نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى السماء حيث انتقلتِ يا أمنا بالنفس والجسد، ونأمل أن نحظى بنعيم السماء فنلقاكِ مع ابنكِ يسوع فنكرمكِ على الدوام ، آمين .
من نبؤات القديس الكبير ” لويس-ماري غرنيون دو منفورت ” عن الأزمنة المريمية، وانتصار قلب مريم الطاهر،
من كتابه : ” الإكرام الحقيقي للعذراء مريم الفائقة القداسة ”
على مريم أن تُرعب إبليس وخدّامه ” كصفوقٍ تحت الرّايات ” (نشيد الأناشيد ٦ : ١٠) ، لا سيّما في هذه الأزمنة الأخيرة .
” الويلُ لكما أيُّها البَرُّ والبحرُ ! إنَّ إبليسَ قد هبَطَ عليكما ، يَستَشيطُ غيظاً وقد عَلِمَ أَنَّ له وقتاً قليلاً ” ( رؤيا يوحنا ١٢ : ١٢ ) . إنّ إبليس يعرف جيداً أن ما تبقّى له من الوقت قصير ، ليُهلِك النفوس . فهو سيضاعف جهوده ومعاركه كلّ يوم . ويشنّ الإضطهادات الشرسة وينصُب أشراكاً رهيبةً أمام الخدّام الأمناء وأبناء مريم الحقيقيّين الذين يُصعب عليه إخضاعهم .
إنّ إضطهادات الشيطان الرهيبة لنا والتي ستزداد يومًا بعد يوم ، يجب أن تُفهم على ضوء لعنة الله للحيّة في الفردوس عندما قال لها : ” وأجعَلُ عداوةً بينكِ وبينَ المرأة ، وبين نسلكِ ونَسْلِها ، فهوَ يَسْحَقُ رأسَكِ وانتِ تُصيبينَ عَقِبَهُ ” ( سفر التكوين ٣ : ١٥ ) .
إن الله لم يجعل إلّا عداوةً واحدةً تدوم وتزداد حتّى النهاية وغير قابلة للمصالحة ، هذه العداوة قامت بين مريم أُمّه المباركة وإبليس ، وبين أبناء العذراء القديسة وأتباع لوسيفوروس الشيطان ، ولذلكَ تُعَلِّمُنا الكنيسة أن نتوجّه لإمنا مريم بقولنا : ” صلّي لأجلنا نحن الخطأة ” .
خلال هذا الشهر ، شهر اغسطس / آب، علينا أنّ نُكرِّم العذراء مريم، لأنها ملكة السماء وأمّ الله وأُمّنا. ونُعَبّر عن محبّتنا لها ، بثلاث كلمات : إكرام ، توسّل ، إقتداء .
تعالوا نُصلي مع الطوباوي أبونا يعقوب الكبوشي هذه الصلاة، تحضيرًا لعيد إنتقال مريم بالنفس والجسد للسماء :
” يا مريـم، نـحن نَدعوكِ أُمَّ الله . ونعلَمُ شرفَ هذا اللّقب :
هو لكِ ينبوعُ كلِّ شرفٍ وكلِّ مـجد ،
ويُشّجّعنا على أَن نُلْقِي ذاتَنا بأمان في يديكِ الأموميّتين .
فيا قدّيسة مريم، صلّي لأجلنا الآنَ وفي ساعَةِ موتِنا . آمين . ” .
لقد وضع الله في قلبها الطاهر منذ بدايةِ الفردوس الأرضي ، بُغضًا لعدوّ الله هذا الملعون ، وأعطاها قوّةً جبّارةً لتتغلّب على هذا المُتكبّر اللعين وتسحق رأسه . لذلك أصبح إبليس لا يخافها أكثر مِن الملائكة فحسب ، بل أكثر مِن الله ذاته ، وذلك ليس لأنّ قوّة الله أعظم ، ولا تفوق بنوعٍ غير متناهٍ قوّة العذراء بل :
أولًا : لأنّ إبليس الشديد الكبرياء ، يُذلّ ويتمَرمر ، عندما تتغلّب عليه أمةٌ لله الصغيرة والمتواضعة .
ثانيًا : لأنّ الله أعطى مريم قدرةً ضد الشياطين وأعطى فعاليّة لصلواتها وطلباتها أكثر من صلوات القديسين جميعًا . فإنّ تهديدًا واحدًا من تَهديداتها لإبليس ، تخيفه أكثر من كلّ عذاباته الأخرى .
ثالثاً : إنّ الذي خسره إبليس بكبريائِهِ ، رَبحته مريم بتواضعها ، والذي خسرته حوّاء بعصيانها ، خلّصته مريم بطاعتها . فحوّاء بطاعتها للحيّة أهلكت ذاتها وجميع أبنائها . أمّا العذراء فبأمانتها المطلقة لله ، خلّصت كل أبنائها وخدّامها، مكرّسةً إيّاهم لجلاله اللّامتناهي .