تدفق آلاف السكان الأصليين في الامازون، على مدينة بويرتو مالدونادو، بجنوب شرق البيرو، لاستقبال البابا فرنسيس، في لقاء تاريخي يأملون أن يؤدي إلى دعم البابا في مسألة الدفاع عن أراضيهم.
وقال خافيير انجانتي، الذي جلس مع أفراد قبيلته في مسرح المدينة، حيث جلس العديد من السكان الأصليين بملابسهم التقليدية: “أشعر بتأثر لرؤية البابا للمرة الأولى”. وأضاف “للمرة الأولى في التاريخ نلتقي” بين مختلف قبائل وشعوب الأمازون، حيث وصل أيضًا سكان أصليون من البرازيل وبوليفيا بحافلات وجوًا أو بحرًا عبر الأدغال.
وألقى البابا فرنسيس خطابًا دافع عن هذه الرئة الخضراء للأرض. وقال “على الأرجح لم يسبق إن كان السكان الأصليون للأمازون مهددين في أراضيهم كما هم الآن”، مبديًا أسفه “للجروح الغائرة في جسد الأمازون وشعوبها”.
كما ندد البابا فرنسيس بـ”الضغوط القوية التي تمارسها المصالح الاقتصادية الكبرى الطامعة في النفط والغاز والخشب والذهب والزراعات الأحادية الغذائية الصناعية”، وبالسياسة الحمائية لبعض الدول التي “تستولي على مساحات كبرى من الأراضي وتجعل منها وسيلة تفاوض”.
واستنكر “الاستغلال المنجمي غير القانوني” للذهب المستفحل، خصوصًا في منطقة مادري دو ديوس التي عاصمتها بويرنو مولدانادو، وآثارها المقيتة “استعباد البشر من خلال تسخير عمال والاستغلال الجنسي”. وقال “إن الصراخ الناجم عن العنف بحق مراهقين ونساء، يصل إلى السماء”.
وبعد اللقاء، قدّم خلاله السكان الاصليون استعراضات راقصة ويهدونه منتجات تقليدية، اجتمع البابا مع لجنة مصغرة تمثلهم. وقدم هؤلاء إلى البابا فرنسيس هدية رمزية تتمثل بقوس ونشاب ليدافع عنهم ويطالب بأن يستعيدوا أراضي أجدادهم التي حرموا منها.
وقاله سيزار جويايي ايريني، رئيس قبيلة “إيسي ايخا دي بالما ريال”، “نحن شعب سلبت أراضيه الاصلية”. بينما انريكي انيز، زعيم قبيلة نيوفا اوسيانا-بوكا شيبوي، فقد اعتمر تاجًا عليه باشق وعد بتقديمه هدية للبابا. وقال إن “طائر الباشق هو الذي ينبهنا إلى حدوث أمر ما”، و”البابا منتبه للشعوب” الأصلية، معربًا عن الأمل في أن يحصل السكان الأصليون على حمايته.
ويؤكد البابا فرنسيس أن هذا الحدث سيشكل بداية قوية تمهد لسينودس الأساقفة الذي سيخصص لمنطقة الأمازون الكبرى، في أكتوبر 2019، ولاسيما “سكانها المنسيون والمحرومون من افق مستقبل هادىء في اغلب الاحيان”.
وكان البابا انتقد في إحدى رسائله استغلال غابات الأمازون الذي تقوم به “مصالح اقتصادية دولية هائلة”. وأكد أن الأرض ليست مجرد سلعة اقتصادية لمجموعات السكان الأصليين “بل وأيضًا مكان دفن فيه أجدادهم ويحتاجون إلى التفاعل معه تعزيزًا لهويتهم وقيمهم”.
وستوزع هذه الرسالة التي ترجمت إلى عدد من لغات السكان الأصليين.
وتعي الكنيسة التاريخ الدامي لنشر المسيحية في اميركا اللاتينية إبان القرن السادس عشر، وتعترف بأنها لم تعامل شعوب الأمازون باحترام. لكنها تؤكد أنها تساهم اليوم في عدد من المشاريع لمساعدة شعوب الأمازون على استعادة هوياتهم.
وتشكل الأمازون 43% من مساحة اميركا الجنوبية، و20% من المياه العذبة غير المتجمدة على الكرة الارضية، و34% من الغابات العذراء التي تؤوي بين 30 و50% من الحيوانات والنباتات في العالم.
وقد توزعت هذه الرئة الخضراء على تسعة من بلدان أميركا الجنوبية الإثنى عشرة، خصوصًا البرازيل (67%) وبوليفيا (11%) والبيرو (13%). ويعيش فيها حوالى ثلاثة ملايين من السكان الاصليين الذين ينتمون الى 390 شعبًا.