وذلك بعد أن كانت مصدراً لانتشار لوباء الجديد .. هذه المستشفى الكبرى تم بناءها في 10 أيام فقط، في الفترة من 23 يناير إلى 2 فبراير 2020 على مساحة 60 ألف متر مربع، والذي يتكون من دورين فوق سطح الأرض، ويتسع لألف سرير، وقبل الافتتاح بيوم بدأ سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني بنقل الكوادر الطبية والإمدادات إلى المستشفى بـمدينة “ووهان” الصنينة التي انتشر بها المرض وارتفعت بها أرقام الوفيات، وباتت المدينة المحاصرة والمعزولة عن العالم خوفاً من تسرب المرض منها إلى ما حولها.
واعتبرت المدينة من أخطر المواقع بدولة الصين عُرضة لنشر الوباء، فضلاً عن أن اسم “ووهان” أصبح مرادفاً للخسائر الاقتصادية وانهيار الأسهم بالأسواق المالية الأسيوية وتابعتها في عضون أيام قليلة جداً أغلب الأسواق العالمية .
الروبوتات الطبية لإيصال الأدوية
وقام بالإشراف على مستشفى “هوشينشان ” 1400 شخص من الطاقم الطبي المبعوث من قبل جيش التحرير الشعبي الصيني، والذي يتكون من 950 شخصًا من المستشفيات التابعة لقوة الدعم اللوجستي التابعة للجنة العسكرية المركزية، بالإضافة إلى 450 شخصًا من الجامعات الطبية التابعة لجيش التحرير الشعبي الذين تم إرسالهم إلى ووهان في وقت سابق، إذ يستخدم المستشفى الروبوتات الطبية في عملياته اليومية لإيصال الأدوية وحمل عينات الاختبار، وفي 8 فبراير، تم افتتاح مستشفى ميداني ثان سُمي مستشفى ليشينشان، باستخدام نفس النموذج .
وفي 27 يناير، أعلنت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح عن تخصيص 300 مليون يوان صيني لدعم بناء مستشفى هووشينشان ومستشفى ليشينشان. في نفس اليوم، أعلنت مؤسسة الشبكة الحكومية الصينية عن التبرع بموارد مادية بقيمة 60.28 مليون يوان صيني لبناء المستشفيين “هوشينشان” و ” ليشينشان” .. وكان قد أعلن أن الفيروس قتل 361 شخصاً وأصاب حوالى 17 ألفا في الصين وما لا يقل عن 171 في دول أخرى .
في المرحلة الأولية، أعدت العشرات من الحفارات والجرافات وغيرها من معدات أعمال حفر التربة. وأعقب ذلك وضع عدة طبقات من البلاط والخرسانة. كان فريق البناء الشامل يعاني من نقص في الموظفين، حيث اضطر العديد من العمال إلى العمل في فترتين، 12 ساعة في اليوم. ومع ذلك، تمت إضافة المزيد من العمال، حيث بلغ عددهم الإجمالي 7000 شخص يعملون على مدار الساعة في ثلاث مناوبات.
وفيروس ” كورونا ” المستجد ظهر في ديسمبر الماضي، في سوق بولاية ووهان الصينية لينتشر في 3 بلدان آسيوية أخرى، هي اليابان وتايلاند وكوريا الجنوبية ، إذ يتشابه الفيروس في أعراضه مع مرض الإلتهاب الرئوي، وتشمل أعراضه الحمى ومشاكل التنفس، ويشبه نظيره الذي يتسبب بالمتلازمة التنفسية الحادة “سارس”، الذي ظهر في بكين عام 2003 وأصاب 8 آلاف شخص وقتل 800 شخص على مستوى العالم بعد أن بدأ ظهوره أيضا في الصين، وتسبب ظهور “كورونا” في الصين بحالة من الرعب سادت العالم أجمع، خاصة بعد مطالبة منظمة الصحة العالمية بالإستعداد للتعامل مع حالات جديدة للإصابة بالفيروس.. وينتمي فيروس كورونا الجديد لعائلة الفيروسات نفسها التي ينتمي إليها سارس .
قال خبير علم الأوبئة البارز ” تشونج نانشان ” في يوم الافتتاح: إنه يتوقع أن يصل تفشي فيروس كورونا إلى ذروته خلال 10 إلى 14 يومًا، ونقلت وكالة أنباء الصين “شينخوا” عن ” تشونج ” القول ” أنه في الوقت الحالي، لا يزال الوضع الوبائي في البلد متزايداً ، ولكننا نرى أنه لن يتحول الأمر إلى تفشي على مستوى الدولة، بل ربما تفشي جزئي فقط” .. وكان يومها قد تجاوز حصيلة الوفيات الناجمة عن الفيروس الجديد إجمالي عدد الوفيات نتيجة “سارس” والتي كانت قد بلغت 349 شخصاً .
” ووهان ” و” هوشنشان “
وتعد ” ووهان ” أكبر المُدن والأكثر اكتظاظاً بالسكان بوسط الصين، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 11 مليون نسمة ، وهي مركز صناعي واقتصادي رئيسي ، وتحتوي العديد من مصانع إنتاج الحديد والفولاذ ، ويوجد بها “جامعة ووهان” التي كان مُلحق بها عدد من طلاب الدراسات العليا المصريين، إلى أن عادوا لمصر بتوجيهات من القيادة السياسية المصرية، بعد استغاثتهم للرجوع إلى بلدهم، في أعقاب تفشى وباء “كورونا” بالمدينة، متوجهين مباشرة إلى الحجر الصحي في مدينة العلمين.
واعتبارًا من أواخر يناير من العام الحالي أغلقت المدينة وعزلت نتيجة لتفشي ” كورونا ” بها ، حيث غادر المدينة ما يقدرمن 5 ملايين شخص قبل بدء الإغلاق .. ويقع بـ ” ووهان ” 4 مجمعات علمية وتكنولوجية ، وأكثر من 350 معهدًا للأبحاث ، و1656 مؤسسة للتكنولوجيا الفائقة، والعديد من حاضنات المؤسسات، كما تتركز بها استثمارات كبرى لعدد من الشركات يُقدر بـ 230 شركة .
أما إطلاق اسم “هوشنشان ” على مستشفى مدينة “ووهان” الذي خصص لإحتواء تفشي مرض ” كورونا ، فهو يعني ” إله النار”، تيمنا بشخصية تشو رونغ الذي يعتبر أحد آلهة النار في الأساطير الشعبية الصينية القديمة ، ويرتبط اسم “هوو” كذلك بمفهوم ” النار” في الثقافة الصينية والتي تمثل دورة صحة الفرد، حيث يمكن للمعدن أن يخترق الخشب والخشب يخترق الأرض والأرض تمتص الماء والماء يطفئ النار والنار تذيب المعدن.