ربما لم تسمع في حياتك عن امرأة شابة اسمها باتريشيا إدوارد ولكن ربما يرن جرس في أذنيك عندما تعرف أن هذه السيدة الشابة هي ابنة نجمة السينما الراحلة ناهد شريف أو سميحه نايال التي توفت منذ مايقرب من ثمانية وثلاثين عاما,بعد أن أصيبت بمرض السرطان,وتركت ابنة صغيرة لايتجاوز عمرها الخمس سنوات ناهد شريف واحدة من جيل السبعينيات,سبقت نجلاء فتحي وميرفت أمين وشمس البارودي,وجاءت في الفترة الزمنية التي تلت ظهور سعاد حسني,شاركت ناهد شريف في عدة أفلام سينمائية متباينة المستوي,وكان حظها أن تواجدت في السنوات التي أعقبت هزيمة يونية وأدت إلي توقف النشاط السينمائي في مصر نهائيا,وهجرة نجوم السينما ومخرجيها وكتابها إلي كل من لبنان وتركيا,وكانت الإفلام التي أنتجت هناك في مستوي أقل من متوسط بل أن تستطيع أن تؤكد أنها كانت فترة انهيار جماعي لنجوم السينما المصرية,وهذا أمر من المفروض إلا يثير الدهشة لإن المجتمع المصري كله إنهار وتمزق بعد نكسة يونية,ورغم أن كثيرا من النجوم تورطوا في الظهور في أفلام ردئية المستوي إلا أن ناهد شريف كام حظها من الهجوم كبيرا ولم تكن الصحافة رحيمة معها,حيث ظلت تعايرها بفيلم واحد ظهرت فيه بمشاهد جريئة,رغم أن سمة هذا العصر كانت تتساهل مع تلك المشاهد.
المهم أن ناهد شريف عادت إلي القاهرة مع من عادوا ومارست نشاطها السينمائي بعد عودة الحياة إلي أستوديوهات القاهرة,وحرصت علي المشاركة في أفلام اجتماعيةه جيدة المستوي ومسلسلات مهمة مثل العبقري مع يوسف وهبي وهو مسلسل من تأليف أنيس منصور حقق نجاحا باهرا عند عرضه في رمضان1972,ورغم ظهورها في أفلام مثل العمر لحظة مع أحمد زكي وأحمد مظهر وماجدة الصباحي,والوديعة مع هند رستم وكمال الشناوي,وبيت الطالبات مع ماجدة الخطيب ونيللي,والوحش داخل إنسان,والحب وحده لايكفي,وهي أفلام جدية فنيا وفكريا وجماهيريا إلا أن سمعة الفيلم الجرئ ظلت تلاحقها وكأنها تحمل ذنوب العالم علي كتفيها,وكانت ناهد شريف علي خلاف مع أسرتها التي رفضت من البداية عملها في السينما وظل هذا الجفاء قائما حتي بعد مرضها بالسرطان ووفاتها فلم ترحب الأسرة باستضافة ابنتها الطفلة الصغيرة باتريشيا فتولت أسرة والدها رعايتها في بيروت حتي أصبحت فتاة يافعة,وتنقلت بين بيروت ولندن,وتزوجت وأنجبت أبناء, وبدأ الحنين يدفعها إلي زيارة قبر أمها الذي لم تكن تعرف أين يقع,ووجدت نفسها في حاجة ماسة للدفاع عن تاريخ أمها فعقدت العزم علي الحضور للقاهرة لإحياء ذكري رحيلها الثامنة والثلاثين والبحث عن قبرها وتجديده ولقاء بعض زملاء وصديقات النجمة الراحلة.
ولكن ماحدث أنه بعد معرفة وسائل الإعلام بوجود باتريشيا ابنة ناهد شريف في القاهرة بدأت غدةه الانتهازية تتضخم لدي بعض أصحاب أكشاك برامج الإثارة والفضائح لملاحقه ابنة النجمة الراحلة,ونزلوا عليها مثل الضباع الجائعة وقد أعد كل منهم مجموعة من الأسئلة الوقحة التي تسيء إلي تاريخ النجمة الراحلة باعتبارها نجمة إغراء رغم أن هذه تهمة لم تسيء لتاريخ فنانة مثل هند رستم ولا عشرات الفنانات اللائي قمن بأداء تلك الإدوار باعتبارها نماذج إنسانية موجودة بكل مجتمع وقد أدركت باتريشيا الفخ الذي يعدونه لها فقررت مغادرة القاهرة فورا بعد زياره سريعة لقبر أمها في البساتين.
والسؤال الآن هل بعد ما يقرب من أربعين عاما سوف يظل البعض حريصا علي الإساءة لتاريخ فنانة راحلة لم يعد في وسعها الدفاع عن نفسها,وهل سوف نظل نتجاهل كم الأفلام والمسلسلات الجيدة التي قدمتها ونحاسبها علي فيلم واحد لم يكن مناسبا؟؟شوية رحمة للأحياء والأموات فلايمكن أن نحاسب الفنان أخلاقيا علي دور قدمه في فيلم أو مسلسل فالسيدة سناء جميل كانت رائعة في دور البغي في بداية ونهاية وشادية كانت رائعة في المرأة المجهولة والطريق واللص والكلاب وفاتن حمامة كانت مبدعة في الخيط الرفيع فكفانا جلدا في جثة ناهد شريف فلها ابنة وأحفاد يستحقون أن يعيشوا في سلام.