استقبل البابا فرنسيس في القصر الرسولي وفدا من الإتحاد الوطني لنقابات الجراحين وأطباء الأسنان في إيطاليا.
وعقب ترحيبه بضيوفه وشكر نائب رئيس الإتحاد على كلمة البابا ، توقف قداسة البابا عند اهتمام الإتحاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة بكيفية ممارسة مهنة الطب بأفضل شكل ممكن في إطار اجتماعي متغير، وذلك من أجل تحديد التغيرات المفيدة ولمس الإحتياجات الضرورية للمرضى كي يقدم لهم الأطباء العلاج ، وإلى جانب الكفاءة المهنية، علاقة إنسانية جيدة. وأراد البابا فرنسيس التذكير هنا بكون الطب خدمة للحياة البشرية، أي أنه يرتبط بالشخص في سلامته الروحية والمادية، والطب هو في خدمة الإنسان،” كل الإنسان واي إنسان”، وتابع أن هذه هي قناعة الأطباء والتي تقود إلى القلق المبرَّر لما يتعرض له الطب اليوم.
وتحدث قداسته بعد ذلك عن ضرورة النظر إلى المرض لا فقط كأمر طبي بل بإعتباره وضع شخص، أي المريض، ومن هذه الرؤية الإنسانية يجب على الأطباء أن يقِيموا علاقتهم مع المريض، ويتطلب هذا تمتع الطبيب بهذه الروح ، وإلى جانب الكفاءة المهنية والتقنية، بنظام قِيم ومعانٍ يمنح من خلالها معنى للمرض ولعمل الطبيب ويجعل كل حالة مرضية لقاءً إنسانياً من الأهمية بمكان بالتالي، وأمام أية تغيرات في الطب أو في المجتمع، ألا ينسى الطبيب تفرّد كل مريض بكرامته وضعفه .. فالمريض هو رجل أو أمرة يجب أن يرافَق أو ترافَق بضمير وذكاء وحنان، وخاصةً في الحالات الأكثر خطورة .
وواصل البابا فرنسيس مؤكدًا أنه وبهذا التصرف يمكن ويجب رفض أية توجهات، تفرضها أيضا تغيرات تشريعية، نحو استخدام الطب لإرضاء رغبة محتملة في الموت لدى المريض، وذلك من خلال تقديم المساعدة على الإنتحار أو التسبب في الموت عبر الموت الرحيم. ووصف قداسة هذه بطرق متسرعة أمام اختيارات ليست، وكما يمكن أن تبدو، تعبيرا عن حرية الشخص وذلك حين تشمل إمكانية إقصاء المريض أو الشفقة الزائفة أمام طلب المساعدة على استباق الموت.
وذكّر في هذا السياق بما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني في الرسالة العامة “إنجيل الحياة” حول مسؤولية العاملين في قطاع الصحة، والتي “لا بد من أن تستمد معناها الأعمق ودعمها الأقوى من تلك المبادئ الأخلاقية التي ترتكز عليها وظائف الصحة، وهي مبادئ ملتصقة بتلك الوظائف التصاقاً عضوياً، ولا يمكن التهاون فيها، كما يُقر بذلك قَسَم “هيبوقراطوس” الذي لا يزال حديثاً رغم قِدمه والذي يُلزِم كل طبيب أن يتعهد احترام الحياة البشرية وقدسيتها احتراماً مطلقاً.
ثم ختم البابا فرنسيس حديثه إلى أعضاء وفد الإتحاد الوطني لنقابات الجراحين وأطباء الأسنان في إيطاليا، الذين استقبلهم ظهر اليوم في القصر الرسولي، طالباً بركة الله لعملهم وموكلاً إياهم لشفاعة مريم العذراء شفاء المرضى، ثم سأل البابا الجميع ألا ينسوا أن يصلّوا من أجله.