القس بولس بشاي كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط
لم تكن الرئاسة بالنسبة للرب يسوع تاجاً يزيده بهاءً أو صولجاناً يتباهى به، لكنها شىء مختلف، أب عطوف على أولاده – بل وأكثر – إنه حباً فينا قبل ان يكون تاج ملكه إكليل شوك وصولجانه كان صليباً ثقيلاً حمله على كتفه، فى رئاسته لم يشفق على ذاته، لم يضن علينا فى حبه بشىء حتى “وضع نفسه لأجلنا” (١يو١٦:٣).
الكثير من الرؤساء الأرضيون أجراء، إذا رأوا الذئب مقبلاً يهربون تاركين القطيع “فيخطف الذئب الخراف ويبددها” (يو١٢:١٠ ) لأنهم أجراء ولا يبالون بالرعية. أما الرب يسوع الراعى الصالح فحين خرجوا عليه فى البستان بسيوفهم وعصيهم ومعه تلاميذه قال للجنود “ان كنتم تطلبوننى فدعوا هؤلاء يذهبون” (يو٨:١٨ ) ذلك لأنه “الراعى الصالح والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو١١:١٠ ).
الرؤساء الأرضيون يسخرون من يقوم على خدمتهم من الرعية، أما رئاسة الرب يسوع فحملته أن يكون هو الخادم بين رعيته “ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين” ( مر٤٥:١٠) .
ايضا فى رئاسته ارتضى أن يفتقر “اخلى نفسه آخذاً صورة عبد” ( فى٧:٢) لكيما يغنينا بفقره كما يقول بولس الرسول “فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غنى لكى تستغنوا انتم بفقره” (٢كو٩:٨ ).
قيل أن الرب يسوع لما اختار مكان ميلاده لم يكن فى القصور مع أنه “للرب الأرض وملؤها” ( مز١:٢٤) ولكنه اختار مزود البهائم أدنى مكان يمكن ان يولد فيه طفل لكى لا يتحرج أى إنسان من الدخول إليه فى المذود حتى رعاة الأغنام البسطاء.
فرح اشعياء النبى وكل من حملوا بشارة الميلاد وترنموا بأن الرئاسة تكون على كتفه ومن خلال هذه الرئاسة “احزاننا حملها و اوجاعنا تحملها” (اش٤:٥٣ ).
من المؤكد أن هذه الرئاسة الباذلة للرب يسوع تدفع الرعية دفعاً لمحبته وحفظ وصاياه والسعى إلى إرضائه، فكلما أدركنا كم نحن محبوبون عند الله كلما إزداد حبنا له فنقدم ذواتنا طواعية له.
لذلك فى تسلسل القداس الغريغورى بعدما نسترجع أحداث التجسد والفداء يأتى الاسترسال التلقائى بالصلاة: أقدم لك يا سيدى إرادتى بحريتى و اكتب أعمالى تبعًا لأقوالك. فبالحق نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا وإن يكن حبنا مقارنة بحبه اللانهائى شىء لا يذكر. كل من ينجذب إلى المسيحية و المسيح لا تجذبه المبادىء وحدها ولكن حب المسيح الملك الوديع هو الذى أسر القلوب و أثر فيها “لأن محبة المسيح تحصرنا” (٢كو١٤:٥ ).