“كورونا والتنين” تجربتان إنسانيتان يئن بهما العالم، فإن كان كورونا يمثل فيروسا (يسمى كوفيد المستجد 19) قد يؤدى بصاحبه إلى الموت، كذلك أيضا رأينا التنين الذى هو قطعاً ليس من صنع الإنسان بل من الظواهر الطبيعية كيف يطيح بالبشر ويجتث الشجر وغير ذلك من الآثار المدمرة التى لم ولن تكون الأخيرة فى تاريخه..
” كورونا والتنين ” بين هاتين التجربتين توزع فكرى ووجدانى، ووجدتنى أدخل عوالم متعددة بين الدين والعلم والأدب والتاريخ.
تذكرت فيروس ” إنفلوانزا الطيور ” ويرجع تاريخ هذا المرض إلى ظهور أول إصابة به فى ايطاليا عام 1878، ثم وباء الإنفلونزا العظيم الذي انتشر في العام 1918، وأودى بحياة ما بين 50 و100 مليون شخص، أي حوالي خمسة بالمائة من سكّان العالم، بالإضافة إلى إصابة نصف مليار شخص به. وكان الضحايا أغلبهم من الشباب.
وانتشر فيروس إنفلونزا الخنازير ( وهو سليل لفيروس الإنفلونزا الإسبانية الذي حصد ما بين 20 – 100 مليون إنسان ما بين عامي 1918م و1920 م عقب الحرب العالمية الأولى، ثم جائحة إنفلونزا الخنازير عام 2009 ، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في يونيو 2010 عن وفاة نحو ثمانية عشر ألف شخص جراء الوباء الذي انتشر في كل قارات العالم .
وهاهى الشهيدة “كورونا” ذات الستة عشر عاماً فى عصر دقلديانوس والتى بدأت تظهر سيرتها العطرة فى هذه الآونة، وهاهو عميد الأدب العربى طه حسين يكتب فى رائعته “الأيام” صدر عام 1929 عن وباء الكوليرا والذى أصاب شقيقه (الطالب فى مدرسة الطب ) ورحيله عام 1902 هذا الوباء أصاب مصر عدة مرات..
و هاهو عام 1919 وقد تأسست شركة رويال للشيكولاتة «كورونا» فى مدينة الإسماعيلية. لمالكها «تومى خريستو وإيفن جيبور» يونانى مقيم بمدينة الإسكندرية من مواليد عام 1891.
أما كورونا اليوم فهو موضوع آخر، و إن مايثير الضيق والدهشة فى آن واحد: أن البشر وقد اتسعت مدركاتهم العقلية وتطورت خبراتهم بفعل التقدم التكنولوجى المذهل وغيره، إلا أن العديد منهم لايبالون بالإجراءات الاحترازية لتجنب عدوى المرض، فنجد أجازات المدارس والجامعات تحولت الى نزهات بالمقاهى والمولات التجارية وغيرها..!!
هاهو التنين وقد أطل علينا بعاصفة ورعود لن تنسى، ووجدتنى أعود إلى ملايين السنين وأقرأ من جديد عن أول مرة تذكر فيها كلمة “التنانين” (وهي بنفس اللفظ في العبرية) في الكتاب المقدس، جاءت في القول: “فخلق الله التنانين العِظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها ( سفر التكوين 1: 21 ) ويصور التنين رمزيًا بلون أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه طويل وله فم كبير قادر أن يلقي منه ماء نهر وراء من يريد إهلاكه (رؤ 12: 13 – 16 وص 16: 13)
فى الابداع الأدبى التنين هو كائن أسطوري ذو شكل أسطواني أو شبيه بالزواحف، ورد ذكره في الكثير من القصص والأساطير في ثقافات الشعوب بجميع أنحاء العالم. وله أجنحة وفي بعض الأساطير لا يملك أجنحة، ويقال في بعض الأساطير بأنه ينفث النار من فمه. أكثر التنانين شهرةً هو التنين الأوروبي، المستمد قصته من مختلف القصص الشعبية الأوروبية، والتنين الشرقي، مثل التنين الصيني ويوجد في مناطق الجنوب الصيني من يؤمن بوجود التنانين في معتقداتهم الدينية، كما كان يلقب أبطال الكونغ فو في الصين بالتنانين.
تذكرت أيضا رواية “رامة والتنين” لإدوار الخراط التى تدور كحوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية.
إن هذه التعريفات منفردة أو مجتمعة تقودنا إلى مدى القوة الهائلة التى يتمتع بها هذا التنين العظيم الذى قد يكون رمزا للكوارث والأهوال، وإذا كان الوصف السابق للتنين يتناوله ماديا ملموسا أو رمزا أسطوريا ، فان هناك مايسمى بمنخفض التنين الجوى والذى شهدته مصر مؤخرا وسمى بالتنين لانه ( كما أوضح مختصون بالتغيرات المناخية ) أن عواصف رياح الخماسين، وهي على شكل رياح محملة برمال الصحراء الغربية، والتي تتعرض لها مصر تقليديا في بداية فصل الربيع، تغيرت هذا العام بسبب وصول منخفض ليبيا الحار والمتسبب في رياح الخماسين قبل موعده واصطدامه بمنخفض أوروبا البارد والذي تأخر هذا العام عن موعده، وأن اصطدام المنخفضين فوق الصحراء الغربية هو المتسبب في “عاصفة التنين”
لقد رحل هذا التنين مؤقتا بعد أن كشف عن ضرورة الالتفات إلى الاهتمام بالبنية التحتية
والتركيز على عالم العشوائيات ( ماحدث فى زرايب 15 مايو نموذجا ) ، والأهم فى الحدث وضوح البعد الانسانى المصرى فى هذه الضائقة حيث تكاتف المصريون وأسرعوا إلى الكنيسة المصرية التى احتضنت وآوت الجميع بغير تفرقة وهذا ليس بجديد عليها .
يالهذه المنطقة المنكوبة التى تقوم أسرها بجمع القمامة وخدمة منطقة التبين وحلوان، وطرة، ومايو، و للأسف جميعهم يقطنون بالقرب من مجرى السيول لجبل مايومما كان سببا فى جرفهم وموتهم بهذه الطريقة المؤسفة !
حقا نريد ألا يتكررهذا المشهد التراجيدى الرهيب للجنازات فى الكنيسة والمسجد المجاورلها …
mailto:[email protected]