اوضح القمص يوسف تادرس الحومى، فى كتابة سبعة شهداء مجهولون من عهد الحاكم بأمر الله وعلاقتهم بكنيسة الأنبا رويس كيف ارتبط زي رجال الدين المسيحي في الشرق والغرب باللون الاسود فما هو سر ذلك وما أصله التاريخي ؟ فقال
يلبس رجال الدين المسيحي الزى الأسود كزي علم من القرن الأول الميلادي. من بعد رسل المسيح مباشرة لأنه زي الفلاسفة الذين اكملوا دراساتهم العلمية والفلسفية ؛ وبعد اتمام. دراستهم العلمية يلبسون زي العلم الأسود ذات الوقار ؛ لذا لاتزال معظم جامعات العالم محتفظة بهذا التقليد وقت تخرج الطلبة ٠
ولايزال رجال القضاء محافظين عليه وقت الجلسات سواء القاضي أو المحامي ٠
ولما اختاروا كهنة الكنائس من الطغمات المتعلمة ظلوا محتفظين بزيهم ٠ يقول العالم الإنجليزي سي بيج
في كتابه ( المسيحية الأولى في الإسكندرية -اكسفورد ١٩١٣ )
” كان غالبية شبابهم الموهوب يستمع للمحاضرات التي يلقيها الأساتذة الوثنيون فارتكض بعضهم إلى الهيلينية مثل امونيوس ؛ وانسحب البعض إلى الغنوسية مثل امبروسيوس ٠٠ وبقي كهنة مسيحيون يرتدون ثوب الفلسفة أو رداء الأساتذة”
واستمر زي رجال الدين للمسيحيين هكذا في كل العصور في مصر ٠ في اليونان. في روسيا ٠في أوروبا ولايزال للآن ٠ حتى أن الخليفة العباسي المتوكل في القرن الثامن حاول منع رجال الدين الأقباط من ذلك لأن الزي الرسمي للحكام العباسيين كان الزي الأسود ؛ ولم يفلح ٠
ولكن العمامة السوداء لم تفرض إلا في القرن العاشر ؛ فرضها: ” الحاكم بأمر الله ” على كل المسيحيين واليهود في حكمه بمصر والشام لأنها زي العباسين المكروهين منه ؛ ثم خففها ابنه الظاهر. ثم انحصرت في رجال الدين فقط ؛ يقول الشيخ المقريزي : ” وفي سنة خمس وتسعين وثلثماية (١٠٠٥م) قريء سجل ٠٠ بمصر والقاهرة والجزيرة بأن تلبس النصارى واليهود الغيار والزنار ؛ وغيارهم السواد غيار العاصيين العباسيين وأن يشدوا الزنار ” ٠
ويذكر انبا يوساب أسقف فوة المؤرخ في تاريخه : ” ثم أمر بشد زنار في وسط كل نصراني ويحملوا في حلق كل واحد صليب صغير ( خمسة ارطال) ويلبسوا على رؤسهم عمائم سود ” ٠ وكانت أول مرة في التاريخ تفرض العمائم السوداء على كل المسيحيين في الشرق – وكما ذكرنا – انحصرت في رجال الدين ٠
ومن المعروف أنه أيضا فرض لبس صليب وزنه خمسة ارطال بحبال ليف عليهم ومنها جاء تعبير (عضمة زرقا )
وتعلق الدكتورة سيدة كاشف أستاذة التاريخ الإسلامي في جامعة عين شمس على هذا فتقول في كتابها ( مصر في فجر الإسلام) : ” عندما عقد عمرو بن العاص الصلح في القرن السابع أمن الأقباط على انفسهم وأموالهم وكنائسهم واراضيهم على أن يدفعوا الجزية ٠٠ لكنه لم يذكر شيئا فيما يختص بلباسهم وزيهم ومايستحدث من الكنائس وغير ذلك مما ذكره -فيما بعد – ابويوسف والماوردي ٠ فلم يذكر الطبري أو مؤرخو مصر الإسلامية شيئا من هذه ” ٠