نظم المركز الثقافي اليوناني بالتعاون مع المركز القومي للترجمة بمصر مؤتمراً بعنوان “بصمة اليونانيين في تاريخ مصر الحديثة، منذ نشأتها، خاصة في القرن العشرين”.
وقال خرستوس بابديس، رئيس الجمعية اليونانية بالقاهرة: “من المهم أن نعرف التاريخ ونتعلم منه، وإذا درسنا التاريخ فالكثير من الأمور ستتحول للأحسن سواء في الأوقات العصيبة أو الطيبة. إن اليونانيين كانوا موجودين في مصر ولازالوا، وعندما كان اللورد كرومر في مصر قال، إذا رفعت أي حجر ستجد وراءه يوناني. والآن عدد اليونانيين في مصر قليل، ولابد أن نعرف السبب وراء ذلك ونغير الأمور للأحسن.”
فيما تطرق الأستاذ الدكتور ألكسندر كيترويف، أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد، إلى أهمية الجالية اليونانية في مصر قائلًا: “إن الجالية اليونانية في مصر شاركت بشكل فعال في الثقافة وتجديد مصر، وساعدها في ذلك قانون الامتيازات، فكان لهم محاكمهم الخاصة. فعلى عكس سائر الجاليات الأجنبية في مصر، كان اليونانيون لهم وضعهم الخاص وذلك يعود إلى عدة أسباب: كان اليونانيون في مصر ينتمون إلى عدة طبقات اقتصادية، فكان منهم رجال الأعمال ومنهم العمال وأيضًا صغار التجار والموظفين، وكان اليوناني المغترب يعرف جيدًا إن بلده ليست قوة عظمى فتعلم التواؤم مع المواطنين الأصليين، والتواجد التاريخي لليونانيين في مصر نجده متمثلا في عدة أشكال منها تواجد اليونانيين في مصر منذ عصر نهاية الأسرات ومنها أيضًا الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في الإسكندرية.”
وأوضح أن اليونانيين في مصر كان لهم دورًا مهمًا على عدة مستويات، ذاكرًا –على سبيل المثال- الطبيب فالا سوبولوس vala soupolos هو طبيب يوناني جاء للعمل في المستشفى اليوناني بالإسكندرية واكتشف طريقة لمكافحة الكوليرا وقد اعترفت منظمة الصحة العالمية والعالم بأسره بذلك، أيضًا ياني خاندريا وهو من أهم كتاب اليونان، والذي ولد في مصر، ألّف ديوانًا عن الفلاحين في مصر. وعلى الجانب الاقتصادي أشار كيتريوف إلى أن اليونانيين لم يقتصر عملهم في مجال القطن على تصديره بل عملوا على تحسينه أيضًا وهناك أنواع من القطن بأسماء يونانية منها “سكيل” وهو على اسم جون ساكيليس، أيضًا الانفتاح الاقتصادي بسبب القطن جلب مصنعي التبغ اليونانيين إلى مصر.
وتحدث عماد أبو غازي، وزير الثقافة الأسبق، قائلاً: إنه إلى جانب التاريخ المشترك بين المصريين و اليونانيين فهناك أيضًا عدو مشترك قديم تمثل في الفرس وعدو مشترك حديث تمثل في تركيا، لافتًا إلى أن احتلال الأتراك العثمانيين أعاق تطور البلدين.
وتطرق أبو غازي إلى دور اليونانيين في تاريخ مصر الحديث، ملمحًا إلى ما كتبه د. محمد صبري المعروف باسم السوربوني إلى مشاركة اليونانيين في ثورة 1919 واستشهاد العديد منهم خلال أحداث الثورة، وبقاء المرشدين اليونانيين في مصر عقب تأميم قناة السويس واستمرارهم بالعمل بها.
كما تحدث عن دور الجالية اليونانية في نشر الفكر الشيوعي في مصر طارحًا أمثلة كدور المكتبة الشعبية اليونانية والتي كانت تقدم الفكر الشيوعي والأدب الروسي بلغات مقروءة في مصر.
وأشار الدكتور أنجلوس دلاخانيس، عضو باحث في جامعات يونانية، إلى أن التغييرات القانونية والاقتصادية كانت عاملًا مهمًا في تهجير اليونانيين من مصر، موضحًا إلى أن تلك التغييرات التي سنها جمال عبد الناصر ساهمت في تمزق النظام الذي كان موجود من قبل وبسببه اضطر العديد من الأجانب ومن بينهم عدد كبير من اليونانيين الهجرة إلى خارج مصر، ومن بين تلك التغيرات إلغاء الامتيازات الأجنبية، ومشروع عبد الناصر الاشتراكي، والحرب الباردة.