بعد مضي 18 شهرا على بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي، يقول رجال الأعمال والمحللون إن تلك التدابير القاسية، مثل تعويم الجنيه المصري وخفض دعم الطاقة، تؤتي بثمارها الآن.
هكذا استهلت صحيفة الـ”فاينانشيال تايمز” البريطانية في تقريرها الذي نشرته الأربعاء على موقعها الإلكتروني والذي رأت فيه أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته الحكومة المصرية في نوفمبر 2016 لرأب الصدع الاقتصادي الذي ظهر في أعقاب ثورة الـ 25 من يناير، وما تلاها من اضطرابات سياسية قوضت نشاط الأعمال وتسببت في انهيار صناعة السياحة الحيوية في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا.
وذكر التقرير، أن رجال الأعمال والمحللون يتوقعون أيضا أن تتسارع وتيرة الاستثمارات مع تحسن المؤشرات الاقتصادية واكتراث الشركات العالمية بالعودة مجددا إلى سوق الأعمال المصرية.
وأقدمت الحكومة على تحرير سعر صرف العملة أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ “تعويم الجنيه”، في إطار اتفاقية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار يسدد على 3 سنوات.
وارتفع التضخم لأكثر من 30% في يوليو 2017، لكنه هبط إلى 13.3% في مارس هذا العام، ومن المتوقع أن ينخفض بصورة أكبر خلال العام المقبل.
ومن المتوقع أيضا أن يتقلص عجز الموازنة إلى ما نسبته 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، من 9.8% في العام المالي المنتهي في يونيو.
ومن ناحية أخرى، فقد أسدلت اكتشافات الغاز الطبيعي التي حققتها مصر في السنوات الأخيرة، مثل حقل “ظهر” العملاق الذي بدأ الإنتاج الفعلي منه هذا العام، جنبا إلى جنب مع الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية، الستار على مشكلات الطاقة التي كانت تقوض الصناعة في السنوات الأخيرة.
وأشار التقرير أيضا إلى قانون الإفلاس الجديد الذي طالما انتظره المستثمرون، والذي تم إقراره في يناير الماضي، مردفًا أن الحكومة تخطط لبيع حصص من الأسهم في عدة شركات مملوكة للدولة قبل نهاية 2018.
وقال طارق توفيق، رئيس الغرفة التجارية الأمريكية لـ “فاينانشيال تايمز”، إن المستثمرين الأجانب ينتظرون لرؤية ما إذا كانت “الإصلاحات مستدامة وذات جدوى من الناحية السياسية.
وأضاف أن “الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات تتسارع من أجل توسيع استثماراتها بعدما ضمنت أن تلك الإصلاحات ستستمر.”
وتتركز معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعي النفط والغاز، وبعضها في قطاع الطاقة المتجددة. لكن وبرغم كون تلك القطاعات حيوية، فإنها لا توفر سوى فرص عمل قليلة للمواطنين.
ويقول الخبراء المصرفيون، إن المستثمرين يبدأون فعليًا في التطلع إلى قطاعات الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية والأنسجة والتصنيع، مضيفين أنها تقدم أسواقا محلية لقرابة 98 مليون شخصا تقريبا.
وفي هذا الصدد، قال محمد أبو باشا، رئيس قسم تحليل الاقتصاد الكلى في “إي إف جي هيرميس”، بنك الاستثمار الإقليمي، إن المستثمرين ينظرون في العادة إلى “الإصلاحات” على أنها تمثل خطورة، لكنه يقول إنه “لا يوجد سبب لتلك المخاوف نظرا لأن الإصلاحات المقبلة أقل في ضراوتها من تلك التي طبقت بالفعل.”