استلقى على اريكته بوجه فاتر ينظر بطرف عينيه على كتاب يظهر من غلافه البرتقالي اسم «مانسون»، هكذا كانت آخر صورة نشرها النجم المصري محمد صلاح على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء ذلك قبل أن يدفع الفضول متابعيه لاكتشاف اسم الكتاب والذي سرعان ما اكتشفوا انه كتاب «فن اللامبالاة» للكاتب مارك مانسون، ذلك الاسم الذي أضحى خلال ساعات محدودة، الأكثر بحثًا في جوجل وفقًا لمؤشراته بمصر.
وحكى مانسون في كتابه عن طرق النجاح وعدم قياس النجاحات بالاعتماد على آراء الآخرين؛ «لعيش حياة تخالف المألوف» كما ورد في غلاف الكتاب الذي يدور في فلك العديد من الكتب المشابهة نستعرض أربعة من أبرزها في هذا التقرير.
1- “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية”:
ألف ستيفن آر كوفي هذا الكتاب في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وقد لقي انتشارًا واسعًا عالميًا، بعد ترجمته إلى عدة لغات من بينها العربية، ومع قدم الكتاب لا يزال يباع في الأسواق حتى الآن، ويعد ذلك الكتاب الأشهر والأكثر مبيعًا لآر كوفي وتعدى معدلات شراء النسخة الأصلية 20 مليون نسخة، ناهيك عن قراءة الكتاب وبيعه وشرائه بالطرق غير الرسمية بُنسخ غير أصلية أُعيد طباعتها، قيّم الكتاب نحو 370 ألف شخص، بتقييم إجمالي بلغ 4.01 نجمة من أصل خمس نجوم.
وقد صُنف كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فاعلية» على أنه واحد من أكثر كتب الإدارة تأثيرًا وفقًا لعدة مؤسسات، تتضمن مجلة «فوربس»، ومجلة «تايم»، التي وضعت آر كوفي بين أكثر 25 شخصية أمريكية تأثيرًا عام 1996.
ويتكون الكتاب من ثلاثة أقسام تشمل السبع عادات؛ القسم الأول يركز على فكرة الاستقلال والاعتماد على الذات، ويتضمن ثلاث عادات وهي: 1- كن مبادرًا، 2- ابدأ والغاية في ذهنك، 3- ابدأ بالأهم قبل المهم، أما القسم الثاني فيركز على فكرة التعامل مع الآخرين، ويتضمن ثلاث عادات أيضًا، وهي: 1- التفكير مكسب- مكسب، و2- السعي لأن تفهم أولًا قبل أن تُفهم، و3- التآزر والتكاتف، فيما يركز القسم الثالث على فكرة التطور المستمر ويتضمن عادة واحدة، وهي: شحذ المنشار.
وأحد أبرز ما قدمه الكتاب ما يُعرف بـ«مصفوفة إدارة الوقت» التي قسّمها آر كوفي لأربعة مربعات أساسية: المربع الأول: للمهام الهامة والعاجلة، والمربع الثاني: للمهام الهامة وغير عاجلة، والمربع الثالث: للمهام العاجلة وغير الهامة، والمربع الرابع: للمهام غير العاجلة وغير الهامة.
ودائمًا ما ينصّب تركيز كثير من الناس على المربع الأول، الذي يتضمن العمل اليومي، ليشغل 90% من وقتهم وتتبقى 10% من أوقاتهم يشغلونها في المربع الرابع للأنشطة الترفيهية، وإن بدت هذه الطريقة لتنظيم الوقت مألوفة، فإن لها آثارًا سلبية تتمثل في الضغط والإرهاق، وأن يجد الشخص نفسه دائمًا أمام أزمات متجددة وملحة.
ولذلك ينصح آر كوفي بتقليص الإنفاق على المربع الأول بما يسمح بزيادة الاستثمار في المربع الثاني، الذي يهمله الكثيرون رغم أهميته، ويميلون لتأجيل المهام الواردة فيه لأنها غير عاجلة، ولكن مع استمرار التأجيل تتحول المهام غير العاجلة إلى أزمات ملحة، وينتج من التركيز على المربع الثاني تحقيق نوع من الانضباط وتوازن ورؤية وتقليص للأزمات العاجلة.
2- “العادة الثامنة من الفعالية إلى العظمة”:
دفع النجاح اللافت الذي حققه آر كوفي من كتابه «العادات السبع للناس الأكثر فاعلية» إلى تأليفه كتاب آخر في 2004،يعد امتدادًا لكتاب العادات السبع وتطويرًا له، يحمل اسم «العادة الثامنة من الفعالية إلى العظمة»، وترتكز تلك العادة على فكرة «الإلهام» باكتشاف «صوتك الداخلي» الذي يميزك من صفات وملكات شخصية وبعد ذلك إلهام الآخرين وكسب ثقتهم، ومساعدتهم على اكتشاف أصواتهم الداخلية.
ولقد قُسمت أفكار الكتاب على 15 فصلًا وثمانية ملاحق، وحاول الكتاب الإجابة عن عدد من أسئلة رئيسية: منها كيف تكتشف صوتك الداخلي؟، وتضمن أربعة جوانب تتمثل في: الرؤية والمستقبل، والانضباط، والحماسة، والضمير.
أما السؤال الثاني الذي حاول الكتاب الإجابة عنه فمفاده: كيف تلهم الآخرين وتؤثر فيهم؟، وتضمن حرية الاختيار، والقوانين الطبيعية، والقدوة الحسنة، والسعي لفهم الآخرين أولًا قبل السعي لأن يفهمك الآخرون، وأحد أبرز ما تناوله الكتاب في هذا الجانب أربعة أبعاد لقيادة الذات أو قيادة الآخرين، وهي: البعد العقلي، والبعد الجسدي، والبعد العاطفي، والبعد الروحي، ولفت آر كوفي إلى أن عصر المعلومات الحالي يُحتم علينا مخاطبة تلك الأبعاد المختلفة، ولفت الكتاب إلى سلوكيات سرطانية قد تكبح الوصول للعظمة، تتضمن: النقد والشكوى، والمقارنة والتنافس.
وقد قيّم الكتاب أكثر من 15 ألف مستخدم على موقع «جود ريدز» وحصل إجمالًا على أربع نجوم من خمسة، وفي عام 2012 توفي كوفي متأثرًا بإصابته بحادث سير؛ لينتهي تأليفه للكتب بعدما حصل على 11 درجة دكتوراة بينهم 10 فخرية، ويبقى تأثيره ممتدًا من خلال الكتب المؤثرة التي ألفها.
3- “من حرك قطعة الجبن الخاصة بي”:
يبدو اسم الكتاب غريبًا من أول وهلة، فما علاقة الجبن بالنجاحات والتغيير؟ عند التوسع أكثر في ماهية الكتاب الذي ألفه سبنسر جونسون، نستدرك تلك العلاقة فيحكي الكتاب عن قصة خيالية لفأرين وشخصين، وهما: هاو وهيم، جميعهم يعيشون في متاهة ويعشقون الجبنة، وفجأة اختفت الجبنة ليبدأ الفئران تلقائيًا بالبحث عنها، فيما تباينت ردود أفعال هاو وهيم ،فشعرا بالصدمة أولًا، واستمر هيم في مشاعر الإحباط والصدمة والتوقف حتى تأتي الجبنة إليه مرة أخرى، فيما أدرك هاو أن الجبنة لن تعود إليه إلا بالبحث الدؤوب عليها في المتاهة حيث وجدها أخيرًا.
ومن خلال تلك القصة استخرج الكاتب العديد من الدروس، فيمكن اعتبار قطعة الجبن «مساحة الراحة التي تريدها في الحياة» وخلال البحث المستمر عليها يتعلم عدة دروس تتضمن :أن التغيير يحدث باستمرار، وتوقع ذلك التغيير والاستعداد له، وترقب التغيير، وسرعة التكيف معه، والاستمتاع به، وقد لقي الكتاب الذي ألفه جونسون عام 1998، انتشارًا كبيرًا؛ إذ قيمه على موقع «جود ريدز» فقط أكثر من 285 ألف شخص، وأعطوه إجمالًا تقييمًا جيدًا يبلغ 3.76 نجمة من أصل 5 نجوم.
4- “ابدأ حياتك ودع القلق”:
ألف ديل كارنيجي كتاب «ابدأ حياتك ودع القلق» ونشره لأول مرة عام 1948، وبدء طرحه في سوق أمازون عام 1990، وقيمه على موقع «جود ريدز» نحو 60 ألف قارئ بتقييم إجمالي بلغ 4.1 من أصل خمس نجوم. ويتضمن الكتاب محاور أساسية لعيش حياة سعيدة بعيدًا عن القلق الذي يحلله باستفاضة ويوفر سبل مواجهته.
ومن بين هذه المحاور: حقائق أساسية حول القلق، كيفية كسر عادة القلق قبل أن تكسرك، وطرق لزرع توجه ذهني تجعل حياتك أكثر سلامة وسعادة، والطرق المثلى للانتصار على القلق، وكيفية الابتعاد عن القلق من النقد، وطرق الابتعاد عن التوتر والقلق والحفاظ على روح معنوية مرتفعة، وأخيرًا جزء يحكي فيه عن تجربته الشخصية في الانتصار على القلق.
ويحكي كارنيجي عن عدة قواعد يمكن من خلالها تقليص القلق وعيش حياة أقل توترًا، من بينها تقدير حجم الاحتمالات لحدوث شيء معين بلا تهوين ولا تهويل، وعدم السماح لانتقادات أعدائك بأن تتملك حياتك وتزعج راحتك النفسية، والتعامل مع الانتقاد الظالم وغير من المنصف من الزملاء مثلًا على أنه نوع من المجاملة المتوشحة بصورة نقد: لأنك استطعت تحقيق إنجاز فشلوا هم في تحقيقه، وكذلك شغل وقتك بالمهام المفضلة والمتنوعة،بين الجد والترفيه، وقد يساعدك مصفوفة آر كوفي لإدارة الوقت في هذا الجانب.