إنّ طريق الربّ الذي يُطلَبُ منّا إعداده وتجهيزه لنستقبله ، يتمّ من خلال فتح قلوبِنا وقبول الرب في حياتِنا والسير معه لأنه هو الطريق والحق والحياة . بهذه الطريقة، ومع كلّ خطوة نقوم بها خلال حياتِنا ، نلاقي الربّ المتجدّد دائماً فينا.
لهذا الرب ، الذي نجهز طريقه لنا ولغيرنا ، نطلُب منه قائلين : “عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَ فَرَائِضِكَ فَأَحْفَظَهَا إِلَى النِّهَايَةِ” (مز ١١٩[ ١١٩]: ٣٣). إنَّ العناية الإلهيّة تحدّد طريق وحياة ونهاية كلّ إنسان ، ولنكن على علم بان قلب وطيبة ذاك الذي نتقدّم باتّجاهه غير محدودة . لذا، سيقول كل واحد مِنّا كالمسافر الحكيم والمصمّم الوصول إلى غايته : “يَهُمُّني أَمرٌ واحِد وهو أَن أَنْسى ما ورائي وأَتَمطَّى إِلى الأَمام” (فيليبي ٣ : ١٣) ، ” إلى البرّ الذي يُنال بالإيمان بيسوع المسيح ، أيُّ البرُّ الذي يأتي من الله ويَعتَمِدُ على الإيمان ” ( فيليبي ٣ : ٩ ).
نحن الذين نتكلّم عن التقدّم على هذا الطريق، نطلب من الرب أن يساعدنا لنكون على الأقلّ قد بدأنا بالسير عليه . وكلّ مَن بدأ بسلوك هذا الدرب أصبح على الطريق الصحيح . لكن علينا فعلاً أن نكون قد بدأنا تحضيره والسير عليه . وأن نكون قد وجدنا ” سبيلاً إلى مدينة مأهولة ” (مزمور ١٠٧[١٠٦]: ٤)، لأنَّه ” الطريق المؤدي إلى الحياة ، والَّذينَ يَهتَدونَ إِليهِ قَليلون” (مت 7: 14)، وكثيرون هم الذين ” يتخبّطون في وحدتهم وفِي ظلام العالم ومغراياته “.
يا ربّ، انت الذي أعددتَ لنا الطريق ، نوٰر عقولنا وافتح قلوبِنا وضمائرنا وثبّت إرادتنا لنسير عليه ولا نضّل ونبتعد عنك أبداً.
يا ربّ ، انت الذي علّمتنا طريق إرادتك وقلت: ” هذا هو الطَّريق فآسلُكوه إذا يامَنتُم وإذا ياسَرتُم ” (اشعيا ٣٠ : ٢١). هذا هو الطريق الذي وعد به النبي أشعيا قائلاً : ” ويَكونُ هُناكَ مَسلَكٌ وطَريق يُقالُ لَه الطَّريقُ المُقَدَّس لا يَعبُرُ فيه نَجِس ” (اشعيا ٣٥ : ٨). “كنت شابًا وقد شخت” (مز مور ٣٧[٣٦]: ٢٥)، وإن لم تخنّي ذاكرتي، فأنا لم أرَ قط جهلاء يتوهون على طريقك ، إنّما رأيت الحكماء الذين استطاعوا السير عليه حتّى النهاية ووجدوا الخلاص والفرح الإلهيّ .