تعتبر القارة الاسترالية من أجمل بقاع الأرض، وتعد دولة حرة ديمقراطية لها تاريخ طويل من الحضارة الإنسانية على مدار ٢٠٠ عاماً.
وأصبحت مدنها ضمن أفضل مدن العالم للعيش برفاهية، وذلك بفضل سياسة الهجرة التي قبلت العديد من مختلف الأديان والجنسيات وأعطت لهم كافة الحريات، الحقوق، والواجبات، وأصبحت دولة متعددة الحضارات والثقافات وأصبح وزير الهجرة الأسترالي وزيراً للمواطنة والتعددية الثقافية.
وبدأ توافد المهاجرين للقارة الاسترالية بأعداد كبيرة في منتصف الستينيات من دول الشرق الأوسط، أوروبا واسيا وارتفعت في الثمانيات وحتى وقتنا هذا بفعل الحروب وانخفاض مستوى المعيشة في العديد من دول العالم، إضافة إلى من أتوا كلاجئين شرعيين أو غير شرعيين .
فكان المواطن الأسترالي حتى منتصف الثمانيات يشعر بالأمن والأمان لتوافر العمل وأموال الضمان الاجتماعي لغير العاملين، إضافة إلى الحريات الدينية التي يتمتع بها، ومع ازدياد الهجرة بعد ذلك جلبت معها بعض السلبيات من جانب بعض المهاجرين الذين يستغلون حرية الرأي والتعبير لفرض عاداتهم وتقليدهم فأصبح هناك بعض المناطق يسيطر عليها فئات معينة يشعر فيها المواطن الاسترالي كأنه بمجتمع غريب يرى فيه عجب العجاب يحاول فيه البعض فرض لغاته , عاداته وتقاليده الدينية والعمل على إزالة الرموز الدينية من المنشآت الدينية، مثل المستشفيات والمدارس المسيحية، إضافة إلى مطالبتهم بعدم الاحتفال بالمناسبات الدينية التي تخالف عقيدتهم والغريب أن بعض المسئولين انصاعوا لمطالبهم وسط صمت القيادات الكنيسة التي فصلت بين الدين والسياسة .
ومع استمرار العبث بالحريات تطاول العديد من الشواذ على طبيعتهم البشرية التى خلقتنا عليها الله وتذمروا تجاه جنسهم وتعمدوا على تحويله سواء من ذكر لأنثى أو العكس وسط تشجيع بعض نواب الأحزاب الكبرى من أحرار وعمال والمسئولين عن الحكومة , وأدى إلى مطالب بإصدار قانون زواج المثليين على الرغم من معارضة القيادات الكنيسة التي أقامت عدد من المؤتمرات الرافضة للقانون الذي يتعارض المبادئ , القيم والتعاليم التي قامت عليها العقيدة المسيحية وأيضاً مع قوانين ودساتير الكنائس والمناهج التعليمية التابعة للمدارس المسيحية التي يحتم عليها دراسة الثقافة الجنسية وزواج المثليين دون جدوى،إلى أن شرعت الحكومة الفيدرالية القانون بعد الاستفتاء عليه رغم أنف المعارضون وسببت صداعاً كبيراً في رأس كنائس استراليا ومؤسساتها التعليمية .
وضع قانون زواج المثليين علامة سوداء لدى الأوساط المسيحية تجاه صناع القرار , إلا أن القيادات المسيحية لم تقف مكتوفة الأيادي تجاه خطر الإلحاد القادم عبر الأجنحة اليسارية داخل برلمانات الولايات السبع والبرلمان الفيدرالي , إذ كشرت عن انيابها مؤخراً تجاه معارضة تشريع قانون أغتيال الأجنة المثير للجدل ومع ذلك أقدم أغلبية أعضاء مجلس الولاية على تمرير القانون ضاربين بعرض الحائط معارضة رجال الدين وشعوب كنائس الولاية , مما أدى إلى انضمام الإيبارشيات والكنائس إلى منظمات المجتمع المدني الرافضة لجريمة قتل الأجنحة وطالبت المجتمع الكنسي للحشد المسيحي الرافض للقانون عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي والتظاهر ضد القانون؛ لحث أعضاء مجلس الشيوخ إسقاطه .
ستشهد الساعات القادمة فترة حبس الأنفاس وما تتمخض عنه نتيجة تصويت مجلس شيوخ ولاية نيو ساوث ويلز على قانون الإجهاض ,أما رفض القانون ويمثل أنتصاراً لقوى المعارضة , الكنيسة وأبنائها وهزيمة ساحقة لسياسة رئسية حكومة الولاية , أو الموافقة وتمثل خبية أمل وعاراً على الأحزاب الكبرى وخاصة حزب الأحرار الذى يشكل أغلبية برلمان الولاية , وما تؤل إليه من نتائج منها انشقاق داخل الأحزاب , انفصال بعض أعضاء البرلمان عن انتمائهم الحزبي وانضمامهم إلى المستقلين لفقدان ثقتهم لقياداتهم الحزبية وسياساتها , إضافة إلى توقع التدخل المباشر للقيادات الكنسية في حث أعضاء كنائسهم في اختيار أعضاء نواب مجالس البرلمانات مستقبلاً، كما يفعل البعض لكسب أصوات الناخبين .