كل منا يتمني أن يلتقي بقداسة البابا تواضروس.. أو أن يسلم عليه مقبلاً يد قداسته.. أو أن يصلي معه قداساً إلهياً ويتناول من يد قداسته جسد ودم السيد المسيح.. أو يحضر له عظة روحية او يسأله وجهاً لوجه ويستمع لإجاباته.. لكن أن يجتمع كل ذلك في زيارة ولقاء واحد، بل أن يقوده قداسته بنفسه في رحلة تفقدية للأعمال الانشائية الجديدة في وادي النطرون ، فلاشك أنه يوم لن ينسى من الذاكرة، وددت أن يشاركني القارئ بركاته.
وجه الدعوة قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أسرة “بنتينوس” لأساتذة الجامعات والباحثين، (وبنتيوس هو العلامة السكندري مدير مدرسة الاسكندرية في أوائل القرن الثاني الميلادي) وهي اسرة أسسها نيافة الانبا موسى ونيافة الانبا رافائيل، لتبادل الخبرات وتبني صغار الباحثين الموهوبين من الشباب علو اختلاف تخصصاتهم. وذلك للتباحث فيما يمكن أن يفيد به كنيستهم ووطنهم بعلمهم، وجاءتني الدعوة من الأستاذ الدكتور عادل توفيق مقرر الاسرة لأشاركهم هذه الزيارة .
في كنيسة التجلي بمبني “لوغوس” الجديد حضرنا القداس الإلهي الذي ترأس صلاته قداسة البابا تواضروس الثاني بمشاركة نيافة الأنبا صرابامون رئيس دير الانبا بيشوي، وفي جو الأديرة الروحاني المقدس، ألقى قداسة البابا عظة القداس عن “اهداف الصوم المقدس ”
قائلاً: “أن أول هدف للصوم هو التغيير.. مينفعش تخلصه وأنت كما أنت، فالتغيير يكون في الحياة الروحية الداخلية، والتوبة هي تغيير الاتجاه.. لازم الانسان ينظر لنفسه.. واحترس ان تقع في فخ) انت احسن من غيرك) ، الصوم فرصة ان تغير عادات وأفكار واتجاهات”
ثاني هدف للصوم هو التجديد: “تجديد القلب من الداخل.. الكيان.. قلب وأفكار مسيرة روحية”
وأضاف قداسته: “في نهاية الصوم مفروض نشعر بجدة الحياة الجديدة، وكلمة “جديد” كلمة محبوبة ومفرحة للجميع حتى أننا عندما نصف السماء في الأبدية نقول “سماء جديدة” ولذلك الصوم فرصة ليس للتجديد الروحي فقط، وإنما لتجديد النفس أيضا، ففي وسط الصوم الكبير دائما يأتي فصل الربيع الموافق 21 مارس وتؤجل الاحتفالات به لبعد الصوم ثاني يوم عيد القيامة في عيد شم النسيم الذي نخرج فيه للحدائق لنجدد حياتنا نفسياً بعد أن تجددت روحياً”
ويستطرد قداسته مؤكداً أن الصوم أهم فترة للخزين الروحي فحياة الانسان جسدياً تضعف ويحتاج ان يكون خزن في فترة الأصوام لروحانياته، وفي الصوم نبوات ومطانيات و قراءات وألحان.. وهذه الفترة من الخزين الروحي تنفعك كخزين عبر السنة، وعبرالحياه كلها..”فخلي بالك اوعي تخلص الصوم وانت كما انت .
” لوغوس”.. متحف ومجمع ومؤتمرات
بعد التناول وانتهاء القداس الإلهي شارك قداسته “اغابي” مع الأسرة، ولم يدع الفرصة لنشر عادة ترشيدية مهمة يفتقدها معظم المصريين في تناول الطعام، فقال: “هازعل قوي من اللي هايرجع اكل في طبقه ..كل واحد يحط في الطبق على أد اللي هاياكله ” .
من الرائع أن قداسة البابا لم يكلف أحداً باصطحاب ضيوفه أثناء تفقد الأعمال الجديدة بالدير، بل اصطحبهم بنفسه شارحاً وموضحًا.
يضم مبني “لوغوس” متحفاً صغيراً به نماذج من كنائس العالم كله: الكنائس الارثوذكسية، والارثوذكسية الشرقية، والكاثوليلية والبروتوستنانتية والاسقفية ، ويعبر عن الثقافات الأسيوية والأفريقية..
كما يضم “لوغوس” قاعة المجمع المقدس الذى ينعقد فيها 3 مرات في السنة، بترتيب معين للجانه وسكرتاريته, وهو مزود بأحدث الوسائل التكنولوجية، والتصويت الالكتروني، ومع ذلك احتفظ بروح وطابع الأديرة في السقف الذي اتخذ شكلا كعروق الخشب ولكنه من الفللين المطلي بلون الخشب، في قاعة فخمة تجمع بين الحداثة والاصالة الديرية .
ويضم “لوغوس” القاعة الكبري للاجتماعات، وقال قداسته: “لوغوس هدية الكنيسة الارثوذكسية إلى كنائس العالم كله.. وتعقد فيه المؤتمرات الكنسية متعددة الجنسيات و نفخر به أمام العالم كله.
وبه مبني إقامة ل100 شخص للضيافات الكبيرة، وزاررنا هنا غبطة البطريرك الكاردينال امر بشارة، الراعي بطريرك الموارنة، كاردينال النمسا ووفد أسقفي من الكنيسة الروسية، ووزيرة السياحة الأردنية .
حديقة المحبة
وفي لفتات قداسته التي تحمل دائماً مدلولاً إيجابياً رائعاً، قال: المساحات المعدة للزرع دى هاتكون حديقة المحبة والوحدة هاتتزرع فيها شجر بطريقة جديدة، كل اسقف من الخارج يزور المكان يزرع نخلة، وكل شاب يمثل كنيسة في الخارج عندما يأتي يزرع شجرة تمثل كنيسته..
ومن المقرر بنعمة الله إقامة الاسبوع العالمي الأول لشباب الكنيسة القبطية – شباب وشابات مابين 22-28 سنة من خارج مصر سيأتون وسنرتب لهم برنامجاً فيه زيارة لقناة السويس ومكتبة الاسكندرية وذلك في شهر أغسطس القادم.
العشرة مع المسيح
وجاءت الوجبة الروحية الثانية من خلال كلمة وتأمل في سفر اعمال الرسل اصحاح 17، وقبل أن يتكلم قداسته عن جوهر الموضوع وهو العشرة مع الله، شرح – وهو يخاطب أساتذة جامعيين – كيف كانت براعة معلمنا بولس في استهلال محاضرته في اريوس باغوس، واستخدام ما نعرفه الان بالعصف الذهني، ثم بدأ بالمديح قبل المكاشفة، ” ودي الشطارة كيف تدخل للاخر بهذه الصورة، كما انه مطلع على ثقافتهم، وكانت الثمرة اصطياد نفوس كثيرة، وأثينا اليوم كلها مسيحية”، ثم استطرد قداسته في الموضوع الروحي “به نحيا ونتحرك ونوجد”
شارحا ان الانسان بدون المسيح لا شئ مهما نجح، به نعطى حياه اي نولد روحيا في المعمودية وجسدياً في سر الزيجة، نتحرك أي نمارس الحياة وننمو جسدياً من خلال الصوم فنحن نصوم ١٩٦ يوماً، وثبت صحة الطعام النباتي، روحياً عن طريق الصلاة باشكالها
وعقلياً بالكتاب المقدس الذى روح وحياه فكلمة الله حية وفعالة، وينقي من الأفكار الشريرة، وأيضا ننمو اجتماعيا من خلال الخدمة التي نخرج فيها عن ذواتنا ،ونشعر بالمحبة الكاملة للآخر.
قلب مفتوح
من خلال الأسئلة والمداخلات ناقش قداسة البابا وأجاب علي العديد من الأسئلة، وحكي بعضاً من ذكريات شبابه وتطرق الحوار المفتوح إلى موضوعات كثيرة منها :
عن ذكريات مرحلته الجامعية قال قداسته: كنت من أوائل الدفعة في كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية عام 75 كان ترتيبي ال 24، ووقتها الجامعة عينت 40 معيداً وأنا بالذات لم يعينوني !!..ليه؟ الولاد عندهم جيش.. قلت: أنا معنديش جيش.. قالوا لا برضه وخلاص!! بعد التخرج عملت دراسات عليا في الهندسة الصيدلانية، وجاتلنا إعارة لليبيا انا و4 زميلات.. وكانت الاعارة لليبيا تعني “فلوس كتير”..جهزت كل أوراقي وكان باقي فقط أسافر للقاهرة واشتري التذكرة.. ذهبت إلى محطة قطار دمنهور وركبت المتجه للقاهرة وظل القطار ساعة متوقفاً، سألنا ايه السبب قالوا “لقيوا ميت في القطر”.. اعتبرتها علامة من ربنا أنى ماكملش المشوار، وفعلاً ماسافرتش وضاعت على الإعارة وكانت 4 سنوات وزمايلي رجعوا بعد اربع سنين تعبانين جدا وكانت إعارة غير موفقة وقالوا لي اكيد انت كنت عارف اللي هايحصل لنا.. قلت لهم صدقونى ولا اعرف حاجة، وبعد ذلك سافرت في منحة لانجلترا وحصلت علي زمالة الصحة العالمية بانجلترا عام 1985
+ كيف كنت تنظر لشخصية البابا؟ يرد ضاحكاً: لم أفكر أبداً أن أنظر إليه.. بالنسبة للبابا كيرلس السادس لا أذكر أننى التقيت به إلا مرة واحدة وغير متأكد منها لكن كانت اخت البابا – أبلة “شوقية” صديقة لوالدتي، وكانت مدرستى وكانت تهتم بالنظام والانضباط جداً في مدرسة الاقباط بدمنهور، وأختها أبلة “عزيزة” كانت مدرسة اختي، وتخرجت من مدرسة الاقباط بدمنهور عام 64
وبالمناسبة المدرسة دي عمرها 115 سنة وتخرج منها البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث، وانا ..انها مدرسة تخرج منها ثلاث بطاركة.. ويضحك أيضا قائلاً: أنا فاكر منظر السبورة، جنبها علبة فيها الطباشير والناحية الثانية سماعة، فكانت المديرة تتابع الفصول من خلال السماعة دي، يعنى اول مانتشاقي ونتنطط ونهيص نسمع صوت المديرة م السماعة تقول: بس ياولد، فنروح قاعدين مربعين أيدينا واحنا ساكتين وباصين للسماعة
لما دخلت أولى جامعة اترسم البابا شنودة بطركا، ولم التقي بقداسته سوى 4 مرات تقريباً، فأنا كنت مقلاً جداً في السفر للقاهرة
+اوصيت بأن توزع كل كنيسة ميزانيتها إلى 4 اقسام: 30% لإخوة الرب و 30% للانشطة الكنسية المختلفة و 30% للتعمير 10% للطوارئ ..وكل حاجة بتاخد وقت إلى أن تقبل وتطبق صح .
+ وعن بعض المعاكسات والتعطيل التي تواجهه طلبة الدراسات العليا في الجامعات المصرية قال : لابد أن نؤمن أن الله هو ضابط الكل ويدبر حياة الانسان للخير دائما ، والانسان الشاطر بيفرض نفسه، ويجد من يدافعون عنه ويطالبون بحقه، وأجمل حاجة حياة التسليم، وأيضا المحبة الحقيقية تغلب كل قوى مضادة وكل شيء لان الناس كلها جوعانة للمحبة وعندما تجدها في شخص تغلب بها .
+ عام 2018 عندنا 3 احتفالات ومناسبات مهمة : مرور 100 سنة على مدارس الاحد وكلنا اتربينا في مدارس الاحد ونعرف أهميتها بالنسبة للكنيسة، وكذلك مرور 50 سنة علي ظهور السيدة العذراء في كنيسة الزيتون ، ومرور 50 سنة على انشاء الكاتدرائية وسندشن كنيسة الانبا رويس
+ قانون الأحوال الشخصية الموحد معد وجاهز وننتظر أن تطلبه الدولة، ولا نستطيع ان نقدمه إلا عندما نجد يدا ممدودة لتأخذه
+لا يمكن ان نرد على كل ما يقال أو ينشر، ولا نستطيع ان نسكت الألسنة ولكن لنعلم جيداً أن الكنيسة الارثوذكسية ثابتة على تعاليم الإباء المستقرة بها، اما غير ذلك فهو فكر شخصي لصاحبه.
+ بصدد انشاء مكتبة مركزية كبيرة هنا في وادى النطرون نجمع فيها الكتب الكثيرة الموجودة بالأديرة ونستعين بكم في الفهرسة وستحتضن المكتبة قلاية صغيرة للبابا شنودة كان يكتب بها ويجهز فيها مقالاته وكتبه وبها كل كتبه.. ستكون المكتبة المركزية للكنيسة الأرثوذكسية وتضم ربع مليون كتاب والميكروفيلم والسيديهات والتجهيزات الحديثة ومخطوطات للدراسة ومبيتاً صغيراً لإقامة الباحث الذي يأتي للدراسة من أماكن بعيدة .