مش عارفة إيه اللي شدني علشان اتفرج على مسلسل مُعَيَّن مع إني بقالي فترة مش بأعمل كده. بس أنا باصدَّق قوي إن أوقات ابويا السماوي بيحب ياخدني جولة كده ألاقيني باتالامس فيها مع واقع موجود حواليَّا.
من ضمن أبطال المسلسل طفلة الصراحة مش طبيعية في جمالها وتمثيلها اللي بيخليني طول مانا باتفرج باستعجب هي إزاي مُعبِّرة كده. أكيد مش هاحكيلكم المسلسل هنا بس الصورة اللي اتجسدت قدامي من خلال البنت دي هو موضوعي. اتولدت الطفلة “مَلَك” بعيد عن باباها لسبب ما وماشافتهوش غير بعد ست او سبع سنين لأول مرة في حياتها. ومن كتر الظروف الصعبة اللي مرت بيها، اتعلمت تبقى قوية زي مامتها اللي كانت طول الوقت تِفَكَّرها إنها لازم تكون قوية زيها. وده اضطرها إنها تستقبل أمور كتيرة خطيرة وصعبة بدون ردود أفعال. لا عياط ولا صراخ زي ما كان أي طفل عادي ممكن يعمل لو كان في مكانها. والحكاية دي قلبت معاها بحالة تخليها تفقد فيها النطق وتتشنج وتفضل تِتنِفِض لحد ما مامتها اللي عارفة السبب، تيجي وتحضنها وتوشوش في ودنها إنها موجودة ومسيطرة وجنبها وهتحميها. وساعتها كانت ملامحها بِتِفُّك وتهدأ وتستكين في حُضن مامتها اللي محاوطاها بدراعتها وحاضناها واللي لو حد غيرها عمل كده هتفضل متشنجة.
الأيام دي المشهد ده عمَّال يتكرر قدام عينايَّا في الناس اللي حواليَّا. حوادث وموت مفاجىء. كوارث طبيعية. أمراض عجيبة وأوبئة. ومن كترها وسرعتها خلقت خوف شديد عند ناس كتير. في منهم بيعبَّروا عنه وناس تانية حابساه جواها في محاولة للتماسك وإظهار القوة للدرجة اللي بتمرضها وتِثَبِّتها. صدق قوي كلام الكتاب لما قال إن الخوف له عذاب. والحقيقة هو عذاب دنيا وآخرة. شىء مذهل إن الروح القدس ذكر في سفر رؤيا يوحنا إن الخوف حاجة كبيرة بتزعل أبونا السماوي وإنها في نظره خطية (رؤيا ٨:٢١). الصراحة كلام مُرعب وجامد وخطير. معقولة يارب اللي بيخاف زي باقي الخطاة؟ أكيد في حاجة غلط. وطلبت منه تفسير للأمر ده. واللي وصلني هو إني لما بأخاف وكأني بأقول لنفسي إنتي لوحدك في الموقف ده. مفيش حد يحميكي. مفيش حد يسندك ولا يقويكي. مالكيش كبير حكيم وعادل وقادر ومُدرك كويس قوي هو بيسمح بإيه ويمنع إيه وإمتى. وكأنه إنكار لوجوده. وكأنه بيختفي عن عيني في “أزمنة الضيق” ومش باقدر اشوف ساعتها غير هول الموقف. ولما رجعت لآيات عن الخوف فرق معايا قوي الآيات دي: “وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا ٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي لِلهِ فِينَا. ٱللهُ مَحَبَّةٌ ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي ٱللهِ وَٱللهُ فِيهِ .. لَا خَوْفَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ، بَلِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْكَامِلَةُ تَطْرَحُ ٱلْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لِأَنَّ ٱلْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ.” (١ يوحنا ٤: ١٨،١٦). وكأني لما بأخاف أو أنزعج باكون مش مدركة حجم حبه ليَّ. لإن معرفتي بكمال حبه “يطرح الخوف إلى خارج”. هو بيقول كده.
سامعة ناس بتقول في سرها وهي بتقرا الكلام ده “هو أنا ممكن أعمل إيه؟ ده شعور خارج عن إرادتي”. عارفين الحل إيه؟ إعرفه. إعرف مين هو ابوك السماوي. معرفتك الحقيقة لشخصيته ونوع حبه هم اللي هيطردوا الخوف إلى خارج. وكأنك ماسك يافطة عليها صفات الله اللي إنت دلوقت بقيت عارفها كويس. لما ييجي إبليس يحاول يدخل أعماقك بخوف ويرعبك بتجربة صعبة، تقوم رافع اليافطة دي في وشه فايقوم واخد ذيله في سنانه ويهرب من قدامك. يافطة بتقول “ابويا محب، أبويا قدير وحكيم وعادل ورحيم”. بس تكون الحقائق دي دخلتك كويس وترسخت في أعماقك مش مجرد كلمات جوفاء نابعة من عدم معرفة حقيقية بمين هو ابوك ده. لما تخاف إجري على حضنه زي البنت الصغيرة اللي حكيتلكم عنها اللي أول ما بتنكمش في حُضن مامتها، تلج وبرودة الخوف بِيِسِيحوا، فتتطمن وترتاح.