كنت أشعر أنني وحيدًا في هذه الدنيا بلا أب ولا أم ولا حتى صديق أحكى له عما يدور بداخلي فيهدأ قلبي .. كنت أشعر أن الناس من حولي كأنهم أشباح لا إحساس لهم ولا مشاعر، فلا يوجد من يمد يد المعونة والمساعدة. كنت أشعر أن جسدي قد إرتخى لا حركة فيه ولا حياة، فالحب كما قال قداسة البابا تواضروس الثاني في أحد مؤلفاته هو الطاقة التى تحرك الإنسان. فلم يكن أمامي إلا أن أضغط على السماء وكنت أثق أنها سوف تستجيب. إنها فرصة كبيرة حقا حتى أنفرد بالله الذي أحبه. ولكن ماذا لو رحل الحب؟
+عندما يرحل الحب تنقلب الموازين، فنجد مثلًا النقد يتحول إلى تجريح إذ نرى الناس في هذه الأيام يجرحون بعضهم البعض بمنتهى القسوة تحت مسمى النقد، وتناسوا أن النقد يهدف إلى الإصلاح و البناء أما التجريح فهدفه هو الهدم ونهايته الدمار وتحطيم النفوس. ومن المحزن حقًا أن التجريح طال كل طبقات الناس حتى الأشخاص أصحاب القامات الروحية العالية، فقد أصبح التجريح مثل الجراد الذي زحف على كل الأرض حتى الجبال العالية.
+وعندما يرحل الحب تتحول الصراحة إلى إهانة فنجد إنسان يحطم نفسية الآخر تحت مسمى الصراحة، وتجد شخص يقتل الآخر بكلامه ويقول هذه هي الصراحة وهي في الحقيقة ليست صراحة ولكنها إهانة.
+وعندما يرحل الحب تتحول المشاعر إلى مشاعل .. نعم تتحول المشاعر الجميلة التى خلقها الله في الإنسان إلى مشاعل تحرق الإنسان ومَن حوله، فنسمع الآن مثلًا عن الكثير من حالات الخيانة الزوجية بسبب المشاعر الخاطئة التى تحولت إلى مشاعل إحترقت بلهيبها كثير من الأسر وضاع بسببها آلاف الأطفال بدون أي ذنب فعلوه.
+وعندما يرحل الحب فإن الحلم يتحول إلى حرب فعندما يفقد الإنسان الحب في داخله فإنه يريد أن يحقق أحلامه حتى على حساب الآخرين، يريد أن يصعد ولو على جماجم الناس، حينئذ تتحول أحلام الإنسان إلى آداة حرب وقتال بينه وبين الآخرين .
+وعندما يرحل الحب لا يقبل الناس الإختلاف فيما بينهم فتظهر الكراهية والتعصب الأعمى والدمار في كيان المجتمع الواحد. وأنا لا أقصد بهذا أن يتخلى الإنسان عن مبادئه ولكني أتكلم عن ضرورة قبول ومحبة وإحترام من نختلف معهم.
+وأخيرًا عندما يرحل الحب فإن قيمة الإنسان حتمًا سوف ترحل لأن قيمته كإنسان تكمن في الحب، فالحب والإنسانية وجهان مختلفان لعملة واحدة، فإن مات الحب سوف يموت معه كل شيء.