أقامت مساء أمس الأحد كنيسة مارمرقس بشبرا احتفالية كبرى ذات طابع خاص للاحتفال بمئوية مدارس الاحد، وكان الاحتفال ذو طابع مختلف ومنظور آخر يختلف عن كافة الاحتفالات التي أقيمت خلال هذا العام على مستوى الايبارشيات المختلفة، حيث المزج بين الماضي والحاضر من أجيال متعاقبة لنعيش معاً الذكريات الجميلة التي تجمعنا داخل كنيستنا مارمرقس بشبرا.. وكان ذلك من خلال العودة لعبق التاريخ وما بدأه الأرشيدياكون حبيب جرجس من مشوار لتأسيس مدارس الأحد إلى ما نحياه في وقتنا الحاضر وما وصلت إليه في مدارس الأحد، وما حمله الرواد من خدام وخادمات من رسالة لتسليم الإيمان والعقيدة السليمة لأبنائها الصغار لإعداد أجيال واعية للإيمان الصحيح دون تخبط أو تشويش بما يحفظ التعليم نقياً سليماً راسخاً.
حملت الاحتفالية رسائل عدة ومعاني سامية بعد استعدادات دامت لشهور، لتقديم باقة من الزهور لرواد الكنيسة الذين حملوا على عاتقهم رسالة المسيح وتسليمها بكل أمانة من خلال مدارس الأحد، من بداية تأسيس كنيسة مارمرقس بشبرا إلى أن أصبحت هذه الكنيسة العريقة وسط حي شبرا على يد خدامها الأجلاء منهم: استاذ بسيط عبد المسيح وميس فوزية ابراهيم واستاذ ناصر والمرتل عهدي القمص يوحنا – الذى فارقنا بالجسد فى بداية هذا العام لكن ألحانه لا تزال تحضرنا، وغيرهم كثيرين ممن ساهموا وقدموا ما لديهم من طاقات، منهم من فارقونا بالجسد ويحيون بالروح وغيرهم ممن لازالوا في الخدمة ويكملون المسيرة والمشوار.. ومن ثم كانت الدعوة للخدام والخادمات للمشاركة معاً في الاحتفالية كما جاءت: “هيا معا لنجتمع حول الماضي والحاضر لمرور 65 سنة مدارس أحد كنيستنا مارمرقس، 65 سنة يا كنيستي.. 65 سنة في فصلي.. 65 سنة مع استاذي وميستي.. 65 سنة يمكن فيهم اللي لسه جانبي وفيهم اللي راح وسابني”.. كأنها دعوة لحضور يوم للوفاء عرفاناً بالجميل لكل من خدم ويخدم في مدارس الأحد الخاصة بكنيسة مارمرقس بشبرا.
سادت الاحتفالية أجواء مفرحة تحت رعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا انجيلوس أسقف عام كنائس شبرا الشمالية وبحضور لفيف من أباء الكنيسة، والكل يسترجع ذكرياته داخل أرجاء الكنيسة وما مرت به على مدار 65 عام.. الأجيال تتعاقب والأعمار تختلف لكن ما يجمعهم هو شىء واحد وهدف واحد وهو حب كنيسة مارمرقس بشبرا وخدمتها بكل أمانة.
بدأت الاحتفالية بعرض صور أرشيفية للكنيسة بين الماضي والحاضر ضمت صور توضح كيف بدأت الكنيسة على يد خدامها وأبائها الذين اسسوا الكنيسة. ثم ألقى القمص لوقا قسطنطين كلمة قائلاً: “اليوم نحتفل معا بمرور 65 سنة على تأسيس كنيسة مارمرقس وبالاحتفال هذا العام تحت رعاية البابا تواضروس وشريكه فى الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الانبا انجيلوس، بمرور 100 سنة على نشأة مدارس الأحد، ولعله يصعب الحديث عن 65 سنة واختزال ذلك المشوار في وقت محدود وبالتالي سأبدأ من 40 سنة وتحديداً حينما تركت مدارس الاحد يوم 14 يناير عام 1979 الذي هو يوم رسامتي كاهن ولعلي اتذكر إنني كنت قبل الرسامة بأسبوع أرنم فى مدارس الأحد.. بحق نفتخر بجيل العباقرة والعمالقة الذين اسسوا الكنيسة من 65 سنة ولكن هذا لا يمكن فصله عما وصلت إليه كنيسة مارمرقس على يد خدامها وخادماتها، وربما عقدت مقارنة بين هذا الجيل الحاضر وبين الأجيال السابقة رأيت أن هذا الجيل لم يكن أقل مما سبقوه .”
وأضاف القمص لوقا “جميل أنني أتحدث عن الماضي ولكني لا يمكنني أن أغفل الحديث عن الحاضر أيضا فما لدينا من اعداد خدام وخادمات هى بحاجة لجهد ولدراسة وبنعمة ربنا نسعى من زيادة التعاليم الروحية، مشيراً إلى دور عدد من الخدام والخادمات الحيوى فى تأسيس الكنيسة.”
قدم الحفل فيديو حافل بالذكريات عن آباء الكنيسة القدامى الذين رحلوا عنا بالجسد وكيف كانت لهم بصمات واضحة فى تاريخ مشوارهم الكنسي إلى جانب عرض فيديو يضم كافة الخدام والخادمات الذين افرزتهم كنيسة مارمرقس بشبرا لكافة المسكونة ليصيروا خدام ومكرسين لرب المجد ومنهم الأنبا أرساني اسقف هولندا وغيره من الخدام الذين صاروا آباء كهنة بايبارشيات عديدة.
هذا وألقى القمص برسوم بشرى كلمة عبر خلالها عن معنى الخدمة الحقيقية وكيف يكون الخادم الحقيقي من خلال ذكر نماذج حية من داخل الخدمة وكيف كانت خدمتهم متفانية في محبة المسيح ومن ثم في مخدوميه أمثال الخادم الأمين بسيط عبد المسيح وميس فوزية ابراهيم واستاذ ناصر. وأوضح القمص برسوم أن مثلث الخدمة يتلخص في محبة سخية وصلاة قوية وخدمة نارية كأركان أساسية لنجاح الخدمة.
وعن رواد الكنيسة جاءت كلمة استاذ موريس أمين خدمة تربية كنسية بنين، للحديث عن 65 سنة مدارس الأحد بكنيسة مارمرقس بشبرا ولعل سرد مراحل الكنيسة وما مرت به مستشهداً بالأجيال المتعاقبة التي أثرت في الحياة الكنيسة فكانت بحق فقرة توثيقية حية.
كما لخصت ميس ثناء سامي أمينة خدمة تربية كنسية بنات بكنيسة مارمرقس بشبرا، معنى الخدمة وكيف يجب أن تكون بذكر نموذج حي، الكل عايشه ولمسه عن قرب من خلال الحديث عن الراحلة الخادمة الأمينة ميس فوزية ابراهيم التي كثيرا ما يقال عنها فى قامتها في تقديم الحب والبذل والعطاء، ولهذا تحدثت من القلب بكل تلقائية وببساطة عنها قائلة: “معرفتي بفوزية ابراهيم قديمة فهى عشرة عمر بدءاً من أيام المدرسة مروراً بتدبير زواجنا وأن يكون السكن في نفس العقار ومن ثم خدمتنا في الكنيسة معاً ، واليوم اذكر أننى تعلمت من فوزية الكثير وتعلمت الخدمة بحب والخدمة بتضحية وبذل وعطاء، ولا أنسى مواقفها الجريئة فكانت بحق خادمة قوية وجريئة تسعى وراء الخراف الضالة وتجذب الفتيات للكنيسة من جديد، أيضا أتذكر أنها فتحت منزلها لخادمة كانت في ضيقة وبمحبتها ساعدتها على حل مشكلتها لتعود لحياتها الطبيعية وأمثلة كثيرة جسدت بها عطاءها غير المحدود لا يمكن حصرها في هذا الوقت المحدود”
كما قدم فيديو عن مدارس الأحد بكنيسة مارمرقس بشبرا، يضم أعمار متفاوتة من بين أمناء خدمة وبين أمناء أسر وخدام ومخدومين وأطفال صغار للحديث عن مدارس الأحد، وماذا تعد مدارس الأحد بالنسبة لهم وكيف تطورت على مدار السنين وما الذي تحتاجه في وقتنا الحالي في ظل التكنولوجيا والتطور السريع الذي يلاحقنا.. وكان عرضاً شيقاً ربما أعطى رسالة للخدام والمخدومين لما يحتاجونه وكيف يواكبون العصر.
من مفاجآت الحفل التي لاقت إعجاب الجميع، فيديو مسجل لخدام كانوا بالكنيسة ويعيشون حالياً في الخارج وكانت لافتة جميلة منهم أن قدموا هذا الفيديو كرسالة مفرحة بوجودهم ضمن الحفل ومشاركتهم معنا أجواء الاحتفالية.
كما تحدث نيافة الحبر الجليل الأنبا انجيلوس أسقف عام كنائس شبرا الشمالية، فى الاحتفالية عن أن عمر الكنيسة بكونها تأسست بتجسد الكلمة ومن ثم عمر الكنيسة هو عمر أزلي وصارت أبدية فى المسيح يسوع. وقال: “الكنيسة هي جسد المسيح الحي، واليوم نحتفل ب 65 سنة على تأسيس مارمرقس بشبرا ككنيسة حية ودليل كونها كنيسة حية تخريجها مكرسين ومكرسات وكما لمسنا بأنفسنا رسامة أكثر من 50 كاهن سواء داخل مصر أو خارجها ولعلي لمست ذلك شخصياً بسفري للخارج فأجد كثيرين من كنيسة مارمرقس بشبرا وعليه لم أشعر بالغربة وسطهم.. كذلك رسامة رهبان وأساقفة ومنهم الأنبا أرساني أسقف هولندا ومكرسين ومكرسات كثيرين من أجيال هذه الكنيسة.”
وأكد أن “ما يؤكد أن كنيسة مارمرقس بشبرا حية، أنها تؤسس كنيسة جديدة وهي كنيسة مارمرقس والبابا اثناسيوس، و هذا شىء عظيم أن تنجب كنيسة فى عمر 65 سنة مثلما كانت “أليصابات” فلم تكن عاقر.. ربنا يعطيكم ويعطينا العمر لنرى ثمار الكنيسة الجديدة ونفرح بأولادنا إلى أن نلتقى بمن سبقونا في السماء.”
تخلل فقرات الاحتفالية عرضاً متميزاً للكورال كأنه وحدة واحدة وكيان أساسي ضمن الفقرات المتعددة والتي أعدت بعناية فائقة، وبهذا جاء عرض الكورال يجمع كافة قطاعات التربية الكنسية بدءاً من حضانة وروضة مروراً بابتدائي واعدادي إلى المرحلة الثانوية ليقدم باقة من الترانيم المختارة التى تم تأليفها وتلحينها خصيصاً للاحتفالية ومنها الشعار بمئوية مدارس الأحد والتى جاءت كلماته “شكرا يا كنيستي، شكرا يا كنيستي بجد.. بالحب خدتنى لمدارس الأحد، 100 سنة حب وحنية.. 100 سنة تعاليم روحانية دائما غالية علي.. غالية للأبد، 100 سنة 100 سنة 100 سنة مدارس الأحد” وترنيمة اخرى تحيي ذكرى مشوار الأرشيدياكون حبيب جرجس والتى قدمتها الطفلة “كاتي” بصوتها الملائكي الجميل مما بعث البهجة في نفوس الحاضرين، وكلماتها تقول “اتعودنا من صغرنا واحنا داخلين الكنيسة نرشم الصليب.. وبسرعة عدت 100 سنة واحنا في مدارس احد على يد استاذ حبيب، الارشيدياكون حبيب جرجس أسس مدارس الأحد وتحت رعاية البابا تواضروس كل أيامنا أعياد”
كما قدم الكورال “ميدلى” خاص بآباء كنيسة مارمرقس الذين رحلوا عنا بالجسد وكانت لهم بصمات كبيرة في مشوار تأسيس كنيستنا المحبوبة والميدلي كان عبارة عن مجموعة ترانيم مؤلفة وملحنة لتكريم أعمدة كنيستنا أمثال أبونا القديس ميخائيل ابراهيم وأبونا يوحنا جرجس وأبونا اسطفانوس وأبونا مرقس داود وما قدمه هؤلاء من دور عظيم، وجاءت كلمات الميدلى كالتالي: ” اليوم يوم فرح وابتهاج.. ده يوم احتفال عيد وفاء، في كنيستنا مارمرقس شبرا.. فلك نوح نجاه ورجاء” واختتم الميدلى كلماته ” واخيراً شاركتم فى فرح السمائيين.. بعد جهاد عظيم بين الأرضيين، واخذتوا مكانكم فى حضن الرب الأمين، هناك فى وسط كنيسة السمائيين”
وقدم الكورال ترنيمة مؤلفة وملحنة للوفاء بعرفان وجميل خدام وخادمات الكنيسة الذين اسهموا بدور كبير أمثال استاذ بسيط ودوره فى الخدمة غير المتناهي، وميس فوزية ابراهيم بمحبتها التي شملت الجميع وخدمتها القوية، ايضا المرتل عهدى القمص يوحنا الذي عرف ببساطة قلبه وعذوبة صوته في إلقاء الألحان التى لايزال يرددها الجميع، ولا ننسى استاذ ناصر الخادم الأمين الذى حمل صليب المرض بشكر دون تذمر ليفوز بالمسيح فى النهاية.. واختتمت كلمات الترنيمة ب ” كنيستنا بالخير مليانة.. والخدمة دائما عمرانة، بشفاعتك لينا يا مارمرقس.. صلواتك على طول ساندانا، امين امين.. طالبين صلواتكم أمين ”
كما قدم عرض الكورال ميدلى يضم اكثر من ترنيمة عن الكنيسة، كما قدم ترنيمة “يا كنيستى يا اللى علمتينا” وكأنه تعهد لأبناء التربية الكنيسة بأنهم سيظلون داخل الكنيسة حتى النفس الأخير بكلماتها التي جاءت ” يا كنيستي يا اللي علمتينا ازاي نحبك لما كنا صغيرين.. نجري عليكي تحضنينا تداوي جروح كل التعبانين، وكبرنا وفهمنا إننا بيكي هنبقى محميين وهنفضل إحنا طول عمرنا بالحب لكي مديونين، واحنا النهاردة جايين نهلل فرحانين.. بنوعدك راح نفضل فيكي سنين وسنين.. وتفضلي في قلوبنا شمعة لينا تقيد .. ووسط ضلمة مشاغلنا نورها يزيد”
وعن الاحتفال بمئوية مدارس الاحد، قدم الكورال ترنيمة ” 100 سنة خدمة وحب من القلب وتضحية.. 100 سنة دخول للعمق وبُعد عن السطحية، دي مدارس الأحد في كنيستنا القبطية.. بركة للكنيسة وبركة لمصر وكل الدنيا ” ويذكر أن ميس ماريان القمص لوقا قسطنطين أمينة الخدمة الكنسية قامت بتأليف بيت أضيف لهذه الترنيمة يضم اسم كنيستنا مارمرقس بشبرا وراعيها المحبوب نيافة الانبا انجيلوس، وجاءت كلماته ” مارمرقس محلاكي يا كنيستي.. فيكي بلاقي كل اللي في نفسي.. سهرانة دائما كدة على راحتي.. بخدام من سنين ملياكي، أسقف ويا أباء حاضرين.. مباركيننا ومتجمعين، عشان نفرح ب 65 ، بركتهم مكملين لسنين”
واختتم الكورال الاحتفالية بترنيمة خاصة للخدام والخادمات باعتبارهم أبناء للمسيح وكأنه تعهد يقدمونه أمام المسيح، ” كل سنة وأنا خدامك بارفع اسمك ومقامك.. نفسي ليك يا إلهي ولساني يشهد لجلالك، كل سنة وأنت حبيبي تاج لرأسي ونصيبي.. خاضع ليك يا إلهي ولا يغلى عليك ابداً طيبي”، وقيلت هذه الترنيمة أثناء تكريم نيافة الأنبا انجيلوس لرواد كنيسة مارمرقس بشبرا من خدام وخادمات الذين خدموا الكنيسة أكثر من 40 سنة من كافة قطاعات التربية الكنيسة وأنشطة الكنيسة باعطائهم شهادة تقدير وزهرة حب لاستكمال المشوار.
والجدير بالذكر أن نيافة الحبر الجليل قام بتكريم القمص لوقا قسطنطين والقمص برسوم بشرى والاستاذ موريس أمين خدمة تربية كنسية بنين وميس ثناء سامى أمينة تربية كنسية بنات خلال الاحتفالية.