بينما تكاد قلوبنا تنخلع هلعا لما يحدث في عدد من الدول العربية ارتفع صوت الولايات المتحدة الأمريكية,مطالبا قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بعدم دخول طرابلس,التي هي بالمناسبة عاصمة ليبيا,والتوقف فورا حرصا علي أرواح المدنيين!! هؤلاء المدنيين الذين يتجرعون مرارة القتل والهدم والسلب والنهب علي أيدي المليشيات التي تتكون من إرهابيين مرتزقة من شتي أنحاء العالم,حولوا حياة الليبيين منذ الإطاحة بالعقيد معمر القذافي إلي جحيم بكل ما في الكلمة من معان.
ويتساءل الليبيون كما يتساءل عقلاء العالم لماذا لم تصدر عن واشنطن ولو همسا دعوة إلي المليشيات التي تعبث في ليبيا قتلا وترويعا واستيلائها علي عائد بيع النفط,الثروة الأساسية للبلاد بمليارات الدولارات,فيما يكتوي أبناء الوطن بنيران الأسعار, وخاصة أسعار المواد الغذائية,وقد إثارت دعوة أمريكا للمشير حفتر بعدم دخول طرابلس,التي تعرف أنه يدخلها لتطهيرها من إرهابيي العصر دهشة الكثيرين واستراب العديد من المراقبين في دعوة واشنطن الغريبة,غير أن العودة لبداية الألفية تلقي ضوءا كاشفا علي جرائم أمريكا يصعب تجاهله فقد استعانت الولايات المتحدة للأسف الشديد بقوات عربية,وكونت ما اسمته بالتحالف الدوليلتحرير الكويتعام 1990,ثم قرر الرئيس الأمريكي بوش الابن غزو العراق عام 2003 بحجة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وهو ما ثبت كذبه وبدعوي إرساء الديموقراطية فيه!! وذلك بالقضاء علي حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
في أعقاب هذا الغزو الوحشي قرر الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر,سييء الذكر حل الجيش العراقي أي تجريد بلاد الرافدين من قوتها العسكرية وأعدت واشنطندستورا هو دستور الفتنة بذريعة تحقيق العدالة في توزيع ثروة العراق تحت مصطلح المحاصصة أي أن لكل فصيل عراقي حصة من الثروة التي ستوزع بينالشيعة والسنجة والأكراد كان ذلك هو قرار تفتيت العراق وليس تقسيمه فقط,فاندلع التقاتل بين أبنائه ووجدت الفتنة الطائفية الطريق ممهد, ولاتحتاج المرء إلي أي جهد حتي يعلم بما وصل إليه العراق في ظل الديموقراطية التي تذرعت بها واشنطن لتدمير هذا البلد العريق بعدها لعبت أذرع أمريكا أدوارها في أكثر من قطر عربي, وكانت ليبيا ضمن الدول الموعودة بالديموقراطية الأمريكية وذلك لتبرير الإطاحة بحكم العقيد القذافي! نفس السيناريو الأسود بل الحالك السواد تكرر في ليبيا,التي اتضح أنه مخطط لها أن تنقسم إلي ثلاث دول.
ورغم أننا لسنا في مجال تقييم الأنظمة العربية, التي بكل أسف لم تكن علي المستوي المطلوب, ولاهي منحت حق شعوبها في التعبير عن أمانيها بحرية في العراق أو في ليبيا أو غيرها,فقد ظلت الأيادي القذرة تعبث بليبيا وتنهب ثرواتها وتركت الشعب ينعي حاله ولايجد من يمد له يد العون وبعد سنوات طوال من المعاناة الرهيبة انتفض الجيش الليبي,بعدما استجمع شتاته وأعاد بناء نفسه وتوجه إلي العاصمة لتطهيرها من الإرهابيين وتحرير أبنائها الذين ذاقوا الذل والرعب وهم لايملكون سلاحا يدافعون به عن أنفسهم أو حتي يردعون به العناصر الإرهابية التي تستهدفهم.
ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد فوجئوا بتأييد الشعب لجيشه والرهان عليه لتخليصهم من الكارثة التي حلت بهم منذ عدوان حلف شمال الأطلسي علي بلادهم وكما يقول المثل فأن أمريكا ذات السجل المخزي في عدائها للشعب العربي وآخر حلقة في مسلسلها الرديء اعتراف رئيسها دونالد ترامب بالقدس العربية المحتلة عاصمة لإسرائيل ثم الاعتراف بسيادة إسرائيل علي الجولان السوري المحتل لاترحم ولاتترك رحمة ربنا تنزل إذ عندما قرر الجيش الليبي تحرير بلاده من المليشيات الإرهابية غضبت واشنطن وحلفاؤها وكأنهم يستعذبون رؤيتنا والمليشيات الإرهابية لاتكتفي بترويعنا بل تذبحنا وكأن دماءنا تشفي غليل الأعداء ولايخفي علي أحد أن مصر بثورة الثلاثين من يونية, قد مزقت مخطط تفتيت الوطن العربي والإصلاحات في ليبيا كانت هذه الثورة حافزها كما ستقتدي بها أقطار عربية أخري لأننا كما قال الرئيس السيسي قوتنا في وحدتنا.