احتفلت دار الثقافة مساء أمس الاثنين، بمقر الهيئة القبطية الإنجيلية، بإصدار كتاب “التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس”، بمشاركة الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وهو المحرر المسئول عن التفسير، بحضور قيادت دينية إسلامية ومسيحية، وعدد من الشخصيات العامة والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين.
القى الدكتور القس أندريه زكي كلمة في الاحتفال، قال فيها:
السادة الحضور الكرام،،
اجتمعنا اليوم لنحتفل بإصدار تفسير هو الأول من نوعه، التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس.
هذا التفسير كان حُلمًا راوَدَنا منذ أحد عشر عامًا، حلمنا آنذاك، بتفسير للكتاب المقدس، يحمل صبغة شرق أوسطية معاصرة، فالله استخدم في كتابة الكتاب المقدس أناسًا شرق أوسطيين، عاشوا في قرينة شرق أوسطية.
لكن التفسير لم يقتصر فقط على تفسير النص الكتابي؛ إذ حاول المفسر أن يفهم النص ويقدم لنا كيف يؤثر هذا النص ويغير في حياتنا أو أفكارنا وسلوكنا اليوم تجاه القضايا والتحديات المختلفة، هذا في ضوء الأثر المماثل الذي حققه النص مع المتلقى الأول في قضايا وتحديات مماثلة.
وعليه، فمنذ اللقاء الأول تبلورت الرؤيةُ، لذا لم نقف عند مجرد حلم، فسرنا وراء هذا الحلم وبذلنا جهدًا. فاتجه الكُتَّاب لصوامع بحثهم، من أجل الدراسة والبحث والتنقيب بين طيات الكتب الحديث منها والقديم، ليخرج هذا الحلم للنور.
وبجانب صعوبات البحث والدراسة، اعترضت أحداث ما يسمى بالـ”الربيع العربي” الطريق، إذ اندلعت أحداث غيرت خريطة الوطن العربي بأكمله، ليس فقط الدول التي قامت فيها هذه الأحداث.
ولهذا كان لابد أن يكون التفسير مواكبًا للظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية الجديدة في شتى بقاع الوطن العربي، وهذا ما تطلب إعادة النظر فيما كُتِب من أسفار ومقالات، بل أيضًا إعادة النظر في خطط البحث للأفكار التي سيتم طرحها بين طيات هذا الكتاب.
ورغم اعتمادنا كأساس لهذا المشروع على عهد لوزان- والذي يُعبِّر عن إيمان الكنائس المصلحة، إلا أننا ارتأينا أن التعددية والاختلاف يثريان العمل، لذا فمنذ اللقاء الأول، ضم فريق العمل لاهوتيين وباحثين من كل بقاع الوطن العربي، وبكل خلفياته وطوائفه.
فضم التفسير كُتَّابًا من كل الكنائس، الكنائس المصلحة بشتى توجهاتها، الكنائس الأرثوذكسية، والكنائس الكاثوليكية. أيضًا تعددت جنسيات الكُتَّاب، فشارك كُتَّاب من مصر ولبنان وفلسطين والعراق وغيرها. هذا التعدد والاختلاف جعل هذا التفسير متفردًا لا مثيل له من كل التفسيرات التي سبقته في العالم العربي.
تميَّز هذا التفسير أيضًا بالمقالات التي طَعَّمت التفسير، إذ جاءت من رحم التحديَّات التي يواجهها المسيحيون العرب، متأثرة بالواقع الراهن للظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية للوطن العربي، فجاءت المقالات حية، وليست مصمتة، إذ قدمت قراءة معاصرة وليس تنظيرًا أجوف. وأيضًا ونحن نتحدث عن المقالات يجب أن نؤكد أن وجود مثل هذه المقالات بين طيات التفسير أثرى التفسير، وجعله أكثر حيوية، وزاد من تفرده كتفسير معاصر.
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا التفسير كُتِبَ من الكنيسة إلى الكنيسة، لكن الحقيقة أن جمهور هذا التفسير لا يقتصر على هذه الفئة فقط، فهذا التفسير كُتِب لكل ناطق بالعربية في أي مكان على الكرة الأرضية، من أي خلفية دينية أو ثقافية. فهو مناسب جدًا ليتعرف قراؤه على ما يقوله الكتاب المقدس لنا- هنا والآن.
وكما أشرنا سلفًا، فإن المقالات تقدم شرحًا تفصيليًّا لرأي المسيحية اليوم في القضايا المعاصرة التي تواجه المواطن العربي العادي من قضايا علمية، واقتصادية، وسياسية، ودينية.
وأضاف أن هذا التفسير رغم أنه موجه للقارئ العربي المعاصر، إلا أنه موجَّه أيضًا للأجيال القادمة، لأنه سينقل لهم كيف كان المسيحيون في الشرق الأوسط يفكرون فيما واجههم من تحديات، إذ سيعرض كيف فهم المسيحيون نصوص الكتاب المقدس في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. هذا يجعل الكتاب خالدًا نافعًا للغد كما لليوم أيضًا.
والآن ونحن نحتفل بإصدار الكتاب لا يسعني أن أقدم الشكر لكل من ساهم في أن يولد هذا الحلم:
• أود أن أشكر هيئة لانجهام الدولية، ولانجهام بأستراليا لكونها الجهة الممولة والداعمة لهذا المشروع الضخم.
• السيدات والسادة الأفاضل من شاركوا في كتابة تفاسير الأسفار وكتابة المقالات، ولن يمكنني أن أذكرهم اسمًا اسم.
• السادة أعضاء لجنة التحرير، الذين ساهموا في هذا العمل منذ أن كان جنينًا، في وضع أسس ومعايير الكتابة، ومراجعة كل ما يأتي من الكُتَّاب، ومتابعة عملية سير الكتابة، لذا أود أن أشكر
o د. جوني عواد
o د. ق. رياض قسيس
o د. ق. عاطف مهني
o الراحل الدكتور عماد رمزي
o د. نقولا أبو مراد
o د. ق. يوحنا كتناشو
• وأقدم شكرًا للأستاذ عماد بانوب مدير دار الثقافة، وللأستاذة أماني لطيف مديرة النشر والمكتبات لما قاما به ليخرج هذا الوليد إلى النور، ولا ننسى الدور الذي قام به م. رأفت كمال في الفترة التي كان فيها مديرًا للنشر والمكتبات
• كما أود أن أشكر لجنة التحرير الداخلية، والتي راجعت النصوص وأكدت على تطبيق المعايير المطلوبة وهم: الدكتور القس وجيه يوسف، القس رامي ناير، أ. ديفيد فيكتور.
• كما أوجه شكرًا لمن أوكل لهم كل تفاصيل التنسيق بين كل الأفراد المشاركين في هذا العمل، لأن دورهم لا يقل أبدًا عن أي أحد آخر وهما: أ. شيرلي يسري، أ. فيفيان وديع.
• كما أخص بالشكر القس محسن منير الذي قرأ المشروع ليتأكد من وحدته وتناسقه
• وأتوجه بالشكر لكل العاملين بدار الثقافة والذين لم يدخروا جهدًا لكي يخرج هذا العمل في أبهى صورة. في مكتب التحرير الدكتورة فينيس نقولا، وأ. ديفيد فيكتور، أ. جرجس صبحي
• وأيضًا مكتب التنسيق الفني، أ. وجدي جميل، أ. آن مجدي، أ. تريزا يونان، أ. إيزيس عطية
أشكركم، وأصلي أن يكون هذا التفسير بركة لكل قارئ.
وتحدث بعد ذلك الدكتور القس كريستوفر رايت مدير دار خدمات لانغهام الدولية وهي دار نشر بريطانية متخصصة في كتابات اللاهوت قائلأ: “أنا شرف لي وسعيد وشكرا لكم لهذه المناسبة التاريخية، واتذكر منذ 15 الرؤية الخاصة بتفسير الكتاب المقدس، ولديكم في مصر اختلاف في تفسير الكتاب المقدس خاصة ونحن ساعون لترجمة ذلك في الشرق الأوسط، وتاريخ الكتاب المقدس طويل في العالم، من خلال التفسير العربي للكتاب المقدس، وهو مكتوب بلغة مختلفة بعقل وجسد جديد، وأصلي ليكون هذا نجاح عالمي لهذا التفسير، والكتاب المقدس يتحدث عن قوة كلمة الله وهي كلمة الحياة والفرح”.
وأضاف: “الناس بدون الكتاب المقدس سيتعرضون لتعاليم غير صحيحة، وكلمة الله هي كلمة الرجاء لمن يعانون وحياتهم صعبة، بدون الرجاء الناس تعيش في يأس، وهذا التفسير سيعطي الحق والنور والرجاء لمن يعيشون في الشرق الأوسط، ونآمل أن يغير التفسير الكنيسة التي تستطيع بعد ذلك تغيير المجتمع”.
ثم القى الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة السابق كلمة في الاحتفال قائلًا: إن عامل أساسي من انتشار الاحتدام الطائفي هو غياب المعرفة والثقافة بالآخر، مشيراً إلى أن حق أصيل لكل مصري أن يقرأ الكتاب المقدس، وتفسيره.
وأوضح “النمنم” أن من يريد معرفة تاريخ المصريين، عليه قرأت سفر التكوين، هذا الإنسان المصري المحب للحياة، وأول من عرف التوحد، مضيفا أن المصريين اول من عرفوا الدين وبحثوا عنه، وعلموه للعالم.
وأكد أن الأديان جميعها كرمت مصر، ووضعتها في مكانتها التي تستحقها، حيث وصفها الكتاب المقدس بجنة الله على الأرض، كما أن القرآن كرمها بذكرها خمسة مرات.
واختتم الحفل الفقرة تسبيح من فريق الهيئة الانجيلية.