قد يكون من الغريب أن يقول قائلأدب الصيفلأن الأدب هو الأدب لايختلف باختلاف الفصول, ولكن الواقع الذي لايماري فيه أحد, أن الناس بأزمنتهم, تصنعهم الأجواء والبيئات, فتفكير الأديب, أو الفيلسوف-في فصل الربيع مثلا-حيث تتفتح الزهور,ويخضر الشجر, وتخف الطيور إلي الأغصان, يغاير كل المغايرة التفكير الذي يكون في حماره الغيط والإحساس متبلد والاعصاب مجهدة,والذهن خامل,لذلك لاتكون مبالغين إذا زعمنا أن الأدب الذي يتلون باختلاف الأشخاص يتلون أيضا بتغيير الفصول والأوقات فيأخذ منها وعنها الانطلاق أو الخمول والتمرد أو الاستسلام.. وعلي هذا ففي رأينا أن للصيف أدبا تنعكس علي مرآته الأحاسيس التي يقابل بها الناس, هذا الفصل من فصول العام.. وإذا كان الاتجاه الجديد في دراسة الأدب في الجامعات والمدارس إلي فصل الموضوعات وتفتيتها إلي أجزاء حتي لاتظل علي جمودها القديم, أفلا يكون جديرا بنا أن نؤرخ للأدب بالصيف والشتاء والربيع والخريف كما نؤرخ له بالأحداث والقلاقل والملابسات والمناسبات فلكل من هذه الأوقات طابعه الخاص, فالذي يذكر في شعره أو نشره الغيم المتجهم, والمطر المنهمر لانشك في أنه كان يتحدث والوقت شتاء.. كما أن هذا الذي كان يصور لنا تلاعب حبيبته به, وخداعها له بهذه الصورة
فأني وتهامسي بعزة بعدما
تخليت مما بيننا وتخلت
لكا المرتجي ظل القمامة كلما
تبوأ منها للمقيل اضمحلت
لانتردد أبدا في أنه كان يتحدث عنها في الصيف والنفوس تواقة إلي الظل, نزاعة إلي المقيل ميالة إلي الهرب من لفح الشمس ,ونحن نتصفح دواوين بعض المعاصرين فنجد للصيف في شعرهم نصيبا ملحوظا يميزه بسماته وملامحه وكذلك الحال عند بعض الأدباء فقد كان أدبهم في فصل الصيف ينزل عن المستوي الذي عرفوا به, ولولا أن الاستشهاد والتدليل يسوفني إلي إيلام بعض الفحول,لماأحجمت عن عرض نماذج وأمثلة من هذا الأدب.