كل عام يخرج وزير التربية والتعليم الحامل لهموم تلك الوزارة العصية علي التطوير ليطمئن أولياء الأمور والطلبة في الشهادات العامة، وخاصة في امتحانات تلك الشهادة التي احتفظت بمكانتها علي سلم الرعب وهي الثانوية العامة ليقول تلك العبارة الشهيرة الغريبة ” الامتحانات وضعت في مستوي الطالب المتوسط ” ولن تخرج عن الكتاب المدرسي ” وغيرها من رسائل الطمأنة التي تثير حفيظتي كل عام.
وتجعلني أتساءل – حتى وقت كان ابنائي في الثانوية العامة – لماذا يأتي الامتحان في مستوي الطالب المتوسط ؟ ! أليس في ذلك ظلما للطالب المتميز الذى لم يأخذ فرصته ليتميز علي الطالب المتوسط الذي يكفل له الامتحان درجات نهائية ؟!
وتتبع تلك الوعود واقع سنوي قد يراه الطلبة وأولياء امورهم خادعا أذا جاء جزء من سؤال فرعي داخل سؤال رئيسي استعصى علي اغلب الطلبة !! وهنا تصور الكاميرات حالات الاغماء والصراخ والعويل، مثلما حدث في امتحان الفزياء أول أمس.
وقد ينتهي الامر بان الوزارة تصدر بيانا تصور فيه تلك الصفحة والسطر والكلمة التي جاء منها السؤال من كتاب المدرسة أو كتاب التقويم لتؤكد انه لم يخرج عنالكتاب المدرسي !!! والكارثة المدوية أنها اذا لم تثبت ذلك تخضع للصراخ والعويل وتعلن الفجيعة الأكبر وهي الغاء السؤال وتوزيع درجاته علي باقي الامتحان !!! فماذا أذا عن الطالب الذي استطاع ان يعمل عقله ومهاراته الخاصة وحل السؤال؟!!! ..عليه ان يندم انه فكر وفهم وربط وحلل ..عليه ان يندم انه تميز عن ذلك الطالب المتوسط لانهما تساويا في النهاية !!
اذا اردنا تعليما حقيقا لابد أن نعد أنفسنا لاختفاء تلك الوعود التي تغتال التقويم الحقيقي وقياس قدرات الطلاب فعلا ..علينا أن نعد أنفسنا الى أن الطالب المتفوق قد يحصل علي 80% فقط وان وزنها في التنسيق للجامعات سيكون ذات شأن كبير ، ربما تختفي مجاميع ال100% وان حصل عليها احد فيكون حالة تستحق البحث في قدراتها وعوامل تفوقها المنقطع النظير.
علينا أن نعد أنفسنا وابناءنا أنه من الطبيعي أنه تاتي أجزاء فيالامتحانات خارج المنهج وخارج الكتاب المدرسي .
تطوير التعليم ليس بحاجة الى حوار مجتمعي يشارك فيه أولئك الذين افرزهم تعليم الببغاوات ، وانما الي خبراء في التعليم يتميزون بالنزاهة والخبرة الرفيعة جدا
علينا أن نعد أنفسنا لجراحة في منظومة التعليم تشفي من أمراض تعليمية ومجتمعية بدت مستعصية مثل الغش ، والغش الجماعي ،وعدم القدرة على الابداع ، والتفكير النمطي …الخ .
إذا هربنا من حجرة الجراحة هذه المرة قد نخرج من الحياة .
نادية برسوم