محاصرة الـ”بيتكوين” .. هذا المصطلح الذى أطلقه عدد من المراقبين لحركة التداولات الإلكترونية، خاصة المتعلقة بالعملات الإفتراضية أو “المشفرة” فشهدت الأيام والساعات الأخيرة تصريحات من قبل عمالقة الـ”شوشيال ميديا” والمواقع الإلكترونية بقيامها بحظر نشر إعلانات الـ “بيتكوين” على صفحاتها الإلكترونية، في الوقت الذى باتت فيه هذه المواقع بمثابة المنصات التى تنطلق منها إلى ملايين المتصفحين والمتداولين حول العالم … وبالتالي باتت العملات المشفرة فى موقف لا تُحسد عليه بعد تضيق الخناق عليها سواء من المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية في العديد من الدول أو من قبل مواقع التواصل الإجتماعي.
فأعلنت شركة جوجل وهي الشركة العملاقة في مجال التصفح الإلكتروني على الإنترنت مؤخرًا إنها ستحظر نشر إعلانات العملات المشفرة منها عملة بيتكوين، على صفحاتها، وأن الشركة لن تسمح، اعتبارا من يونيو القادم بالترويج للعملات المشفرة وما يتصل بها، مثل الإتجار فيها أو بالمحفظة المالية التي تخزنها، سواء على صفحة بحث المحرك، أو على موقع يوتيوب التابع لجوجل .. ولم تعلن شركة جوجل” عن الأسباب التي دفعتها لإتخاذ هذا الإجراء، لكن خبرا رجحوا أنه بمثابة أجراء احترازي تجاه أي ثغرات قد تهدد خصوصية المستخدمين على شبكة الإنترنت .. لكن فى النهاية أنعكس قرار جوجل سلبا على قيمة العملات الإلكترونية المشفرة، فانخفضت أسعار تداولها سريعا في الساعات القليلة الماضية .
“تويتر” تحجب إعلانات العملات الإلكترونية
من جانبها أعلنت شركة “تويتر” ثانى أكبر منصات التواصل الإجتماعى على شبكة الإنترنت أ و التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لشركاتها ، أنها ستحجب الإعلانات ذات الصلة بالعملات الألكترونية إبتداء من الخميس ، وحسبما أكدت الشركة في بيانها الذى نقلته وكالة رويتر، وهي الخطوة التي تأتي بعد خطوات مشابهة من قبل منصات وسائل التواصل الإجتماعي الأخرى مثل “ريديت” في عام 2016 ، ومؤخرًا، فيسبوك وجوجل، اللذان قاما بالفعل بحظر إعلانات العملات الألكترونية.
وقالت الشركة: ” نحن ملتزمون بضمان سلامة مجتمع تويتر ، وبناءً على ذلك ، فقد أضفنا سياسة جديدة لإعلانات تويتر تتعلق بالعملات الرقمية” .. وكانت الشائعات قد انتشرت في البداية قبل أسبوع بأن تويتر قد يحظر مثل هذه الإعلانات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، بدأت الشركة في إزالة الحسابات التي تحث عن قصد على تبادل العملات الأجنبية، وانتحال صفحة شخصيات مشهورة مثل إيلون موسك ، جون مكافي، والمؤسس المشارك لعملة الأيثيريوم “فيتالك بوترين” للترويج الخادع لعملات رقمية.
كما أكدت “تويتر” فى بيانها أنه تم وضع سياسات تويتر الجديدة لتثبيط والحد من فرص الإحتيال والخداع، وسيتم حظر جميع أخبار الطرح للعملات الإلكترونية ، وكذلك التداول لجميع الحسابات، لكن سيقتصر تبادل العملات الرقمية والمحافظ الإلكترونية على الشركات العامة فقط المدرجة في أسواق الأسهم الرئيسية وهم عددهم محدود.
على الرغم من أن مواقع مثل تويتر و جوجل تتخذ موقفًا كبيراً ضد انتشار العملات الرقمية والمدفوعات الإلكترونية التي تتم من خلالها، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن حظر إعلانات العملات الرقمية في وسائل التواصل الإجتماعي قد لا يضر العملات الرقمية كثيرًا، حيث أظهر تقرير من SameWeb لتعقب حركة مرور الإنترنت ، أن أقل من 1 في المائة من حركة المرور على مواقع البورصة يأتي في الواقع من الإعلانات المدفوعة، وبدلاً من ذلك ، تستمد معظم مواقع تبادل العملات الأجنبية من زياراتها من موقع coinmarketcap.com ، الذي يتتبع أرقام القيمة السوقية وليس من الإعلانات المدفوعة.
“فيسبوك” يسبق “تويتر” فى قرار المنع
وكان موقع “فيسبوك” الأكبر في منصات التواصل الإجتماعى قد أعلن منع بثِ كل الإعلانات المرتبطة بالعملات الرقمية وقالت “فيسبوك” إنه لن يتم عرض المنتجات الإعلانية “التي ترتبط في كثير من الأحيان بممارسات ترويجية مُضلِّلة وخادعة”، وأضافت: “وعلى وجه التحديد العملات الرقمية التي تَستخدم أساليب مغرضة لجذب مستثمرين جدد”، وقال روب ليثرن، مدير المنتجات في فيسبوك: ” نريد أن يكون الناس مُطمئنين وهم يقرأون عن المنتجات والخدمات الجديدة، والتعرف عليها من خلال إعلانات فيسبوك، دون الخوف من الحيل أو الخداع”.
من جانبه حذر الدكتور محمود محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي، من المضاربة على العملات الإفتراضية باعتبارها أشبه بعمليات توظيف الأموال ، وأضاف: “بتكوين” وغيرها من العملات الافتراضية الأخرى لا تخضع لأي نوع من الرقابة والاشراف، وهناك اتجاه للبحث عما يمكن ان يكون ميزة في تلك العملات رغم رفضها واستخدام الاساس التكنولوجي الذي قامت عليه أو تطوير تقنية جديدة لإصدار عملات رقمية رسمية تتولى البنوك المركزية إصدارها، وتعتبرها جزء من السيولة أو الاصدار النقدي، موضحاً أن هناك دول بالفعل لديها خطط لإطلاق عملات من هذا النوع .
وأشارت وكالة بلومبرج الأمريكية أن المحلل هوفريختر ستيفان – رئيس قطاع الاقتصادات العالمية والتخطيط في شركة الخدمات الاستثمارية التابعة لمجموعة “آليانز” الألمانية، والتى تعد أكبر مجموعة تأمين في أوروبا – قد انضم إلى فريق من المحللين الذين يشككون في قيمة العملات الرقمية، وقد أعتبر باحثو جامعة بيتسبورج الأميركية أن هذه العملات عبارة عن “أصل بلا أي قيمة بالمقاييس التقليدية” ، في حين وصفها المحلل الاقتصادي نوريل روبيني بأنها “أكبر فقاعة في تاريخ البشرية” ، حيث قد فقدت العملة الرقمية أكثر من نصف قيمتهاعلى المستوى العالمى ، مقارنة بأعلى مستوى لها على الإطلاق، حين شارفت الـ”بيتكوين” على بلوغ مستوى 20 ألف دولار للوحدة الواحدة، منوهًا أن انفجار فقاعة العملات الرقمية مثل الـ”بيتكوين” حتمية .
الجدير بالذكر أن “بيتكوين” هي عملة رقمية تعتمد على التشفير، “عملة لا مركزية”، أي لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع إلى رقيب مثل “حكومة أو مصرف مركزي” كبقية العملات الموجودة في العالم ، ولا تملك العملات الرقمية المشفرة، رقما متسلسلا ولا تخضع لسيطرة الحكومات بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت.