شهد الاقتصاد المصري في عام 2017 محطات إيجابية عديدة منها، القضاء علي السوق السوداء للعملة وتحقيق توازن نسبي فى أسعار صرف العملات مع تحجيم أزمة تفاقم الإنفاق المحلي والتدفقات النقدي، والعديد من الإجراءات التي مكنت الاقتصاد من بدء التعامل مع المشكلات الهيكلية للموازنة, حيث نفذت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية مجموعة من الإصلاحات، والتي أسهمت بشكل ملحوظ فى حدوث انتعاشة قوية للاقتصاد .
بالإضافة إلي ان برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي بدأت الحكومة تنفيذ محطته الرئيسية فى نوفمبر 2016 كان له بالغ الأثر فى تحول المؤشرات الاقتصادية من الانهيار إلى التعافي , وتشير المؤشرات إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الحكومة يسير فى الطريق الصحيح، حيث تضمن البرنامج إجراءات عديدة أدت إلى إعادة نمو الاقتصاد المصري، منها تحرير سعر الصرف
وكذلك تطبيق قانون الضريبة المضافة، وخفض الدعم الموجه للوقود… التدفقات الدولارية, حيث ساعد تعويم الجنيه على انتعاش التدفقات الدولارية بشكل كبير وهو ما انعكس على أرقام ميزان المدفوعات وخاصة تحويلات العاملين
بالإضافة لتحسن العجز التجاري نسبياً ،وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاع صافي الاحتياطات الدولية بنهاية نوفمبر 2017، لتسجل نحو 36.723 مليار دولار في نوفمبر الماضي، مقابل 36.703 مليار دولار في أكتوبر السابق , وبحسب البنك المركزي تراجع العجز في الميزان التجاري خلال الربع الأول من العام المالي 2017-2018، بنسبة 5%، حيث بلغ العجز في الميزان التجاري نحو 8.9 مليار دولار، مقابل عجز بلغ نحو 9.4 مليار دولار بالفترة المقارنة من العام المالي السابق
كما ارتفعت تحويلات المصريين إلى 5.97 مليار دولار خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر 2017، مقابل 4.35 مليار دولار بالفترة المقارنة من العام ,وزادت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة خلال الربع الأول من العام المالي 2017-2018 إلى 7.4 مليار دولار، مقابل 55 مليون دولار…
كما تلاشت التحديات أمام المؤشرات الإيجابية التي استطاع الاقتصاد المصري تحقيقها بنهاية العام المالي 2016/2017، بعد إصلاحات دعم الاقتصاد والتي تمثلت في:خفض دعم الطاقة… تطبيق ضريبة القيمة المضافة… إلغاء الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي، للأشخاص الاعتبارية الشركات العاملة فى استيراد السلع غير الأساسية.
أولا- سعر الصرف : تم حل أزمة العملة الأجنبية من حيث السيولة والتوافر في القنوات الرسمية بشكل كبير، حيث انكمشت السوق السوداء للعملة بشكل شبه تام ,حيث قرر البنك المركزي المصري في 3 نوفمبر 2016، تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وفقاً لآليات العرض والطلب، كما تقرر زيادة أسعار الفائدة بواقع 300 نقطة.
ثانيا – انخفاض التضخم: أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض معدل التضخم السنوي في مصر ليسجل نحو 32.9% خلال شهر سبتمبر2017، فى مقابل نحو 33.2% خلال أغسطس الماضي، ويعد معدل التضخم فى يوليو الماضي هو الأعلى فى مصر منذ 30 عاما، حيث وصل إلى 34.2% وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء.
ثالثا- ارتفاع الاحتياطي النقدي: أعلن البنك المركزي، ارتفاع حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال شهر سبتمبر الماضي بنحو 392 مليون دولار، مسجلا نحو 36.53 مليار دولار، فى مقابل نحو 36.14 مليار دولار خلال أغسطس.
رابعا- الاستثمارات الأجنبية: وفقا لبيانات وزارة المالية، فقد ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلى 13.3 مليار دولار منذ قرار التعويم، إلى جانب ارتفاع حجم استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية لتبلغ نحو 17.6 مليار دولار منذ قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى وحتى منتصف سبتمبر الماضي.
كما أن حجم صافى تدفقات المستثمرين الأجانب فى البورصة يتراوح بين نحو 7 إلى 8 مليارات جنيه منذ قرار تعويم الجنيه المصري.
خامسا- ارتفاع تحويلات المصريين من الخارج: أعلن البنك المركزي، ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة بلغت نحو 40% خلال شهر أغسطس الماضي، وسجل إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج نحو 1.7 مليار دولار خلال أغسطس الماضي، فى مقابل نحو 1.2 مليار دولار خلال شهر أغسطس 2016.
بينما ارتفع إجمالي حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج ليصل إلى نحو 16.3 مليار دولار مسجلا زيادة قدرها 2.4 مليار دولار بمعدل زيادة بلغ نحو 17.3%، وذلك خلال الفترة من نوفمبر 2016 حتى أغسطس2017، عقب قرار تعويم الجنيه المصري، مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق.
سادسا – زيادة التدفقات النقدية: ارتفع حجم التدفقات النقدية لتصل إلى 60 مليار دولار خلال سبتمبر الماضي وفقا لبيانات البنك المركزي المصري, أعلن البنك المركزي، أن حصيلة البنوك والجهاز المصرفي من النقد الأجنبي ارتفعت منذ قرار تعويم الجنيه المصري فى نوفمبر الماضي وحتى الآن إلى 52 مليار دولار.
واستطاعت الحكومة جذب طلبات من مؤسسات دولية بأكثر من 26 مليار دولار من خلال طرح السندات الدولارية فى الأسواق العالمية.. كما تستعد مصر خلال الفترة المقبلة لاستقبال تدفقات نقدية جديدة لتعزيز حجم الاحتياطي النقدي تتجاوز نحو 10 مليارات دولار.
سابعا- تراجع عجز الميزان التجاري: أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض قيمة العجز فى الميزان التجاري إلى 3.5 مليار دولار خلال شهر يوليو 2017، فى مقابل نحو 4.1 مليار دولار خلال نفس الشهر من العام السابق عليه، بنسبة انخفاض بلغت نحو14.7%.
ثامنا- استقرار الدولار استقر سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري خلال الفترة الماضية ليسجل متوسط سعر البيع فى البنوك نحو 17.69 جنيه، بينما سجل سعر الشراء نحو 17.59 جنيه، حيث وصل سعر الدولار قبل التعويم إلى 15 جنيه في السوق السوداء بينما كان في البنوك لا يجاوز 9 جنيهات، وهو ما يعني ملايين من الجنيات يومياً تخرج من القطاع الرسمي للبنوك.. كما تشير التوقعات إلى حدوث تراجع فى أسعار العملة الخضراء خلال الفترة المقبلة ليتراوح ما بين نحو 17.05 جنيه للبيع، و16.5 جنيه للشراء.
تاسعا- زيادة إيرادات السياحة ..حيث ارتفعت الإيرادات السياحية بنسبة بلغت 211.8% خلال التسعة أشهر الأولى فى 2017، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. .
وسجلت إيرادات السياحة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين نحو 5.3 مليار دولار، مقابل 1.7 مليار دولار بالعام الماضي، كما ارتفعت أعداد السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة 55.3%. بينما توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع إيرادات السياحة فى مصر خلال العام المالي 2017-2018، بنسبة 25.7%.
عاشرا- ميزان المدفوعات: وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، ارتفاع الفائض الكلي في ميزان المدفوعات خلال الربع الأول من العام المالي 2017-2018، بنسبة 168.4%، حيث بلغ فائض ميزان المدفوعات نحو 5.1 مليار دولار، مقابل فائض بنحو 1.9 مليار دولار خلال الفترة المقارنة من العام السابق.
حادي عشر- تأسيس المجلس القومي للمدفوعات حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى القرار الجمهوري رقم 89 لسنة 2017 بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات برئاسته، وتضمنت المادة الأولى، من القرار المنشور فى الجريدة الرسمية، أن ينشأ مجلس يسمى “المجلس القومي للمدفوعات” برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية “16 عضوا” للمجلس 5 اختصاصات مع عدم الإخلال بما لمجلس إدارة البنك المركزي من سلطات واختصاصات وفقاً لقانون البنك المركزي والجهاز المصري والنقد، وتمثلت هذه الاختصاصات فى:
– خفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفي ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية فى الدفع بدلاً عنه
– تطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها للحد من المخاطر المرتبطة بها من أجل خلق نظم أمنة وذات كفاءة وفاعلية , العمل على تحقيق الشمول المالي بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين فى النظام المصرفي وضم القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمى وتخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية , حماية حقوق مستخدمي نظم وخدمات الدفع , تحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها.
مبادرات لدعم الاقتصاد
– كما انطلقت عدة مبادرات مبتكرة وبناءة من أجل التيسير على صغار وكبار المستثمرين خلال عام 2017 نذكر منها :-
أولا- مبادرة ” مصــر تبــدأ ” : “مصر تبدأ” هي مبادرة جديدة لريادة الأعمال ، أطلقها السفير البريطاني فى مصر جون كاسن في 23 / 11 / 2017 ، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، المبادرة تديرها مؤسسة ” Flat 6 Labs ” وتوفر المملكة المتحدة من خلالها منحة قدرها 2 مليون جنيه إسترليني، وتهدف إلى إلهام ودعم الآلاف من رواد الأعمال المصريين من خلال عدد من خدمات دعم المشاريع، وأنشطة التوعية وبرنامج حاضنة أعمال فريد من نوعه ,وتستمر المبادرة لمدة 3 سنوات ويستفيد منها 200 شركة، ويمكن للشركات الناشئة وأصحاب الأفكار أن يتقدموا عبر الموقع الإلكتروني للمبادرة .
ثانيا-مبادرة ” فكــرتك شركتــك ” : أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي مبادرة ” فكرتك شركتك ” في 12 / 9 / 2017 ، وهى مبادرة مبتكرة لتشجيع المشروعات الناشئة وتعزيز بيئة ريادة الأعمال فى مصر، حيث يعتبر برنامج “فكرتك شركتك” أول إطلاقه لبرنامج مصر لريادة الأعمال بالشراكة مع المجموعة المالية هيرميس والبرنامج الانمائى للأمم المتحدة، وهو برنامج متكامل لتحفيز بيئة ريادة الأعمال فى مصر, وسعت وزارة الاستثمار خلال عام 2017 إلى استكمال خطوات النمو الاقتصادي المستدام من خلال تعزيز الاستثمارات الخاصة، وتوفير فرص العمل، ومواصلة تنفيذ رؤية 2030 …
– خدمة ” أسـس بنفســـك ” : أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي خدمة “أسس بنفسك” عبر الموقع الالكتروني للوزارة والهيئة العامة للاستثمار،لتسمح للمستثمر تأسيس شركته أون لاين، دون الذهاب إلى مركز خدمة المستثمرين، حيث تم إطلاق مركز اتصالات المستثمرين عبر الخط الساخن للتواصل مع المستثمر والرد على استفساراته.
توقيع عشرات الاتفاقيات
ووقعت وزارة الاستثمار خلال 2017 عشرات الاتفاقيات والتي تنوعت ما بين اتفاقيات المنح، والقروض، واتفاقيات التعاون الاقتصادي مع الصين، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، وتايلاند، وإندونيسيا، بالإضافة إلى بنك التنمية الإفريقي، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
ونجحت وزارة الاستثمار في توقيع 13 إتفاقية بإنشاء أكبر محطة طاقة شمسية، كما شهد عام 2017 إنشاء مبنى مركز خدمة المستثمرين المجهز خصيصا لتوفير الخدمات اللوجيستية للمستثمر.. وحظيت الشركات الناشئة خلال 2017 باهتمام كبير من الدولة
حيث تم إطلاق مبادرة “فكرتك شركتك” لدعم رواد الأعمال، وبالفعل تم الانتهاء من المرحلة الأولى من المبادرة، وخضع المتقدمين لبرنامج مسرع الأعمال الناشئة الذي يوفر العناصر اللازمة التي يحتاجها أي مشروع ناشئ بتمويل مبدئي يصل إلى 500 ألف جنيه.
زيارات بعثة صندوق النقد الدولي
قامت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتان إلى مصر خلال عام 2017 لإجراء المراجعة الدورية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي ،أشادت خلالها البعثة الجهود التي بذلتها مصر من أجل دفع عجلة الاقتصاد المصري وإجراء إصلاحات وصِفت بــ ” الدواء المر ” ..
– المراجعة الأولى كانت فى 30 أبريل 2017 ، وعقب الزيارة وافق المجلس التنفيذي للصندوق على صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق والتي تقدر بنحو 1.25 مليار دولار …
المراجعة الثانية كانت فى 26 أكتوبر 2017 ، وجاءت نتائج المراجعة الدورية الثانية من جانب صندوق النقد الدولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لتمثل شهادة ثقة جديدة فى صحة مسار الاقتصاد المصري ولا سيما فى ضوء العديد من المؤشرات النقدية والمالية الإيجابية التى تم رصدها فى الشهور الأخيرة، وبنهاية الزيارة توصل خبراء صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه الصندوق من خلال اتفاق بقيمة 8.597 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 12 مليار دولار)، ويخضع الاتفاق المعقود على مستوى الخبراء لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
إجراءات الحماية الاجتماعية
وبالتوازي مع إجراءات الإصلاح الاقتصادي الحاسمة وجب أن يكون هناك مراعاة للبعد الاجتماعي واتخاذ الإجراءات الحمائية وتعزيز برامج الضمان الاجتماعي لتخفيف على المواطنين ورفع العبء عن كاهلهم ، لذلك أعلن الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان 2017 عن عدة إجراءات وقرارات هي :
زيادة الدعم النقدي في الشهر للفرد على بطاقات التموين من ٢١ جنيه إلى ٥٠ جنيه بنسبة زيادة مقدارها ١٤٠٪ وبقيمة ٨٥ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة , زيادة المعاشات التأمينية بنسبة ١٥٪ وبحد أدنى قدره ١٥٠ جنيه لعدد ١٠ مليون مواطن من أرباب المعاشات وبقيمة ما يقرب من ٢٠٠ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة
بالإضافة إلي زيادة قيمة الدعم النقدي لمستحقي برنامجي تكافل وكرامة بقيمة ١٠٠ جنيه شهرياً لعدد مليون و٧٥٠ ألف مستفيد بقيمة ما يقرب من ٨،٢٥ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة ,إقرار علاوة دورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بقيمة ٧٪ وبحد أدنى ٦٥ جنيها وإقرار علاوة غلاء استثنائية قدرها ٧٪ وبحد أدنى للعلاوتين ١٣٠ جنيها
وكذلك إقرار علاوة دورية لغير المخاطبين لقانون الخدمة المدنية قدرها ١٠٪ بحد أدنى ٦٥ جنيها وكذلك علاوة غلاء استثنائية قدرها ١٠٪ وبحد أدنى للعلاوتين ١٣٠ جنيها , زيادة حد الإعفاء وإقرار نسبة خصم ضريبي للفئات من محدودي الدخل بقيمة إجمالية تبلغ من ٧ إلى ٨ مليارات جنيه , وقف العمل بضريبة الأطيان على الأراضي الزراعية لمدة ثلاث سنوات لتخفيف الأعباء الضريبية على القطاع الزراعي.