الكل يعزف في سينفونية متناغمة لإنقاذ السياحة في بلدنا، سواء من قيادات الدولة أو وزيري الداخلية والخارجية ووزارة السياحة بهيئاتها ولجنتها المتخصصة في هذا الشأن ونقابة المرشدين السياحيين.. أملاً في إحياء مشروع “مسار العائلة المقدسة” وقد كللت جهود مؤسسات الدولة على جميع الأصعدة باعتماده من قبل الفاتيكان بأنه يكون ضمن برامج الحج الفاتيكاني.
مسار العائلة المقدسة هو المشروع الأهم والأصلح الأن داخل نقابة المرشدين السياحيين لإنقاذ السياحة بمصر.. وبدأ الكل في التفكير، فمنهم من خطط لاستقبال الوفود ومنهم من بادر بحضور الدورة التثقيفية التي تمت في معهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية تحت إشراف البابا تواضروس الثاني الذي دعم المشروع بكل الوثائق والامكانيات، ومن رافق الوفد الفاتيكاني في زيارته الأخيرة لبعض نقاط المسار.
و إذ نتبنى في “وطنى” إلقاء الضوء على كل الانجازات التي تتم في هذا المشروع، أجرينا حوارين الأول مع سكرتير عام نقابة المرشدين السياحيين وجيه جمال الذي بادر بفكرة إقامة دورة تثقيفية للمرشدين السياحيين في الكاتدرائية وأرسل للبابا خطاب مطالباً بذلك، والثاني مع المرشد السياحي مجدي عدلي وهو من صاحب الوفد الفاتيكاني في زيارته لمصر الأخيرة لمعرفة كواليس تطور الاستعدادات لاستقبال سياح المسار.. وإليكم الحوارين..
وجيه جمال: الدولة اتخذت كل الإجراءات لإنجاح المشروع وما يشغلني تقبل المواطنين للفكرة
حدثنا عن فكرتك لإحياء مسار العائلة المقدسة؟
أنا وجيه جمال كامل، مرشد سياحي وأعمل بالعمل العام كعمل حر من خلال جمعية أهلية أسستها من 2007 بإسم “نور الحضارة”.. وقد وجهت فكري كله أخدم مهنتي وبلدي للنهوض بالإرشاد والتنوير.. إلى أن وصلنا لصحوة المجتمع في 2011 والكل كان مستعداً للعطاء والعمل العام والكل يريد أن يغير ويبتكر، فانضم أناس كثيرون إلينا لإعلاء مجال عملنا.
كنت أنظم اجتماعاً لتوعية المرشدين السياحيين في الأوبرا بشكل أسبوعي، بعيداً عن برامج النقابة، عبارة عن محاضرات لمختلف المرشدين كنا نتبادل فيها المعلومات بشكل ثري جداً. واستمر الاجتماع سنوات عديدة وهذا العمل هو الذي أدى أن طلب مني أن أترشح في انتخابات النقابة العام الماضي.
ومن خلال الجمعية الأهلية بدأنا نعمل معاً لمعرفة مقدرات الدولة وبدأنا نركز على مشروعات مهمة منها “مسار العائلة المقدسة” وحرصنا على تقديم كل ما درسناه لقيادات الدولة فتوجهنا بعد الثورة يناير 2011 بتلك الملفات للمجلس العسكري ثم الرئيس السابق محمد مرسي ثم الرئيس السيسي.. ولسان حالنا يقول: ندرك أن لدينا كنز كبير في البلد محتاجين نشير عليكم به ونريد أن نساعدكم لتوصيله للعالم.
وأضاف الأستاذ وجيه أن المرشد السياحي بحكم عمله ومعرفته بمقدرات بلده وتعامله وأجناس مختلفة من العالم، يعرف الكثير، فعلى الرغم أننا مرت علينا فترة كبوة شديدة بدون عمل، قررنا أننا يجب أن نساعد ونساهم في توصيل رسالة وهي قيمة مصر.
كيف بدأت الفكرة لدورة المرشدين السياحيين عن مسار العائلة المقدسة؟
البداية جاءت من تتبع دقيق لفكر الدولة، فلاحظنا بوضوح أن المجهود المبذول من قبل الدولة لإحياء مسار العائلة المقدسة، فبدأت أفكر في بلورة مشروع يفيد أغلب المرشدين السياحيين المهتمين بمسار العائلة المقدسة.
وعرضت الفكرة على زملائي في مجلس النقابة واعجبوا بالفكرة وتمنوا أن يستطيعوا أن ينضموا لفريق العمل مع الكنيسة المصرية والدولة لخدمة مصر.
وتم تكليفي للعمل ومتابعة الموضوع، وبدأت بكتابة خطاب رسمي لقداسة البابا أطلب فيه أن يتيح لنا كمرشدين سياحيين فرصة حضور بعض المحاضرات تحت إشراف الكنيسة المصرية التي تتعلق بهذا المشروع. ومن هنا حول قداسة البابا هذا الجواب للدكتور إسحق إبراهيم عجبان – الأمين العام لمعهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية، والدكتور إسحق اتصل بي فور استلامه لهذا الخطاب وقال لي أن قداسة البابا رحب وكلفنا أن نساعد المرشدين في كل ما يحتاجون وسألني عما نحتاج بالتحديد.. فعرفته أننا محتاجين مزيد من المعلومات عن مسار العائلة المقدسة وما الذي يتم فيه. واجتمعنا بالدكتور سامي صبري عميد معهد الدراسات القبطية والدكتور إسحق عجبان والدكتور عادل فخري وكان معي أحد المرشدين السياحيين زميلي الأستاذ أسامة طلعت، بدأنا نتكلم معهم عن أهدافنا وما نحتاجه منهم لتحقيق تلك الأهداف، فاقتنعوا بالفكرة وتحول الموضوع من مجرد محاضرة تثقيفية تاريخية إلى سلسلة ندوات تحت مسمى “دورة تدريبية” ثم نتج عنها فكرة أن المرشدين المتدربين يحصلون على شهادة من معهد الدراسات لنكون أول دفعة مرشدين تحصل على تلك الشهادة ونكون مؤهلين للعمل بخبرة مع زائري المسار.
والدورة لم تقتصر على معلومات تاريخية عن رحلة العائلة المقدسة بل امتدت إلى الشكل المعماري للكنائس وتطويره والطراز المعماري الفريد المصري القبطي وتنوعه وأشكاله من الناحية التاريخية والهندسية والفنية والدينية. وكانت المحاضرات يومياً وتمت بنجاح وعلى وعد أن نكررها أكثر من مرة، وبالتعاون مع الأستاذ نادر جرجس منسق لجنة إحياء مسار العائلة المقدسة من وزارة السياحة وعدنا بتوفير مكان أكبر لاستيعاب عدد أكبر من المرشدين في التدريب الواحد. ونحن نعد أنفسنا لنبدأ تدريب ثانِ بعد الغطاس حتى نحقق استفادة وإفادة.
هل ثمة تعاون بين النقابة ومعهد الدراسات القبطية؟
بداية الموضوع جاء بتدبير وتوفيق من عند ربنا لكننا لم نتوقف عند هذا، بل استطعنا عمل بروتوكول بين النقابة والمعهد – وهذا البروتوكول يشمل أن المرشد السياحي يلبي أي طلب المعهد يحتاجه منه: يحاضر أو يشرح أو يترجم وهم يمدونا بالمعلومات والتدريبات أو أي شيء نحتاجه منهم. المرشد في كل مراحل حياته طالب للعلم ويحب أن يطور نفسه لذا نحن نتشوق دائما للتدريبات.
كم عدد المرشدين الذين شاركوا فيه الدورة الأولى؟ وكيفية التحاقهم بالدورة؟ وكيف تم اختيارهم؟
بعد المتابعة مع معهد الدراسات وجدنا أن القاعات لا تستوعب أكثر من 35 شخصاً في وقت واحد، فاتفقنا لعمل الدعوة لهذا العدد. وجاء دوري من الناحية التنظيمية كنقابة، فبدأت أن أعلن عن الحدث على موقع التواصل الاجتماعي ونشرت موافقة الكنيسة وتدعيم المركز في نفس المنشور ودعيت المرشدين للتقدم لتسجيل أسماءهم للتدريب.. وبدأ الزملاء يسجلون الأسماء وفي خلال 30 دقيقة كانت الأعداد اكتملت والباقي كان في قائمة الانتظار.
وكان من بين المتدربين 3 من مجلس النقابة حرصوا على المشاركة في هذا التدريب، وهذا يدل أننا ليس عندنا أحد كبير على العلم، فشارك معنا رئيس اللجنة الثقافية ونقيب المرشدين وأنا أيضا كطلاب في تلك الدورة.
وحضر هذه الدورة ناس عظماء في الإرشاد ولهم تاريخ عمل عظيم وتاريخ في الثقافة، وحتى المتخصصين في السياحة الدينية حضروا التدريب وهذا ساعدنا في تطوير أنفسنا. وبانتهاء الدورة التدريبية وتوزيع الشهادات أصبح لدينا الجيل الأول الذي اجتاز التدريب وحصل على معلومات أصقلت من قيمة ما ينقله للسياح هذا المسار.
الدكتور سامي صبري مع نقيب المرشدين السياحيين وسكرتير عام النقابة
ماذا يمثل إقبال المرشدين السياحيين العالي على هذا التدريب؟
المرشدين مصريون يقرأون المشهد في الدولة ولهم حس بالمجهود المبذول من قبل المؤسسات في هذا المشروع للعمل على ترويج هذا المسار كسياحة دينية عالمية. وكذلك رغبة المرشد الدائمة في التعلم والمعرفة، فهذا الإعلان خاطب فكرهم وغرائزهم من النهم العلمي.
وهذه سمة لدى المرشدين، ففي ملتقى الأربعاء التثقيفي الذي نواظب عليه بالنقابة، دايما تجد كل الأعمار السنية وكل القامات حاضرين مثل المرشد القدير عبد الرحمن الألفي، فعلى الرغم من التقدم في السن أو القامة أو المعرفة لكن المرشد لا يتردد لتثقيف نفسه. وحتى الشباب الذي يمارس مهنة المرشد يتكالب أيضا على تثقيف نفسه.
ماذا تقصد بالمرشد الممارس؟
منذ يناير 2011 لدينا بعض المشاكل العمالية والاقتصادية في عملنا جعلت مجموعة من المرشدين الشباب يلجأ للعمل في مكان أخر ومجال أخر، لكن بعضهم يتحين الفرصة في الرجوع إلى عمل الإرشاد فيحاول بقدر الإمكان أن يبقى على تواصل معنا ليطور نفسه، ويتابعنا.
بينما المرشد الذي استمر في عمله كمرشد ولديه المقدرة انه يستمر فلديه الوقت أكثر لحضور المحاضرات والتدريبات وعمل دراسات تثقيفية أكثر.
وهذا ما يجعلني أشكر معهد الدراسات القبطية أنه عمل المحاضرات أيام الجمعة أيضا حتى يتيح لكل من يعمل في مناطق بعيدة الفرصة للحضور في يوم عطلة رسمية. فحرصنا أن نيسر للناس الوصول إلى التدريب بعيداً عن زحام المرور وسط الأسبوع.
ماذا أضافت الدورة التدريبية للمرشد السياحي؟
المرشد السياحي لديه الأدوات الأساسية التي يعمل بها، لكن عندما تلجأ لمتخصصين في مجال معين وننتظم في محاضرات متخصصة.. مثال محاضرة تطور الفن المعماري من الدكتور سامي صبري أو محاضرة الدكتور إسحق إبراهيم عما خلفته زيارة الملكة إيجيني لمنطقة شجرة مريم أو لما عرض علينا صور لطوابع بريد تم إصدارها في أكثر من 30 دولة عن مسار العائلة المقدسة لتخليد رحلة العائلة المقدسة في مصر، ولما نتكلم عن المصادر العربية والإسلامية التي تتكلم عن رحلة العائلة المقدسة.. كل هذا كان جديد بالنسبة لنا ولم نجده في كتب أو مصادر عرفناها من قبل.. كل هذا جديد علينا نتيجة جهد وبحث تم عمله من قبل الكنيسة ومعهد الدراسات القبطية والدكاترة الأفاضل..
ولما يحاضرنا في الدورة الأستاذ نادر جرجس من قبل وزارة السياحة، عن فكر الدولة وفكر الوزارة وفكر الأمن وما هي الخطة التي يعدون لها والاحتياجات المتطلبة لهذا المشروع فبالطبع هذا شيء مفيد ويكمل لنا الصورة.
أيضا لما يتكلم معنا عن الاختلافات في الفكر، فالكاثوليك لا يعرفون كلمة “عائلة” وأحيانا يرفضونها.. لأن العائلة تعني في الأذهان أب وأم وابن، فهم يتعاملون مع هذه الرحلة على أن المسيح والسيدة العذراء هم الأساس وليس عائلة بالمفهوم الدنيوي. بينما نحن أعتدنا أن نسميها “رحلة العائلة المقدسة إلى مصر” فلما يلفت نظرنا لهذا ويحكي لنا انه تم تجاوز الاختلاف الفكري فيها، يضعنا كمرشدين في موقف تغيير أو توضيح ما سنقوله للسائح في الفترة المقبلة، ونكون حذرين في اللفظ أو عندما نقوله نشرحه للسياح الحجاج، من زاوية فكرنا وثقافاتنا المصرية.
أيضا اهتموا بنقل لنا نقطة جميلة جداً وهي أن مصر احتضنت السيد المسيح والعذراء مريم.. وأن مصر بلد الأمن والأمان – مثلما قال عنها البابا فرنسيس في رحلته لمصر. وبالتالي اجتهدنا وقت زيارته لمصر أن نحضر معه القداس الذي أقيم في الاستاد، برغم أن وفد نقابة المرشدين كان فيه مسلمين ومسيحيين غير كاثوليك إلا أننا ذهبنا كلنا كأقباط مصريين.
وفي نهاية هذا التدريب تطابقت الأهداف لدى الدولة والكنيسة والمرشدين – مسلمين ومسيحيين كأقباط مصر، أننا جميعاً لنا منظور “مصر” والدعاية لمصر والمعنى الكبير لمصر.
هل المرشدين السياحيين الذين اجتازوا الدورة هم المرشدين المعتمدين فقط لخدمة الحاج الفاتيكاني؟ وهل النقابة سيكون لها دور في ترشيح المرشدين للرحلات أم الأمر سيترك لشركات السياحة؟
المرشد السياحي يعمل من خلال التعاون مع شركات السياحة ولا يوجد من يرشحه، لكن بعلاقاته واجتهاده في عمله تطلبه الشركات للعمل مع الأفواج القادمة طرفها.
نحن كنقابة عملنا دعاية كبيرة جدا أن النقابة أعدت تلك الدورة وأن مرشدين اجتازوا تلك الدورة وكتب عن هذا الحدث الإعلام وبالتالي في مجال عملنا اتعرف الموضوع بشكل واضح ووصل لشركات السياحة. فبدأت الشركات تتصل بالنقابة لتسأل ما هو الموضوع، وقرروا أن يبدأوا عملاً تسويقياً في العالم وخصوصاً الشركات التي تتعامل مع السياحة الأسبانية وأمريكا اللاتينية لأنهم بطبعهم يحبوا رؤية الأماكن المباركة، ولما شاهدوا البابا فرنسيس حضر إلى مصر وظهر خلفه الهرم والقلعة وبرج القاهرة فعرفوا أنها مصر تكالبوا على فكرة القدوم إلى مصر.
ونحن نعد لفكرة الأن بالتعاون مع بعض النقابات المهنية لعمل ندوات وسط الشعب لتثقيفهم فيجب ان نكون مستعدين لاستقبال حجاج لمسار العائلة المقدسة. لأن بعد سنوات قليلة سيكون وسطنا حجاج بملابس خاصة بهم يمارسون حجاً مسيحياً في أرضنا فيجب توعية الشعب المصري ليفهم من هم وماذا يفعلون ونتقبل عقيدتهم ونحترمها.
ونعود لفكرة اتصال شركات السياحة بالنقابة لطلب مرشدين متخصصين خاضوا التدريب، فيتم إرسال قائمة بالمرشدين المتدربين للشركات حتى يتم الاستفادة منهم أو اختيار أحدهم بما يتناسب مع كل شركة.
ولكن من ناحية أخرى لما تكون الدولة أو الكنيسة تنظم حدث وتتصل بالنقابة لترشيح مرشد سياحي، يتم فعلاً ترشيح مرشد على مسئولية النقابة مثلما حدث وقت زيارة الوفد الفاتيكاني الأسبوع الماضي، حيث وقع الترشيح على المرشد مجدي عدلي. وباختيارنا أو ترشيحنا لهؤلاء يكون نهج ورسالة للمرشدين الأخرين أن من يتدرب يفيد ويستفيد.
كيف ترى نقابة المرشدين مشروع “مسار العائلة المقدسة” في المستقبل؟ وما هي المخاطر التي تقع عليه؟
هذا المشروع هو أحد طرق إنقاذ السياحة المصرية، مشروعنا أحسن من منجم الذهب لمصر.. فلدينا ما يقرب من 2 مليار سائح يهتمون بالرحلات الدينية على مستوى العالم من الكاثوليك وأخرين. فنوعية هذا السائح يحب الاشتراك في رحلة دير تنظمها الكنيسة.. هؤلاء ال2 مليار مصر تستهدف منهم حوالي 2 في المئة فقط.. وهذا العدد لما يأتي إلى مصر هو منجم كبير للدولة لأن هؤلاء لا يهتموا بالبحث عن فندق رخيص أو فندق غالي او طائرة رخيصة أو غالية الثمن.. هي فقط تهتم بالبرنامج وهذا ما نسعى إليه.
هذا المشروع مفيد جداً للدولة، لأنه في شكله السياسي يظهر الدولة سلمية وآمنة، ومن الناحية الاقتصادية يفتح أبواباً كثيرة من مشروع يبدأ من سيناء ويصل إلى قلب مصر حتى الصعيد وهذا سيخدم قطاعات عديدة على كل نقاط هذا المسار.. فالسائح عندما يزور الأهرامات يشتري ورقة بردي تذكار، أما السائح الحاج فيمكن أن يتبارك بكل المزارات بتذكارات.. فتقوم صناعات كثيرة في هذه المناطق لخدمة متطلبات حاج المسار. وكذلك العمالة التي ستخدم السائح بتقديم أكل وشرب وأشياء أخرى كثيرة.
السائح الديني يضع خطة لزيارة المقدسات وهو يذهب إليها تحت أي ظروف.. وهذا يؤدي إلى دعاية جيدة للدولة ويجلب دخل جديد للدولة ويجلب دخل جديد للدولة.
بعد نهاية الدورة التدريبية تجولت في مسار العائلة المقدسة وبدأت أفكر في كل مكان على حدا بمنظور مختلف، وبدأت أفكر فيما يحتاج كل مكان منهم من تطوير وماذا ينقصه من احتياجات أساسية يتطلبها السائحون، من البائع الذي سيوفر زجاجة مياه وأطعمة، ويد عاملة كثيرة جداً ستستخدم في هذا المشروع وبالتالي سيكون مردود هذا المشروع جيد جداً على هذا الشعب.
أنا اعتبر أن التفكير في احتياجات السائح هو دوري ودور كل مرشد سياحي يفهم ثقافة السائح الذي يتعامل معه منذ سنوات ودورنا أن نوصل هذه الاحتياجات والأفكار إلى الدولة. فالدولة قد تهتم بأشياء أهم مثل رصف شوارع، توصيل شبكات صرف أو خطوط كهرباء أو خطوط مياه لكننا كمرشدين نفكر في الشكل النهائي الذي سيتعامل معه السائح. فمثلاً كل مكان المفروض يكون فيه منتج مكتوب عليه اسمه وبالتالي السائح سيشتري من كل مكان هذه المقتنيات. أيضا إن كانت منطقة تشتد الحرارة بها، يمكننا أن نوفر قبعات عليها كلمة “مصر” أو إسم المكان أو شعار رحلة العائلة المقدسة ذلك سيكون مفيد للسائح ومفيد أيضا للبائع المصري. كذلك لو قدمنا شهادة صغيرة للسائح تذكر أن هذا السائح اتم رحلة الحج من وإلى تاريخ معين ويمكن ان تكون موقعة من وزير السياحة.. هذه الشهادة ستكون على جدران بيته في يوم من الأيام وسيحكي لأصدقائه عن مصر وستكون بمثابة دعاية لنا مجانية.
الدولة لن تعلن بشكل رسمي عن بداية هذا المشروع إلا عندما تتأكد أن كل الخدمات موجودة والأمن متوفر والمجتمع المصري نفسه سيتوافق فكرياً ويتقبل وجود هؤلاء الحجاج الكاثوليك من حوله.. يوجد أشياء كثيرة يجب أن تمهد حتى للسائح وهو متحرك في الشوارع، فيجب أن تكون نظيفة وممهدة ومثلا حول منطقة جبل الطير بالمنيا يوجد محاجر تؤثر على المكان.. وما يحدث في سيناء متى سينتهي حتى نتمتع بزيارة ما يقرب من 6 نقاط على مسار العائلة المقدسة.
اعتقد أن هذا كله له خطة وبرنامج منظم لدى الدولة، ولا يقلقني تدبيره لأن الدولة اتخذت كل الإجراءات والقرارات لإنجاح هذا المشروع.
أم التخوف الذي يقلقني هو أن الشعب لا يتقبل فكرة الحج بسرعة وهنا يأتي الدور الذي أحاول جاهداً المساهمة فيه.. ففكرت في فكرة تنسيق مع إحدى المحافظات لعمل ندوة للتوعية عن هذا المشروع.. المحافظة ستستضيفنا ونعمل ندوة أو مناظرة أو نتناقش مع المسئولين وكبار الموظفين بهذه المحافظة، وفي اليوم التالي تجلس مع الموظفين الكبار ورؤساء الجامعات أو المعاهد في المحافظة.. فنشرح لهم أن محافظتهم يقع فيها مزارات سياحية قيمة وقريباً جداً سيتوافد عليها سياحة والسائحون سيتعاملون بشكل معين والمطلوب منهم خطوات معينة.
اقترحت الفكرة على نقيب المعلمين ونقيبة التمريض بأننا نعمل رحلات باسم النقابات المهنية ويقال “أول فوج من النقابات الفنية يزور رحلة العائلة المقدسة”. وهنا الإعلام يسلط الضوء على تلك الزيارة فيبدأ الناس معرفة المكان وتلك الرحلات ويقدرون وجود هذه الأماكن. ولما يأتي وقت الشغل الرسمي وتهل الوفود علينا نكون قد كسرنا حاجز الشئ الجديد في كل منطقة.
هل لك توصيات من قبل النقابة؟ وهل تنوي تسليم تلك التوصيات لجهة رسمية؟
كل مرشد سياحي يتردد على مكان يسجل كل ملاحظاته من سلبيات عامة، فدائما نكتب ملاحظاتنا ونرسلها لوزارة الأثار ووزارة السياحة أو أي جهة معنية أو حتى المرشدين بيبعتوا لنقابتهم.
من المسئول باستكمال الخدمات الخاصة بنقاط المسار.. الوزارة أم الكنيسة؟
المعني هو كل المصريين، وعلى رأسهم الجهات المختصة منها: الدولة ووزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة والدير أو الكنيسة نفسها. الدير بيطور على قدر استطاعته، أما هيئة تنشيط السياحة تعرف أن وظيفتها أنها تنشط سياحة الدولة ولذا جزء كبير من ميزانيتها مجند لمثل هذه المشروعات حتى تحقق هدفها.
وانا كمرشد سياحي لاحظت شيء جميل وهو أن المنتج المطور أو المضاف على المكان أحياناً يكتب عليه “إهداء من هيئة تنشيط السياحة” أو “اهداء من وزارة السياحة” وهذه الجملة البسيطة عندما يقرأها السائح يشعر أن الدولة تهتم به وتتعاون مع المكان – سواء دير أو كنيسة أو أي أثر، للعمل على راحة هذا السائح.
بالنسبة لمشروع مسار العائلة المقدسة.. هل ترى أن الدولة على الطريق السليم هذه المرة؟
أنا متأكد الدولة هذه المرة كلها إصرار على إحياء هذا المسار وإحياء هذا المشروع والعمل عليه وتذليل كل العقبات التي تقابله. ونرى هذا يحدث بالفعل، فرئيس الجمهورية نفسه مهتم بالمشروع وتصدير للعالم كله الجانب الإنساني في مصر والأمن والأمان بها.
وأنهى معنا سكرتير عام نقابة المرشدين السياحيين الأستاذ وجيه جمال حواره وعينيه تبرق وتلمع من الفرح على إعادة إحياء هذا المشروع وإخراجه إلى النور متمنياً من الله التوفيق لمصر.
لمتابعة الحوار الثاني مع المرشد السياحي مجدي عدلي إضغط على الرابط التالي:
“وطني” في مطبخ الإعداد لاستقبال سياح مسار العائلة المقدسة (2)