تعد الكاتدرائية المرقسية بمنطقة محطة الرمل بالإسكندرية أول كنيسة أُسست فى قارة أفريقيا، وتعد الكاتدرائية أيقونة الكنيسة القبطية بالإسكندرية و أحد أهم أماكن السياحة الدينية بالمحافظة.
كان مجيء القديس مرقس الرسول عام 62 ميلادية إلى الإسكندرية البداية للكنيسة القبطية في مصر حيث بشر أهلها بالمسيحية، وأسس كرسي الإسكندرية الرسولي المعروف باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وللكنيسة المرقسية مكانة كبيرة في تاريخ الكنيسة العالمي لأن منها خرج بطاركة الإسكندرية الأقباط العلماء الذين واجهوا مختلف الهرطقات التي ظهرت .
أول كنيسة بالإسكندرية
وكان أول المؤمنين بالمسيحية صانع أحذية مصري يدعى إنيانوس وقد حول بيته ليكون أول كنيسة في إفريقيا، وانتشر منها الإيمان المسيحى إلى باقى الدول الإفريقية. عرفت الكنيسة ب”وكاليا” ومكانها هو مكان الكاتدرائية المرقسية الحالية بمحطة الرمل بالإسكندرية وهذا المكان يتوسط الإسكندرية القديمة.
الكنيسة بها مقر رأس القديس مارمرقس، ولكن أباء الكنيسة القدماء قاموا بسد السرداب المؤدي له بكتلة خرسانية كبرى، خوفًا على رأس القديس مرقس من السرقة، خاصة بعد محاولات متكررة للسرقة. وقد نجح بحارة من فينسيا فى القرن التاسع في سرقة جسد القديس المتواجد حاليًا داخل كاتدرائية ضخمة فى إيطاليا بمدينة البندقية، ويعد أحد أهم مزارات السياحة الدينية بها ويحظى بتقديس وإقبال كبير على زيارة مزار جسد القديس.
الكنيسة بها مقبرة أثرية، تقع فى وسط الكنيسة من الناحية الجنوبية، وتضم رفات الآباء البطاركة للكرسى البابوى فى الألفية الأولى الميلادية، وقد تم تدوين أسمائهم على لوحة رخامية باللغات القبطية والعربية والإنجليزية.
بها أيضًا مجموعة من الأيقونات الأثرية، حيث يوجد بها 4 أيقونات من الموزاييك من تصميم الفنان القبطى “إيزاك فانوس”، كما يوجد بالمدخل أيقونتان أثريتان للسيد المسيح والسيدة العذراء وقد تمت تغشيتها بالذهب والفضة.
تسع الكنيسة نحو 1200 مصلى جلوسًا، ونحو 1500 مصلى آخرين وقوفًا.
يوجد بها الكرسى البابوى الأثرى الذى جلس عليه العديد من بابوات الإسكندرية فى القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ومنهم البابا كيرلس الخامس أطول من جلس على الكرسى البابوى لمدة 52 عامًا و9 أشهر.
تاريخ الكاتدرائية المرقسية
ظلت الكنيسة المرقسية بالإسكندرية مقرا لبطريرك الكنيسة لمدة ألف عام ثم انتقل المقر عدة مرات إلى ان أصبح الآن في أرض الأنبا رويس بالعباسية.
بعد سيامه خرستوذولس بابا الإسكندرية انتقل من الإسكندرية إلى مصر، واتخذ الكنيسة المعلقة بظاهر الفسطاط مقرًا له. كما جدد كنيسة القديس مرقريوس وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه، وجعل أيضًا كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا له يأوى إليه عند اللزوم وذلك برضى أسقف بابيلون.
قصة الترميم
تشهد حاليًا الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية تحت رعاية البابا تواضروس الثاني بابا وبطريرك الكرازة المرقسية ترميم الأيقونات الأثرية وحامل الأيقونات بالكنيسة الذي يرجع الي عام 1870 ميلادية، حيث يعد هذا ضمن خطة متكاملة لتطوير الكاتدرائية مع الحفاظ علي التراث الأثري والمعماري والقيمة التاريخية لها لتحويل الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية الي مزار سياحي
وفي هذا السياق صرح القس إبرام أميل سكرتير مجمع الآباء الكهنة بالإسكندرية وراعي الكنيسة المرقسية “لوطني” أن “الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية هي أقدم كنيسة في مصر وأقدم كنيسة بأفريقيا يرجع تاريخها الي القرن الأول الميلادي، أعيد هدمها وأعيد بناءها عده مرات علي مر القرون فهي أيقونة الكنيسة القبطية المصرية لأنها أول كنيسة تحتوي على كثير من المخطوطات القبطية تؤكد أن المكان الذي به الكنيسة المرقسية هو بيت القديس أنيانوس الذي زاره مارمرقس وأسس فيه أول كنيسة.”
والكنيسة كما هي الآن يرجع بنيت في القرن التاسع في سنة 1870 ميلادية، وتم بناء الجزء الخاص بالهياكل وصحن الكنيسة والمنارات عام 1952 ميلادية في عهد البابا يوساب الثاني، ثم تم ترميم الكنيسة وترميم المنارات وتدعيمها عام 1990ميلادية في عهد مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث. وتم توسيع الكنيسة وعمل الجزء الخلفي منها علي نفس طراز الكنيسة الأولى، وافتتحها البابا شنودة في عيد الغطاس يناير 1990 ميلادية.
وعن الهياكل وحامل الأيقونات الموجود بالكنيسة يقول القس ابرام أميل “يرجع تاريخه الى 1870 ميلادية، وحامل الأيقونات من الطراز البيزنطي أو اليوناني و كان وقتها ( القرن التاسع عشر ) الطراز الفني الأكثر رقيًا بالإسكندرية هو الطراز البيزنطي، حيث كان يمر الفن القبطي بحالة ضعف وبمرور الوقت وعوامل التعريه من عام 1870 ميلادية حتي الفترة الحالية تعرض حامل الأيقونات الي عوامل كثيرة أدت الى تشقق الكثير من الأيقونات التي تحتاج الي ترميم وصيانة.
لذلك بدء التفكير في مشروع ترميم الأيقونات ضمن خطة متكاملة لتحويل الكنيسة المرقسية بالإسكندرية الي مزار سياحي يزوره الجميع من مختلف الجنسيات بحيث يتعرفون علي ايقونات الكنيسة القبطية المصرية وشهداء الكنيسة ورموز التعليم بالكنيسة القبطية أمثال القديس أثناسيوس والقديس كيرلس ايضا يتعرفون علي تاريخ الرهبانة.” وأضاف القس إبرام “نحلم ان تكون الكنيسة مزار سياحي لا يقل عن المزارات الدينية المنتشرة بالعالم سواء كنيسة الفاتيكان او كنيسة القديس مارمرقس بفنسيا التي يأتي اليها الزائرين من مختلف الأماكن في العالم.”
الكنيسة مزار سياحي ومكان رعوي
وأضاف ان مع كون الكنيسة مزار سياحي أيضا الكنيسة مكان رعوي يخدم مختلف فئات الشعب القبطي بكل الأنشطة والخدمات الموجودة بالكنيسة من خدمة اقامة القداسات والصلوات وخدمة مدارس الأحد وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، خدمة المرضي، خدمة أخوة الرب، خدمة التوظيف لمختلف الفئات التي تحتاج الي خدمة ورعاية في المجتمع. “وهذه رؤيتنا أن تكون الكنيسة مزار سياحي مع الاحتفاظ بالجانب الرعوي في نفس الوقت.”
وعن خطة التطوير شرح القس إبرام انها من الفناء الخارجي بالكنيسة الذي يعد لاستقبال الزائرين، والغرض ان يكون به متحف يعرض تاريخ الكنيسة القبطية مكان يكون به مكتبة للهدايا التذكارية للزائرين.
ويبدأ مشروع التطوير حاليا من الداخل وتشمل ثلاثة أجزاء الأول، وهو ترميم هياكل الكنيسة وتم بالفعل البدء فيها عن طريق شركة متخصصة في ترميم الأماكن الأثرية تحت اشراف مهندسين استشاريين. والجزء الثاني ترميم حامل الأيقونات حيث اتت بعثة متخصصة في ترميم هذه النوعية من الأيقونات وتم دراسة حامل الأيقونات ونوعية الأخشاب والرخام وتم دراسة كل المشاكل الموجودة لحامل الأيقونات وتم عمل مجلد كبير عن دراسة لكيفية المعالجة، وعرضت هذه الدراسة علي لجنة رجحت ان البعثة لها سبقة أعمال في ترميم الأماكن الأثرية في مصر وخارجها وبالفعل تم البدء في ترميم حامل الأيقونات. والجزء الثالث من التطوير تركيب أجهزة تكيف جديدة للكنيسة وقد تم عمل مناقصة وتم ارساء تجديد التكيفات علي شركة متخصصة في تركيب التكييفات.
تكلفة المشروع
وعن تكلفة التطوير قال القس ابرام أميل “في الوقت الحالي نعتمد علي الجهود الذاتية ولا توجد أي جهه مانحة لتمويل المشروع، ومشروع التطوير بأكمله تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني الذي أبدي ترحيبه وسعادته بهذا التطوير الذي يتم علي عده مراحل. والتكلفة المبدئية له 7مليون جنيها. نحن نعتبر الكنيسة المرقسية واجهة وايقونة للكنيسة القبطية ولمصر نفسها، فالتاريخ القبطي في مصر جزء من تاريخ مصر مثل التاريخ الفرعوني والتاريخ الإسلامي فهناك حقبات أساسية في تاريخ مصر لابد أن نتوقف عندها.”
الكنيسة المرقسية في مصر جزء مهم جدا نحلم عندما ينتهي مشروع التطوير بالكامل أن تكون تكون مزار سياحي هام، ونحلم ان يأتي اليها الزائرين من مختلف جنسيات العالم.