هل العالم اليوم أفضل من العالم أمس؟ وهل يعيش المرء في عالم أكثر عدالة؟ بهذه التساؤلات بدأ وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادم كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الرابعة والسبعين المنعقدة بنيويورك، معرباً عن أسفه لما آل إليه حال العالم والعلاقات بين الدول، والتناحر والصراع، والعجز عن الحلول، وتفاقم الهجرة، وتكرار الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية، وسيطرة الدول الكبرى.
وأضاف بوقادوم أنه “تقع على عاتق العالم اليوم مسؤولية الحفاظ على مبدأ تعدد الأطراف ووضعه في مأمن من المحاولات والسياسات التي تؤدي إلى إضعافه. ولتحقيق التنمية المستدامة على الصعيد الدولي لا يمكن أن يتحقق دون مبدأ تعدد أطراف مستدام قائم على العدالة والإنصاف وتوازن المصالح بين الدول المتقدمة والنامية.” مؤكداً التزام الجزائر بالعمل في ظل عالم يسوده السلم.
من ناحية اخرى أعرب الوزير الجزائرى عن أسفه من عدم تحقيق تقدم في قضية الصحراء الغربية، واستقالة مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية هورست كولر، معرباً عن أمله في أن تسود روح الحوار بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو.
وجبهة البوليساريو هى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم البوليساريو (بالإسبانية: Polisario) هي حركة تحررية مغربية تأسست في 20 مايو 1973 ، وتسعى لتحرير الصحراء الغربية مما تراه استعمارًا مغربيًا. بعد اندلاع الحرب بين البلدان حول ملكية المنطقة، فتأسست “جبهة البوليساريو” والتي أعلنت في وقت لاحق عن تأسيسها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وشكلت حكومتها في المنفى في تندوف بالجزائر.
وصحراء البوليساريو هي منطقة مُتنازع عليها منذ 44 سنة، تقعُ في المغرب العربي – الذي يُعرف أيضًا باسمِ المغرب الكبير – وتحديدًا في منطقة شمال أفريقيا حيث يُسيطر المغرب على جزء كبير منها؛ فيما تَعتبرها دول أخرى منطقة مُستعمَرة تسعى الأمم المتحدة لإيجادِ حلٍ لها.
وتعود الأزمة الى عدم اعتراف الأمم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ولا تعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة عضو في الأمم المتحدة لكن تعترف بالجبهة كمفاوض للمغرب) وتأسيس دولة مستقلة جنوب المغرب وغرب الجزائر وشمال موريتانيا تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
توازنات ما بعد الحرب
.بالعودة لخطاب الوزير صبرى بوقادم نجد انه طالب بالإصلاح في الأمم المتحدة مهاجماً إياها وقال: ” أن آلية المنظمة القائمة على توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد تستجب لتحديات العصر، وطالب بتحديث آليات المنظمة دون تأجيل، وإضفاء مزيد من الديمقراطية لمجلس الأمن مشيراً إلى أن الإطار الذي عكف عليه الاتحاد الأفريقي لإصلاح مجلس الأمن إطار جدير بالاهتمام”
وقال بوقادوم،عن التغيرات المناخية: “إن منطقة الساحل الصحراوي الذي تنتمي لها الجزائر من أكثر المناطق تأثراً بالتغيرات المناخية، من ناحية تسارع وتيرة التصحر والجفاف، وهي الأقل استعدادا للتصدي للآثار السلبية لتغيير المناخ. مشدداً على أن “تسوية هذا الدين المناخي” تقع على عاتق الدول الصناعية، عبر توفير المساعدات المالية والتقنية المتلائمة والكافية مع البلدان الأقل تلويثاً، للقضاء على التباينات البيئية بين هذه البلدان.
وأشار إلى أن بلاده تتمسك بمواصلة بناء صرح الاتحاد المغاربي الذي بدأت بذرته في الجزائر منذ ثلاثة عقود، وتتمسك الجزائر في ترجمة الهدف الذي تصبو إليه بلاد المنطقة.
قضايا الأمن والسلام في الشرق الأوسط
وفي الشأن الليبي، جدد وزير الخارجية الجزائري تأكيده على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. وأضاف أن الجزائر تحث على انتهاج سبيل الحوار للخروج من المأزق، بعيدا عن أي تدخلات أجنبية تهدد وحدتها وتناسق مجتمعها.
ووصف بوقادوم التطورات الأخيرة في سوريا بالإيجابية إذ شهدت سوريا عودة آلاف النازحين، ودعا إلى التركيز على المصالحة الوطنية للسماح لجميع السوريين بالعودة إلى بلدهم وإعادة الإعمار.
وفيما يتعلق باليمن، قال وزير خارجية الجزائر إنه يتمنى أن يجد مسلك الحوار طريقه وأن تتواصل الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب والتصدي للأعمال غير المقبولة.
وأضاف أن البحر المتوسط تحوّل إلى ساحة للموت واختفاء العديد من المهاجرين إلى أوروبا، ودعا إلى “أن يحين الوقت ليستعيد المتوسط مكانته كفضاء للتعاون والشراكة والتعاون” وأبدى استعداد بلاده للمشاركة البناءة مع الشركاء من الضفتين في كل جهد يصب في هذا الاتجاه.