يظن من يقرأ هذا المقال أننى سأتحدث عن اللون الوردي أو رمز محاربات سرطان الثدي، ولكني أتحدث عن قضية أخرى طرحها الممثل الهندي العالمي أميتاب باتشان في فيلمه Pink ، فكعادة أفلام اميتاب باتشان يعالج قضايا تمس المجتمع وبعض فئاته وخاصة المرأة وحريتها في المجتمع كزوجة وأم وإبنة وحبيبة ومواطنة لها كافة الحقوق .
ولكن في هذا الفيلم له رؤية مختلفة في قضية المرأة، فلم يدافع عن الفتيات في القضية المرفوعة ضدهن بتهمة ممارسة الجنس مقابل مال والشروع في القتل، ولم يحاول كثيراً في إثبات أن هذه القضية قضية كيدية ضد الشكوى التي قدمتها الفتيات للتعدي جنسياً عليهن، بل وجه بكل وضوح وبساطة كيف أن المجتمع والقانون – رغم قوانين حماية المرأة – لم يعطها المساواه مع الرجل وخاصة الفتيات غير المتزوجات وكيف يتدخل المجتمع في حياتهن .
لم يطالب بطل الفيلم بحقوق المرأة أو رفع شعار الدفاع عنهن بالقانون ضد تقاليد المجتمع، بل قام بسرد مجموعة من الخطوات من خلال أبطال الفيلم، لقبها بمعايير أمان المرأة في المجتمع، والتي كانت طبقاً لمحامي الخصم هي: أن لا تتحدث الفتيات مع الغرباء، وإن تحدثت لا يجب أن تبتسم وإن تحركت من مكانها لا يجب أن تكون تصرفاتها بشكل عفوي أو تلقائي فكل ذلك إشارات أنها فتاه غير محترمة. وإن لم تطبق تلك المعايير سيكون مصيرها التعدي عليها لفظياً وجنسياً من الشباب ويكون ذلك رد فعل لتصرفاتها التي تعبر عن تلميحات جنسية.
معايير يضعها المجتمع ويوافق عليها القانون ضمنياً لتتفادى الفتيات الشبهات بعدم الأخلاق ولتظل النساء أعراضهن مصانة ومحفوظة، مما يترتب عليه ألا تتحدث ولا تضحك أو تلعب بتلقائية، ولا تعمل في مهن لا يقبلها المجتمع – حتى إن كانت قانونية – وحتى لو كان الهدف من ذلك لتعول أسرتها وشقيقها المريض..
من خلال الاستجواب يوضح الشاب المعتدي كيف نشأ في مجتمعه ، فالرجال فقط في عائلته هم من يضحكون ويحضرون الحفلات ويشربون الخمور ويقيمون العلاقات مع النساء خارج أسرهم ، بالتالي كل الفتيات الاخريات هم عديمي الاخلاق ومباحات ، وعندما تم مواجهته بصورة لشقيقته وهى في احدى الحفلات ، ثار وانفعل وسب الفتيات الاخريات، منكرا ما يوجد بالصورة .
في النهاية لم يطالب الممثل العالمي بحقوق المرأة وعقاب الشباب على فعلته ، بل طالب بالمساواة بين الجنسين ، ان تكون قواعد المجتمع وقوانين الدولة مساوية في التعامل والحقوق والواجبات ، حتى ان كانت الفتاه بائعة هوي ، بمعني أنها تمارس الجنس مقابل المال ، من حقها الرفض ، وعلى القانون حماية حرمة الجسد ووضع اقسي العقوبات لهتك هذه الحرمة .
وهذا ما نجده في مجتمعنا حيث توجد التشريعات والقوانين التى تعاقب جريمة التحرش بل وعرف القانون التحرش تفصيليا ، غير القوانين التى تعاقب العنف ضد المرأة ، ورغم ذلك عندما تواجه المرأة التحرش بما تستطيع ، حينها يقف القانون صامتا ليعلن المجتمع حكمه على هؤلاء الفتيات ، ليصمت الحق لاخفاء الجريمة ، وتسقط الحقوق في بوتقة الخزي والعار والشرف .
آى شرف لمجتمع تهان فيه النساء ويعلن فيه حق التحرش والاغتصاب للرجال ، وليس من حق المجنى عليها الرفض او الدفاع عن نفسها ، في نهاية الفيلم قال الرائع اميتاب اتشان ان الفتاه عندما تقول ” لا ” فهي تقصد لا ، ولا تقصد معنى أخر ، ويجب أن يحترم رفضها وإذا وصل الأمر إلى العنف يجب أن يدرك القانون أنه دفاع عن النفس والجسد وليس تعدي أو محاولة للقتل ، ولا يتساوى حينها الجاني مع المجني عليها ، يجب ان تحترم حريتها وحدود جسدها ، فهو جسدها وهى من تضع له قوانين حدوده وحرمته ، ويجب على المجتمع أن يدرك ذلك وعلى القانون اثبات ذلك ومعاقبة كل من يتخطي حدود الجسد وحرمته .